المنامة / وكالات :في الوقت الذي تتجه فيه مؤشرات الإنفاق في البحرين إلى مستويات قياسية بسبب الارتفاع العام في أسعار السلع والمواد الأساسية في الأسواق العالمية، وتتجه فيه السيولة المتبقية لدى الأفراد بعد القائمة الطويلة من الالتزامات تجاه البنوك والمؤسسات المالية (القروض) وفواتير الكهرباء والاستقطاعات الأخرى التي تترتب على الأجور، إلى تغطية نفقات الدراسة وصيانة السيارات والمركبات الخاصة التي يزداد موجات تملكها في البحرين بوتائر غير مسبوقة، فإن سوق الكماليات يبدو أنه سيكون آخر سوق يتجه إليه المستهلكون بالنزر اليسير من الشيء المتبقي من الأجور المتآكلة بفعل التضخم.وعلى خلاف ما هو معمول به لدى أوساط المستثمرين، فإن اقتناء الذهب والحلي والمجوهرات بشكل عام، يأتي في مرحلة متأخرة من اهتمامات الشرائح الكبرى من مجتمعات المستهلكين، ليس لأنه يفتقد ذاكرة المدخر وتوجهات المستثمر الذي يلجأ إلى امتلاك الذهب لأنه يشكل بالنسبة إليه ملاذا آمنا، بل لأن المستهلك التقليدي المحصور بين كل تلك الأرتال من المصاريف والنفقات المتكررة، لم يبق في (محفظته) ما يجعله قادرا على خوض غمار أسواق الذهب التي تغلي اليوم فوق مراجل الأسعار الجنونية التي وصل إليها المعدن الأصفر في الأسواق العالمية. وعلى الرغم من المحاولات الجادة التي تقوم بها حكومة البحرين في إخراج المواطنين والسكان بشكل عام من بين سنادين الغلاء ومطارق تدني الأجور، من خلال تقديم مساعدات نقدية عاجلة (50 دينارا لكل أسرة) فضلا عما تقدمه الدولة منذ أكثر من عقدين ونصف العقد من دعم ثابت لثلاث من السلع الأساسية (الطحين أو الدقيق، واللحوم الحمراء، ولحوم الدواجن، والمحروقات والكهرباء والماء)، على الرغم من هذه المحاولات، فإن هذه المساعدات لا تخرج المواطنين من دوائر اللهاث لسد هوامش الارتفاع الجنوني الذي طرأ على أسعار السلع الأساسية، وهي هوامش ربما كان المواطنون قادرين على تكييف أجورهم معها سابقا، غير أن الأمر يبدو أنه قد بات ضربا من المحال.وعلى الرغم من ذلك، فإن الأمر يبدو في البحرين أفضل بكثير من جميع دول المنطقة التي ترتفع معدلات الأجور فيها بنسب متباينة، ذلك لأن دعم الحكومة البحرينية لعدد من السلع الأساسية ليس مرتبطا بوقت دون آخر، بل إنها حالة مستمرة تقدم من خلالها الدولة دعما بمعدل سنوي يصل إلى 212 مليون دينار، أي أنها تربو على 3،1 مليار دينار من عام 2001 إلى عام .2007 م ، وبلغ مجموع ما قدمته الحكومة البحرينية من الدعم المالي المباشر للطحين واللحوم الحمراء والدواجن، 12 مليون دينار في 2006، و17 مليونا في 2007، و30 مليونا متوقعة هذا العام، فضلا عن الدعم الذي تقدمه للمحروقات والكهرباء والماء، وهي سلع تخصص الحكومة لدعمها مبالغ تتراوح بين 160 و180 مليون دينار بحريني. إن مؤشرات ارتفاع أسعار هذه السلع التي رصدتها جهات عالمية رسمية، تعطي تأكيدات كبيرة لما نذهب إليه من تحليلات بشأن أن حجم الدعم المقدم للسلع الأساسية ليس كافيا البتة، في وقت تشهد فيه سلع أساسية أخرى ارتفاعات سعرية محمومة. فحيث ارتفعت أسعار القمح خلال عامي 2005 و2007م ، بنسبة %4.65 وهو ارتفاع تحملت الحكومة البحرينية تبعاته بالكامل من خلال إبقاء أسعار الطحين عند مستوياتها، فقد شهدت سلع أخرى أساسية ارتفاعات تحمل المستهلكون تبعاتها كاملة، حيث ارتفعت أسعار السكر خلال فترة المقارنة والرصد بنسبة %8.10، الزيوت النباتية بنسبة %8.4، السكر بنسبة %7.2، القهوة بنسبة %4.2، والأرز بنسبة %5.1. وإزاء هذه الحقائق، فإن من المستبعد كثيرا، أن يفكر المستهلك باقتناء مصوغات وحلي وغيرها من السلع التي بات يعتبرها من أكثر الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها مرغما في ذلك لا بطلا، حتى وإن انحسرت أسعار السلع الأساسية وتراجعت بشكل كبير فلا يبقي في محفظة المستهلك إلا حفنة من الدنانير القابلة للإنفاق.ذلك، لأن أسعار الذهب في الأسواق العالمية وبالنتيجة؛ المحلية، أصبحت أسعارا يحترق من (يدنو من سور حديقتها)، فقد ارتفع سعر أونصة أو أوقية الذهب من حوالي 130 دينارا بحرينيا عام 2004، إلى 8،345 دينارا (40،923 دولارا أمريكيا)، بحسب آخر إقفال سعري لهذا الأسبوع في سوق لندن، وهي أسعار تعتبر أنها ارتفعت قياسيا في يوم واحد من أسعار إقفالها يوم الخميس في نيويورك (7،907 دولارات).مع واقع كهذا، من المؤكد أن مستويات الطلب على الذهب في الأسواق المحلية قد انخفضت بنسبة تفوق الـ %100 بحسب ما يؤكده كثير من تجار المصوغات الذهبية الذين كانت لنا وقفات من الدردشة معهم، أكدوا خلالها أن حالة الركود التي تعيشها أسواق المصوغات، لم تشهدها البحرين حتى في زمن حرب الخليج الثانية حين اجتاحت القوات العراقية الكويت وتبعتها شهور من الشلل في عروق الأسواق حتى انتهى الركود بعاصفة الصحراء.
البحرين تقدم دعما بقيمة 180 مليون دينار للمحروقات سنوياً
أخبار متعلقة