فـضـاء
سخرت أمريكا إمكانياتها المطلقة بل لنقل أطلقت لوحش قدراتها المفترس العنان ليكشر عن أنيابه في كل الاتجاهات وعلى كل الاهداف حتى ليبدو ان كل ماهو على الأرض ظاهرها وباطنها ، متحرك أو ساكن هو هدف مباح للوحش الأمريكي الجبار الظالم ، ومن بين هذه الأهداف هدف محاربة تمويل الإرهاب كما تقول أمريكا وقصم ظهر منابعه ، وذلك حتى تقضي هذه الأمريكا على الارهاب الذي لم تستطع حتى اللحظة تعريفه أو تحديده بالضبط، فما هو ارهاب بالنسبة للعين الأمريكية هو دفاع عن حريات وحقوق بالنسبة لعيون اخرى، ومن المؤسف ان عدم وضوح المعايير فيما يتعلق بالارهاب صار عدوى لدى الانظمة العربية جميعها وبدون استثناء، والتجويع والحصار الشامل القاتل الذي يمارس على الاشقاء العرب الفلسطينيين هو جزء بشع ومتوحش لوجهة النظر الأمريكية غير مستقيمة المعايير للإرهاب، ومما يوسف له بدرجة أشد إيلاماً هو وقوف بقية العرب ونعني أنظمتهم إلى جانب القتل الأمريكي الاقتصادي للفلسطينيين دونما ذنب جنوه سوى اختيارهم الحر الديمقراطي النزيه لحكومتهم وهو الاختيار الذي أشاد بديمقراطيته الجميع في العالم، لكن أمريكا لن ترضى عن نتائجه وتجسد عدم الرضا الأمريكي هذا في حصار خانق للفلسطينيين يكاد يؤدي بهم إلى الموت جوعاً لولا شجاعتهم وصلابة عودهم وتمرسهم الطويل في المآسي والآلام وفي النضال ايضاً، والحجة الأمريكية هي ذاتها دائماً وبأن الحصار الاقتصادي على الشعب الفلسطيني انما هو حصار للإرهاب وعليه، وهذا التبرير الظالم، رغم ظلمه الصارخ إلا انه يحظى بتجاوب تام من قبل الانظمة العربية التي شمرت عن ساعدها لتمنع الهواء والماء والغذاء والدواء عن الشعب الفلسطيني، فهل يجوز حقاً ان نعتبر شعباً بكامله إرهابياً خصوصاً إذا كان هذا الشعب يرزح تحت الاحتلال ويعاني من اغتصاب ارضه وإحلال أقوام اخرى فيها بدلاً عنه على اساس ديني تعسفي وغير عادل، وفي هذا المقام فان الغضب العربي الشعبي حري به أن لايتجه نحو أمريكا وحدها انما ناحية الانظمة العربية ايضاً تلك التي تجد أمريكا فيها عصا وسوطاً تنفذ فيه مظالمها على العرب وخصوصاً على الفلسطينيين منهم، والمآمول من هذه الانظمة ان تلحق بفرصها الاخيرة وان تتحرر ولو جزئياً من التبعية والانقياد لامريكا ولعل الفاتحة تكون في فتح الابواب امام منظمات المجتمع المدني وفي المقدمة منها تلك المتصلة بحقوق الانسان وبالحريات العامة لتعمل بحرية والخطوة الاولى هنا هي عدم المساس بحرية تمويلها وهو الاساس .