الغلاء وارتفاع الأسعار مشكلة أم وهم؟!
تحقيق/ أثمار هاشمأصبح من النادر جداً أن تستمع لحوار بين شخصين أو أكثر إلا ويأتي ذكر الغلاء وارتفاع الأسعار اللذين تحولا إلى غول يفترس مرتبات الموظفين البسطاء ومع هذا فإن مجتمعنا اليمني مليء بالتناقضات ففي الوقت الذي يشكو الناس من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم قدرتهم على تلبية كافة احتياجات أسرهم عدا الضروريات منها نجد أن أسواقنا ومحلاتنا التجارية وحتى أسواق القات تعج بالمشترين فكيف يكون ذلك؟! سؤال طرحناه على بعض الأشخاص لنستطلع آراءهم علنا بذلك نجد إجابات للأسئلة التي تدور في مخيلتنا فكانت إجابات المواطنين كالتالي:[c1]ينهشون لحمنا[/c]الأخ أبو مصعب أبدى رأيه عن ارتفاع الأسعار قائلاً:نحن في اليمن نعاني من غلاء فاحش جداً صحيح أن البعض منا كموظفين يستلم إلى جانب راتبه اضافياً ولكن ذلك أصبح غير كافٍ لسد وبالتالي كان بإمكانها (الدولة) أن تدعم السلع الأساسية حتى يتمكن المواطن من العيش في مأمن من الغلاء وللآسف الشديد اتخذت الدولة من إقبال الناس على الشراء حجة للقول بأن المواطن اليمني لا يعاني من الغلاء بينما في حقيقة الأمر عندما يذهب المرء إلى سوق القات يكون مدفوعاً باليأس فليس هناك عمل بعد التخرج ينتظره وهو ما يجعله يشعر بالإحباط من عدم مقدرته على توفير بيت وتكوين أسرة لذا فإنه قد يقبل أي عمل مهين للحصول على ثمن القات الذي ينسيه همومه كما أن عدم وجود أماكن للرياضة والسباحة والترفيه هي التي تدفع الشباب لتعاطي القات بعد أن تحولت الملاعب إلى محلات تجارية.[c1]شراء الضروريات[/c]مواطنة تحفظت عن ذكر اسمها قالت:هناك ارتفاع كبير في الأسعار ومع ذلك نحن مضطرون لشراء الأشياء الضرورية وإلا ماذا نعمل !! هل نمتنع عن تناول الطعام؟ لقد أصبحنا نجد صعوبة في الحصول على الضروريات من قوت يومنا فعلى سبيل المثال مدينة عدن التي كان يتوافر فيها السمك بكثرة وبأسعار مناسبة للجميع ارتفع سعره كثيراً حتى أننا أصبحنا عاجزين عن شرائه.[c1]مسؤولية الدولة والمواطن[/c]الأخ/ أبو عمار قال:وجود الغلاء حقيقة لا مفر منها حتى أن هناك كثيراً من موظفي الدولة أصبحت الديون لا تفارقهم وأصبح بعضهم يشتري أشياء بأسعار مخفضة ويقوم ببيعها فوراً للحصول على سيولة ينفقها في سوق القات لذا أرى بأن على الدولة ان تقوم بوضع ضوابط وإجراءات كاملة للتجار للحد من ارتفاع الأسعار عن طريق دعمها لبعض السلع ومراقبتها للتجار فأنا كموظف في وزارة التجارة والتموين أقول انه لا توجد لدينا أي صلاحية لمراقبة الأسعار بعد ان انتهت القوانين التي كانت في ذلك الاتجاه وعليه يصبح على الدولة ان تتحمل الجزء الأكبر من هذه المشكلة كما ان على المواطن ايضاً ان يتحمل جزءاً من هذه المشكلة لإقباله على شراء الكماليات بشكل مبالغ فيه وبالتالي ضياع الجزء الأكبر من راتبه على أشياء لا تعود بالنفع عليه او على أفراد أسرته.[c1]مراعاة غير القادرين[/c]الأخ/ عبدالله احمد تحدث إلينا:صحيح ان هناك ارتفاعاً عالمياً للأسعار لكن لابد ان تكون لدى الدولة إستراتيجية تقوم بتطبيقها لمواجهة هذا الغلاء عن طريق دعمها لبعض المواد الغذائية الأساسية مثل القمح، الأرز السكر والحليب وذلك لمراعاة ظروف الناس وصحيح ان هناك اشخاصاً يشترون القات يومياً فيما تذهب عوائلهم للتبضع بشكل مستمر لكن هناك ايضاً أناس غير قادرين على ان يحصلوا على الضروريات وهؤلاء هم بالفعل من سيستفيدون من دعم الدولة للمواد الغذائية الأساسية.[c1]نعاني من الغلاء[/c]أما الأخت/ سيناء سعيد فقالت:نحن نعاني من ارتفاع الأسعار كثيراً فلقد وصل سعر(الجونية)الأرز إلى (15) ألف ريال ومع هذا فنحن مضطرون للشراء وليس بيدنا حيلة أمام ذلك لقد دفعنا الغلاء لأكل أشياء لم نكن نقبل بأكلها قبلاً مستغربة في ذات الوقت إقبال البعض على شراء الكماليات من ملابس وأدوات منزلية وغيرها بكثرة مرجعة السبب في انه قد يكون لديهم مصدر دخل آخر يمكنهم من الشراء.[c1]حياة كريمة[/c]فيما كان للأخ/ أمين هاشم رأي حول الغلاء:من المؤكد إننا نعاني من ارتفاع الأسعار فالموظف البسيط أصبح غير قادر على شراء كل ما يريده فهو بالكاد يكفي احتياجاته اليومية من القوت وأضاف أنا كموظف أتمنى ان أعيش حياة كريمة ومستور الحال ولا أريد أكثر من ذلك فهذا ابسط حق من حقوقي ولكنه للآسف الشديد وفي ظل الظروف الحالية أصبح صعب التحقيق فالذين يتبضعون في الأسواق التجارية إما عوائل مدراء العموم أو إنهم يحصلون على دعم مادي من أقاربهم الذين يعيشون في الخارج.[c1]العيش في بؤس[/c]الأخ/ أحمد عبدالغني قال:أصبح كثير من الموظفين يأخذون إلى جانب رواتبهم ديوناً لأن تفكيرهم بات منحصراً في كيفية عيش يومهم دون التفكير بالغد وعن إقبال الناس على شراء القات قال: أن القات مثل السحر فالإنسان يعجز عن توفير احتياجات أسرته فيما يكون قادراً على توفير القات يومياً ولا ندرك السبب في ذلك فالناس أصبحت تعيش في حالة بؤس وهناك ايضاً السلف والدين الذي أصبح جزءاً من حياة الموظف كما أن هناك كثيراً من الناس اصبحو يتسولون عند أشارات المرور والعيادات لأجل القات فيما آخرون تعودوا على نمط عيش معين يرفضون تغييره مسايرة للواقع.[c1]التقسيط سهل الأشياء[/c]الأخت افتكار ثابت أوضحت رأيها قائلة:هناك غلاء وهذا أمر واقع لا يمكننا إنكاره وبالنسبة للضروريات مثل الغذاء فالناس مضطرون لشرائه حتى لو ارتفع سعره إلا أن هناك أشياء أخرى مثل الكهربائيات فإن نظام التقسيط فرج على كثير من الناس كما أن انفتاح السوق أمام كافة المنتجات ووجود مشاريع كثيرة أخذة بالتزايد يوماً بعد آخر جعلت التجار يدركون عدم قدرة الناس على الشراء والدفع مقدماً وبدؤوا بعمل التقسيط وأضافت قائلة هناك ناس مقصرون في واجباتهم الأسرية لشراء القات الذي أصبح مسيطراً على تفكيرهم أكثر من أي شيء آخر الأمر الذي دفع تجار القات إلى البيع ايضاً بالتقسيط مما يعني أن التقسيط سهل على الناس أشياء كثيرة.الأخ/ سالم قال:على الرغم من وجود الغلاء فإن هناك أناساً مبذرين يقومون بشراء أشياء تافهة لا يحتاجون إليها فيما آخرون يعجزون عن توفير لقمة العيش لأسرهم.[c1]القات لعنة حلت بنا[/c]الأخ/ عبدالكريم الخوربي قال:الغلاء ظاهرة عالمية وعلى الإنسان أن يسعى لتوفير الأساسيات فيما الكماليات يمكن للإنسان الاستغناء عنها ومن وجهة نظري الشخصية فإني اعتبر القات اللعنة الرئيسية التي حلت على الشعب اليمني وعلى الكسب اليومي له الذي أصبح ينفق عليه ما يقارب 80 % من كسبه اليومي أي أكثر مما ينفقه على أسرته بسبب الجهل وعدم التفكير الصائب كذلك فإن غياب الأماكن الترفيهية تدفع الأشخاص في مجتمعنا اليمني لتعاطي القات والعيش في عالم آخر فمقايل القات أصبحت هي المكان الوحيد الذي يمكن للإنسان ان يلتقي فيه بالآخرين ويتخاطب معهم والافإنه قد يشعر بالوحدة.[c1]عوامل ضاغطة خارجية[/c]د. جمال سرور تحدث قائلاً:الغلاء ليس محلياً فقط وإنما هو عالمي كما ان الظروف المحلية ليست مؤثرة بدرجة رئيسية في هذا الغلاء فالضرائب عندنا منخفضة وكذا الرسوم الجمركية مقارنة ببقية الدول كذلك فإن أسواقنا مليئة بالسلع المحلية والمستوردة كما ان القوة الشرائية نمت بشكل لابأس به فهناك قدرات شرائية مركزة من قبل بعض الشباب او الأسر أفضل من الآخر كذلك هناك قدرات خاصة لبعض المغتربين لكن حتى هذه اللحظة نستطيع ان نقول ان اليمن بخير فهناك توافق ولو نسبي بين القوة الشرائية وماهو معروض من السلع وبين عامل التضخم فمازالت الدولة مسيطرة على توازن سعر العملة الأجنبية أمام المحلية وعلينا ألا نغفل ايضاً ان هناك عوامل ضاغطة خارجية تعمل الدولة على كبح جماحها مثل التضخم الخارجي الذي يصدر إلى المحلي فالدولار ينخفض في عقر داره فالأسعار التي كنا نشتري بها البضائع من الخارج ارتفعت ما يعني انخفاض القوة الشرائية للدولار عند الدولة المصدرة وهذا ينعكس علينا كتضخم مستورد ولكن كمعاملات تضخم فإنها مازالت في حدود المعقول ومازال هناك أمل بأن تتغير الأسعار عالمياً نحو الأفضل ايضاً الدولة متجهة نحو زراعة القمح لحدود الاكتفاء المحلي ولها طموحات في التصدير خاصة وانه لدينا صادرات لابأس بها من الأسماك والمواد الزراعية كما أن الدولة بمقدورها إيجاد توازن بين العرض والطلب وبين الصادرات والواردات إلى حد معقول لذا فإن الآمال معقودة على خطط الدولة صحيح أن هناك تلاعباً في الأسعار من قبل القطاع الخاص وكذا ضعف الرقابة السعرية على السوق المحلية ولكن في حالة وجود توازن بين العرض والطلب فإن هذا من شأنه أن يسهم في استقرار الأسعار.[c1]الصناعة تلعب دوراً كبيراً[/c]ولمعرفة الدور الذي يقوم به مكتب وزارة التجارة والصناعة (عدن) في مراقبة الأسعار التقينا الأخ/ فضل احمد صويلح -مدير إدارة الرقابة التموينية - الذي قال:أنا أرى بأن مكتب وزارة الصناعة والتجارية في محافظة عدن يلعب دوراً كبيراً في مراقبة الأسواق ورصد حركة الأسعار وإلزام أصحاب المحلات التجارية بتطبيق القرارات الوزارية منها قرار مجلس الوزراء رقم(21) لسنة2007م بشأن لائحة مخالفة العرض والأسعار السعري وقرار وزير الصناعة والتجارة رقم(66) لسنة 2007م بشأن تحديث آلية عرض وتحديد أسعار السلع وكذا قانون التجارة الداخلية رقم(5) لسنة 2007م المتعلق بالأسعار حيث إنها تحدد وفقاً لآلية السوق وحرية المنافسة مما يعني ان التجار هم الذين يحددون السعر وبالتالي خلق التنافس فيما بينهم لأنه كلما وجدت المنافسة كانت الأسعار في صالح المستهلك ومع هذا فإننا لا يمكن ان نغفل عن الارتفاع العالمي للأسعار ونحن في مكتب وزارة الصناعة والتجارة نقوم بعملنا ونحاول قدر المستطاع إلزام التاجر بوضع قائمة لأسعار السلع من قبله هو فنحن ليس لدينا سعر جبري يمكن أن تلزم به التاجر كما إننا ملتزمون بالقانون في هذا الجانب ونقوم بإحالة المخالفين للنيابة فلقد أحلنا خلال شهر ابريل (49) مخالفة للنيابة فيما في شهر مايو وحتى 26 /5 / 2008م أحلنا(48) مخالفة للنيابة.وأضاف قائلاً: نحن من خلال وجودنا بالميدان عبر مكاتبنا بالمديريات نقوم برصد حركة الأسعار ولا اعتقد بأن احداً له مصلحة في رفع الأسعار من تلقاء نفسه لأنه إذا قام احد التجار بذلك يدرك بأن له منافسين سيبيعون بسعر اقل منه وحول رفع الدولة لدعمها عن المواد الغذائية الأساسية أوضح بأنه عندما كانت الدولة تقوم بدعم بعض السلع وجدت بأن تلك السلع لم تكن تذهب لصالح المستهلك وإنما لحساب عناصر معينة وبالتالي تم إلغاء الدعم عن تلك السلع وفتح المجال أمام عدد كبير من التجار لخلق التنافس المشروع والقضاء على الاحتكار وعن السبب الذي يدفع التجار لرفع الأسعار قبل أي زيادة في مرتبات الموظفين يرى الأخ/ فضل صويحلي بأن ذلك مجرد صدفة ليس أكثر وان الجميع يعاني من الغلاء وارتفاع الأسعار في مختلف أنحاء العالم وليس في اليمن فقط.[c1]التعليمات[/c]الاخ/ باسل سعيد صالح مفتش تموين في مكتب وزارة الصناعة والتجارة عدن قال:تقتضي طبيعة عملي بمراقبة الأسعار والتوالف والنزول للمحلات والمطاعم لمعرفة الأسعار فيهم فكل محل او تاجر له سعر يتعامل به ونحن لا نستطيع ان نحكم السوق وأنا كموظف اتبع التعليمات التي تصدر لي في النزول وحقيقة هناك بعض التجار يستجيبون لنا عندما نوجههم بضرورة خفض أسعارهم ولكن بشكل عام فإن هذه المسألة تعود بدرجة رئيسية لضمير كل تاجر وعن المشاكل التي يواجهها في عمله أكد ان أهم مشكلة يعاني منها هي عدم وجود بطاقة عمل توضح طبيعة عمله ليبرزها أثناء نزوله في المحلات والتي تضعه في موقف محرج أمام أصحاب المحلات الذين يطلبون منه تسوية وضعه قبل التحدث إليهم وعن معاناتهم مع الغلاء قال: أنا مواطن أعيش مثل باقي الناس وأعاني من الغلاء مثلهم ولكن ليس بيدي شيء فأنا مثلاً منذ شهرين لم تصدر لي أي تعليمات جديدة للنزول الميداني فأنا مجرد منفذ للتعليمات فقط ولكن اعتقد انه إذا كان هناك قانون يلزم فإن الجميع سيعمل به.[c1]لا نحصل على فائدة[/c]الأخ/ فكري صالح محسن- تاجر جملة تحدث إلينا:أنا اعمل في تجارة الجملة منذ عام (1999م) ونحن ندرك جيداً بأن هناك ارتفاعاً بالأسعار ولكننا نحن ايضاً لا نحصل على فائدة كبيرة من ارتفاع الأسعار فمثلاً من بضاعة ثمنها (13) ألف ريال تكون فائدتنا (50) ريالاً فقط.وأضاف قائلاً: اعتقد بأن الدولة والتجار المستوردين هم المسؤولون عن الزيادة في الأسعار وليس نحن تجار الجملة. وتدخل احد الموجودين وقال نحن تجار الجملة نعتبر أنفسنا مجرد عمال لدى المستوردين بل ان ما نحصل عليه من فائدة في بعض الأحيان لا يكفي لتسديد إيجار المحل ودفع فواتير الماء والكهرباء بل يمكن القول ان ارتفاع الأسعار اضر بنا كثيراً وقلل من إقبال الناس على الشراء وبالتالي أصبحنا نعاني من ركود في العمل.[c1]الارتفاع مستمر[/c]الأخ/ مصطفى حسين سالم- تاجر تجزئة أبدى رأيه قائلاً:نحن نعمل في تجارة التجزئة منذ حوالي عشر سنوات، صحيح ان هناك ارتفاعاً عالمياً في الأسعار كما يقولون إلا ان الزيادة الحاصلة في الأسعار لدينا لا تتناسب اطلاقاً مع دخل المواطنين فهي ترتفع يومياً ولا اعرف من السبب وراءها؟ هل هي الدولة أم التجار المستوردون وأقول بصراحة من خلال تعاملي مع الناس فلقد قل شراؤهم لها إلى النصف وهناك أشخاص كانوا يشترون نقداً او من تجار الجملة ولكن مع ارتفاع الأسعار أصبحوا يشترون بالآجل وأضاف قائلاً: لقد قلت كثيراً عملية البيع والشراء ولكن إذا تم خفض الأسعار فإن ذلك من شأنه أن يعمل على إعادة القوة الشرائية للمواطنين إلى السابق ولكننا نحن كتجار تجزئة محكومون اولاً وآخراً بالأسعار التي نشتري بها من التجار المستوردين.