حدث وحديث
فايز عبد الجوادالعام 2008م بدأ يلملم أطرافه استعداداً للرحيل منبئاً بقدوم عام جديد لا ندري ماذا يحمل لنا معه من مفاجآت ولا ندري إن كان العام 2008م سوف يحمل معه إلى اللاعودة فسيفساء الأسود في غزة وإن كان العام الجديد يأتي حاملاً معه ماء زلالاً يغسل قلوب الغزيين التي أدماها الظلم الذي أثقل كاهلهم أو يأتي بضياء تفتح أبواب الأمل لهم .. ولكن الذي نعلمه جيداً ولا يعلمه الكثير في ظل الضوضاء الفضائية التي تجيد الترويج لما لا يمت للحقيقة بصلة والتي تجيد فبركة الكذب ليصبح حقيقة يزورون بها عقول البشر ويشوهون أحاسيسهم ومدركاتهم .. الذي نعلمه عن قطاع غزة لا يمكن لمن عهد هذا القطاع الشريط الساحلي بين الصحراء والبحر والذي لا يتجاوز الـ (362) كم المسكون بمليون ونصف المليون فلسطيني والذي ظل صامداً وانتصر على كل أوجه الاحتلالات البغيضة وكان وقوداً وخزاناً بشرياً لأطول ثورة عرفها التاريخ, هذا القطاع الذي تغنى بصموده الشعراء لا يمكن أن يصدق بأنه بات رهينة لأبشع قرصنة عرفها التاريخ ويمعن أولئك القراصنة في إذلاله حتى بات أهله مثار شفقة لكل من يشاهد معاناتهم عبر شاشات التلفزة وهم يتحايلون على ظروفهم من أجل البقاء وأكثر ما يصدر عنهم في ظل هذه الحالة الخارقة من العذاب هو مصمصة شفاههم وشيء من التوتر ثم الغرق في حالة من الاسترخاء واللاوعي المعهود عن هذه الأمة.إن الذي نعلمه من الحقيقة أن غزة تجوع اليوم بأيدي قراصنة يرفعون شعارات لها بريق زائف اسمه المقاومة التي باعوها أول مرة مقابل ضمان بقائهم .. ثم ألقوا بها وباعوها مرة أخرى مقابل رغيف خبز ليضمنوا أيضاً بقاءهم لقد سهلوا للاحتلال الإسرائيلي الذي عجز مراراً عن تركيع غزة طيلة الستين عاماً وأكثر سهلوا للاحتلال تجويعها وإذلالها وسحقها متستراً بشعارهم ذي البريق الزائف.الذي نعلمه من الحقيقة إن أهل غزة باتوا مسسجين بأسيجة الخوف من الآتي .. من ظلمة الليل التي يذبحون فيها بأيدي القراصنة أهالي غزة كُمت أفواههم حتى عن كلمة أخ كتعبير عن الألم من جراحهم النازفة أو آلام أمعائهم الخاوية لم يعد بمقدورهم قولها, هم مستباحون لصوت جلاديهم من القراصنة وعيونهم التي ترصد سكناتهم وحركاتهم تتوعدهم بالويل والثبور.وهل تصدقوا حتى بيوتهم باتت نهباً لإنفاق أولئك القراصنة دون علمهم ومن يعلم يهدد بالموت بفتاوى الخيانة والخروج عن الملة هذه هي شيء من الحقيقة الغائبة التي أوجدتها ظاهرة القرصنة التي تجسدت أبشع صورها في غزة اليوم في كنف مقاومة صيغت على صفحات أجندات إقليمية بشعة.