مدارات
مصطفى الحسام التنمية بمفهومها الشامل .. هدف كافة المجتمعات والدول المتقدمة والمتخلفة ويعمل الجميع دون استثناء وباستمرار من أجل بلوغها بل تصنع المجتمعات لنفسها خطوطا حمراء قد تكون ذاتية أو قانونية لا يسمح بتجاوزها خوفاً من تضرر مصالحها ومصالح أجيالها التي تتضاعف وتكبر باستمرار وإطراد التنمية ومن أجل التنمية وضعت القوانين ورسمت الخطط والاستراتيجيات وأوجدت مواثيق الشرف وأخلاقيات المهن (لأن التنمية تعني المستقبل الافضل للجميع) وهو ما يبرهن أن شعار البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية لم يكن عبثياً بل يحمل ًمدلولا تنموياً شاملاً وهو ما يفرض على كل القوى الحية أن تعمل صوب ذلك وخاصة وسائل الاعلام المختلفة والتي أصبحت من أهم وسائل تسويق الخطط والبرامج التنموية لدى المجتمع ويعول عليها في خلق شراكة حقيقية ومتكاملة بين الحكومة والمجتمع .لكن تلك الشراكة تكاد تكون معدومة حالياً لأن المجتمع اليمني ما زال بعيداً عن فهم دوره الحقيقي في عملية التنمية وهو ما يكشف عن خلل وشرخ كبيرين في الرسالة الاعلامية التي عجزت حتى الآن على خلق ثقافة تنموية لدى الكثير من العامة الذين لا يعرفون دورهم المساند والمتكامل مع دور الحكومة لتحقيق التنمية رغم إن المجتمع اليمني أكثر تأثراً واستجابة للرسائل الاعلامية الهادفة .ونطرح هنا سؤال .. ما هي السياسية الاعلامية التي وضعت لوسائل الاعلام الرسمية لدعم خطط وبرامج التنمية للحكومة ؟قد تكون هناك سياسات كما يفترض .. لكن المتابع العادي يكتشف غير ذلك أو أنها لا تترجم بشكل صحيح من خلال المواد الاعلامية في وسائل الاعلام الحكومية .. لأننا نلاحظ أن الزخم الذي تتعامل بها وسائل الاعلام مع قرارات الدولة والحكومة من أجل التنمية والاصلاح يكون وقتياً كما أنها لا تعكس ذلك الاهتمام في بقية موادها الاعلامية الاخرى بل إن بعض الوسائل تذهب الى نشر مواد تشكك في جدية الخطوات الحكومية صوب ذلك وقد يكون هذا من منطلق استغلال الحرية الاعلامية دون الادراك أنها تمارس نقداً هداماً ومضراً بالمصالح والأمن الاجتماعي كما أن إبراز الجهود والتوجهات الحكومية صوب التنمية يأتي لمجرد الابراز فقط .. لا أخذ تلك الجهود كسياسة يجب مواكبتها وتوجيه رسائل إعلامية مساندة لها وتحشد الرأي العام حولها .وينبغي معرفة حقيقة مفادها أن وسائل الاعلام ما زالت الاداة الفاعلة في دعم برامج وخطط التنمية في البلدان المتقدمة وتسويق المشاريع والخطط الاستراتيجية لتلك الدول ، ومن المفترض أن يكون دور وسائل الاعلام مضاعفاً بل مسخراً كل إمكانياته في الدول النامية لدعم جهود التنمية فما بالنا نحن في اليمن ونحن من الدول الاقل نمواً .وإجمالاً فإن المسؤولية الأولى التي تقع على عاتق الاعلام هي توعية أفراد المجتمع ليقوموا بالتالي بدورهم تجاه أنفسهم والمجتمع بشكل عام لأن وسائل الاعلام أصبحت تصل وتخاطب كل الشرائح وتؤثر بشكل مباشر في الاتجاهات والسلوك بل هي الوسيلة المثلى لمواجهة التحديات والمعوقات مهما كبر حجمها .من خلال ما سبق نكتشف مدى حاجتنا الى وضع أسس ومعايير للمعلومات الموجهة الى المجتمع اليمني وتفعيل دور ومسئولية الاعلام تجاه التنمية من خلال تزويد المجتمع بأكبر قدر من الحقائق والمعلومات الدقيقة التي يمكن أن تعزز وتصوب مسارات وجهود التنمية وبقدر نوعية وجودة تلك المعلومات بقدر ما تساهم في خدمة أهداف التنمية .وهوما يقتضي على وسائل الاعلام اليمنية مراعاة الآتي :-1 تحديد مدى أهمية المادة الاعلامية الاقتصادية على ضوء فائدتها في تعزيز جهود التنمية .-2 تقيد الوسائل الاعلامية بخط إعلامي تنموي يخلق ثقافة وشراكة بين المجتمع والحكومة والقطاع الخاص .-3 الإلتزام بالوحدة الموضوعية للرسالة الاعلامية لكل وسيلة .-4 تحسين أساليب وطرق توجيه الرسائل الاعلامية باستمرار .-5 تحديد مضمون وشكل الرسالة وفقاً للشريحة المستهدفة .ومن أجل أن تؤتي الوسائل الاعلامية الحكومية ثمارها في جانب التنمية فلابد من وضع آليات وأسس عمل تنطلق منها وسائل الاعلام في توجيه رسائلها الهادفة المباشرة وغير المباشرة وتتجاوز العمل السطحي وتبقي الاعلام التنموي حياً ومتفاعلاً وأكثر تأثيراً فلابد من الآتي :-1 وجود سياسة إعلامية تستوعب المرحلة الحالية والخطط الاستراتيجية للتنمية في اليمن وعكسها في رسائل إعلامية بشكل يخلق رأي عام يعي خطوات وجهود الحكومة من أجل التنمية ويدرك التحديات والعراقيل والصعوبات التي تعترضها وإشراك المواطن في مواجهة تلك العراقيل مع الحكومة بدلاً أن يضاف الى قائمة مشاكل وأعباء الحكومة .-2 قيام قيادات المؤسسات الاعلامية الرسمية بوضع تصورات العمل في مؤسساتهم تجاه التنمية .-3 إعداد وتأهيل الكوادر الاعلامية العاملة في المجال الاقتصادي للعمل وفق أجندة تنموية واستخدام لغة وطرق جذابة في عرض المواضيع والقضايا الاقتصادية والتنموية .-4 توفير المعلومات الكافية لوسائل الاعلام حول مختلف الجوانب الاقتصادية وتوطيد العلاقة بين المؤسسات الاعلامية ومختلف الجهات الاقتصادية الرسمية وغيرها .-5 ضرورة تشكيل وحدات عمل في كل مؤسسة اعلامية تعني بمتابعة ورصد عملية التنمية وتمتين السلوكيات الاجتماعية والاقتصادية المعززة لدور التنمية وتوجيه سلوك المواطنين وحثهم على تحمل مسؤولياتهم في مجالات البناء والتنمية بالاضافة الى تسويق الخطط والبرامج وتكون هذه الوحدات تحت إشراف مباشر لقيادات المؤسسات الاعلامية حتى تنسجم في عملها مع بقية القطاعات الاعلامية للمؤسسة .-6 إستخدام الوسائل العلمية في قياس الأثر للرسائل الاعلامية في أوساط العامة لمعرفة جوانب النجاح والقصور وتعديل الخطط الاعلامية وفقاً لذلك .ولا بد من التأكيد على أهمية التنسيق والتكامل بين الاجهزة الاعلامية المختلفة وبين الجهات الرسمية والمدنية التي تعني بالتنمية بالاضافة الى تشجيع المؤسسات والجمعيات والاتحادات الأهلية والمدنية في رفع مستوى الوعي لدى المواطنين بالقضايا الانمائية وحثهم على المشاركة في حلها وذلك بعد أن تكون وسائل الاعلام قد مهدت لهم الطريق في هذا الاتجاه.كما لا بد من الاشارة الى أن العمل الممنهج لوسائل الاعلام اليمنية ليس من شأنه إشراك المواطن في قضايا التنمية فقط بل من شأنه أيضاً أن يعيد التفكير في الرسالة والهدف الاعلامي بشكل عام ويساعد وسائل الاعلام على تجاوز القضايا والافكار التي لا تمت الى اهتمامات المجتمع وبرامج الحكومة بصلة ويشغل المجتمع عن قضايا وتحديات التنمية الاقتصادية والبشرية والاجتماعية والثقافية والسياسية ..وهو ما يزيد من التأكيد على ضرورة مشاركة الجميع في جهود التنمية وخصوصاً وسائل الاعلام التي يجب أن تضطلع بمسؤليتها الكاملة لأن التحديات التي تقف على طريق التنمية أمامنا كبيرة ولا تحتمل الانكفاء أو الانحسار أو التهاون ..