يدور حول فنجان قهوة بتونس القديمة
تونس /متابعات:اختار الصالون الثقافي المتجول (حول فنجان قهوة) المعلن عن ولادته نهاية الأسبوع الماضي أن تكون جلسته المبتكرة الأولى مع الروائي التونسي كمال الرياحي بمبادرة من الفنانة منال العلبوشي والفنان التشكيلي حسين مصدق مؤسسي الصالون في فضاء المركز الثقافي ببئر لحجار بالمدينة العتيقة بالعاصمة تونس.وحسب أصحاب فكرة هذا الصالون الثقافي فهو محاولة مبتكرة في شكلها ومحتواها لتكريس تقليد ثقافي في تونس يجتمع حوله مريدو الثقافة والفنون لغاية تزاوج الفنون والأفكار والدفع بها بعيداً في اتجاه خلق نواة لجموع ثقافية مبدعة وفاعلة. وهو مفتوح لكل من يريد مد يديه إليه والتفاعل معه بحيث تكون فكرته الأساسية التحليق بعيدا في أجواء الفنون المتميزة، المبتكرة، ذات الخصوصية الإبداعية القيمة وخلق نوع من الجدل الثقافي حول صاحب الإبداع وما يطرحه في مشروعه.والصالون لن يكون صالوناً محدد المكان بل سيحاول خلق فضاءاته أينما تواجد المبدع و الإبداع المهم، بمعنى انه لن يكتفي بالعاصمة لتاثيث فقراته، بل سيكون صالونا محلقاً، مسافراً إلى داخل الجمهورية التونسية، مطلا على أحبائه أينما كانوا، ولن يستطيع تحمل مكان واحدً لانعقاده.في جلسته الأولى قدم الصالونا حدثا ثقافيا مميزا حين راهن على تقديم فصل من رواية (الغوريلا) لكمال الرياحي بطريقة جديدة في تونس مراهنا على ما يمكن أن يحدثه إنتاج هذا الروائي من حركية وجدل داخل المشهد الثقافي التونسي حين أقحم لأول مرة كمال الرياحي في شكلا من أشكال الأداء السردي متمثلا في القراءة الإيطالية لمخطوط روايته الجديدة (الغوريلا) التي تلاقي العديد من النجاحات قبل نشرها بالعربية حيث صدرت منها فصول في كتاب (أصوات عربية جديدة) بالانجليزية والعربية عن دار (الساقي) ونشر فصل منها في مجلة بانيبال في العدد 39 بالانجليزية .وقام بتقديم الرواية بقراءة مسرحية كل من الممثلين أحمد لمين بن سعد وأيوب الجوادي وهما من جيل المسرح التونسي الشاب المراهن عليه في السنوات القادمة يرافقهم موسيقيا عازف الكمان أمين الكعبي في قراءة موسيقية للرواية. الرواية تحتفي بالمهمشين والمنسيين وأطفال شارع بورقيبة وتقلب فكرة اللقطة على جنباتها وتتحسس مأزق الهوية وأشكال التطرف الديني واستغلال النفوذ والفساد وآلام الضعفاء وشقاء الفقراء والمسحوقين وتحاول أن تستشرف ما سيحدث في الغد بفعل تنامي التطرف الديني.تنطلق الرواية من قصة حقيقية وهي تسلق أحد الشبان سنة 2009 برج الساعة العملاقة بشارع الحبيب بورقيبة وقد أربك الشاعر التونسي وظل فوق برج الساعة لمدة سبع ساعات قبل أن تنجح السلطات الأمنية والحماية المدنية في إنزاله.واستلهم كمال الرياحي هذا الحدث الذي شاهده عدد كبير من التونسيين وكتب رواية غاية في الجرأة تعيد تفكيك المجتمع التونسي وتبحث في أدق تفاصيله وتنبش في المسكوت عنه.رواية تتنفس من واقع تونس ومشاكل مجتمعها من فقر وفساد وتطرف ديني رابطا كل ذلك بتاريخها البورقيبي من خلال شخصية زنجي لقيط يعيش علاقة مركبة بينه وبين الزعيم بورقيبة الذي كان اللقطاء وأبناء ملاجئ الأيام في عصره يطلق عليهم أطفال بورقيبة.وتفاعل الجمهور مع العرض تفاعلا كبيرا وظهر ذلك ضمن الحوار الذي تلا العرض مع كاتبرواية (الغوريلا) ومن المنتظر أن تظهر خلال أشهر وكشف الكاتب انه مازال في حيرة من أمره في اختيار دار النشر الصحيحة لنشر روايته وتوزيعها وقد تقدمت لنشر هذه الرواية عدد غير قليل من دور النشر العربية.وسبق أن وتحصلت رواية الرياحي الأولى المشرط على جائزة أفضل رواية في تونس سنة 2007 وترجمت إلى لغات عديدة تحصلت على تتويج عربي في مسابقة بيروت 39 ونافست بقوة في جائزة البوكر في دورتها الأولى.ويتوقع المتابعون أن تكون (الغوريلا) قفزة نوعية أخرى للسرد التونسي وفي تجربة كمال الرياحي نفسه. فقد كشف في اللقاء انه ظل لمدة خمس سنوات يكتب ويعيد كتابة هذه الرواية التي يطلع إليها القراء تونسيا وعربيا خاصة أن البريطاني بيتر كلارك قد ترجم فصلا منها ونشر بدار (الساقي).وبهذا العرض الذي تألق فيه أحمد لمين بن سعد وأيوب الجوادي يكون الصالون من خلال احتفائه بالروائي التونسي كمال الرياحي أول من أدخل هذا النمط من تقديم النصوص السردية تونسيا ويفكر الممثلان في إمكانية إعادة عرضها في آماكن مختلفة من تراب الجمهورية التونسية.