المال وحده لا يكفي للحصول عليها
القاهرة /14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية: النظر فقط للنصف الممتليء من الكأس دائما لا يكفي أن تشعر بالسعادة ، فالسعادة ذلك الحلم الذي نسعي جميعا لفهم أبجدياته وتحقيقه فتسهم - حينئذ - لحظة السعادة الحقيقية في رفع نشاطنا كما لا تستطيع أي قوة أن تفعل ، فهل تلك السعادة فطرية أم مكتسبة ؟ وهل تحققها يعني إمكانية إعادة ترتيب الحياة مرة أخري .. وأخيرا هل يمكن الاحتفاظ بها ؟ فمن أجل سعادتك طرحنا كل هذه الأسئلة علي العلماء والباحثين حتي تدفعك كي تجيب بنفسك وبلا تردد - هل أنت سعيد حقا؟في عدة أبحاث أعدها عشرات الباحثين عن السعادة أو ما يسمونه “ حسن الحالة الشخصية “ استطاعوا إستنباط بعض الحقائق المفاجئة ، فالناس أكثر سعادة مما قد يتوقعه المرء ، والسعادة لا تعتمد اعتمادا كبيرا علي الظروف الخارجية وحدها.. ولكي يحدد العلماء هذه المفاهيم طرحوا الأسئلة علي الناس، وطلبوا منهم وصف مشاعرهم بالسعادة أو التعاسة ثم يقيسوا من إجاباتهم مقدار رضاهم عن الحياة .يقول د. منصور علي منصور أستاذ الحديث بكلية أصول الدين بالقاهرة : السعادة ليست حلما بل هي حقيقة واقعة نعيشها ، ويمكن أن تدوم ، ورغم ذلك فإننا بأفعالنا الباحثة علي الشقاء نحول هذه الحقيقة إلي حلم مستحيل ونظل نبحث عنه إلي آخر العمر ولا نجده ، وننسي أننا ضيعناه بأيدينا .. د. منصور أضاف : الحصول علي السعادة يكمن في الرضا بكل ما قسمه الله وعدم تمني ما تفضل الله به علي الغير ، وهذا الرضا لا ينفي تطلع الانسان لما هو أفضل .[c1] الدنيا سوداء [/c]والسعادة من منظور الطب النفسي هي شعور نابع من داخل الإنسان فكل الخبرات في حياة الفرد تنعكس علي سماته النفسية ، والشخصية وينعكس ذلك بدوره علي المفهوم العام لطبيعة وجوده والسعادة مستحيلة بالنسبة لهؤلاء الذين اختاورا الحزن واليأس وفقدان الثقة واستسلموا تماما وضاعت إراداتهم .فالإحساس بالحزن لمدة طويلة وفقدان الاحساس بالارتياح أو السعادة حتي لأشياء كانت تسعده من قبل كل هذا يتسبب في حدوث خلل في مزاج الفرد وشخصيته ، بل ويؤدي الأمر إلي اضطرابات في النشاط والنوم والتوتر العصبي وفقدان الاهتمام بالأشياء ، حينئذ يشعر هذا الفرد بأن الدنيا سوداء في عينيه ، والظروف النفسية الداخلية هي المحرك الأساسي لمدي تحقيق المفهوم من عدمه فقد تتهيأ الظروف الخارجية لشخص ويراها سببا من أسباب سعادته وقد يراها آخر سبب من أسباب التعاسة ، فالسير ( أنتيس ) مثلا ألف رائعته “ دون كيخوته “ وهو بين جدران السجن الضيق وكم كان سعيدا وفي أفضل درجات المتعة ، في حين أن السجن من منظور أي شخص آخر يبعث علي الشقاء كنوع من كبت الحرية.[c1] المال والسعادة [/c]هل يمكن أن يمنحنا المال وحده سر السعادة ، يقول د. فكري عبد العزيز أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس : إن الشعور بالذات عنوان التواجد ، وهذا التواجد الإنساني يحدث الاستقرار النفس والاجتماعي وليس المال تحديدا هو السبب في ذلك وإنما السعي في طلبه ، فشعور الانسان أنه مازال قادرا علي الإنتاج وأنه مطلوب من المحيطين يكون سببا من أسباب سعادته . ويروي د. فكري واقعة حدثت معه حيث يقول : قصدني شخص مسن عند الخروج من أحد المؤتمرات لأقوم بتوصيله إلي منزله فوجدت أنه يقطن بحي حلوان وكنا من مدينة نصر ثم اتضح لي بعد ذلك أنه يقطع كل هذا المسافة يوميا إلي عمله فقط لشعوره أنه مرغوب فيه من المحيطين رغم قلة راتبه الذي يتقاضاه ، السعادة إذن ليست في المال وإنما في الإحساس بالتواجد .ويري د. سعيد اسماعيل استاذ أصول التربية بجامعة عين شمس أن المال قيمة مادية ولكن أن يكون لك دور إجتماعي في الحياة - فهذا يعني تحقيق القيمة الانسانية التي تشعرك بالفعل بالسعادة .وتري د. محاسن علي حسن أستاذ الطب النفسي بالقاهرة أن التحضر في كيفية الحصول علي المال أو صرفه مسألة نسبية بين البشر، وتضيف أننا إذا عقدنا مقارنه بين شخصين أحدهما يملك المال ولا يعمل وآخر لا يملكه ويسعي إليه بطريقة صحيحة فإن المجتمع يلفظ الأول وبالتالي فمن الممكن أن يشعر بالتعاسة رغم امتلاكه للمال .[c1]حبوب السعادة[/c]وقد ظهر في أوروبا مؤخرا دواء يهزم الاكتئاب والشعور بالتعاسة وأطلقوا عليه “ بروزاك “ فهل حقا للسعادة دواء طبي ملموس وبذلك تتهدم القاعدة النفسية للموضوع كله ؟يجيب د. سعيد إسماعيل قائلا : إن حقيقة هذا الدواء الذي ظهر أول مرة عام 8891 بالولايات المتحدة تكمن في أنه يحتوي علي مواد طبية ترفع في المخ البشري مركبا طبيا اسمه “ خمسة هـ ت “ وحقيقة الأمر فالذين يصابون بالاكتئاب تنتابهم جميعا حالة من الهبوط في معدل ما يسمي “السيروتونين” في مناطق محددة بالمخ تؤثر علي المدار الخارجي الذي يتحكم في الأعصاب ، فهذه المعدلات إذا انخفضت أصابت الإنسان بالكآبة ويعتبر البروزاك مساعد يمدهم بـ “ خمسة هـ ت “ وترجع شهرة البروزاك إلي الكتاب الذي نشر عن حياة الأميرة ديانا وفيه أن الأميرة ديانا اعتمدت علي البروزاك لتنخطي الفترة التي مرت بها قبل الطلاق ، لكننا يجب ألا نأخذ الأمر بهذا المفهوم المادي وحده ، فالدواء مازال عاجزا أمام حالات شديدة يعتمد علاجها فقط علي الطب النفسي .[c1] تقدير الذات [/c]الدراسات الأخيرة التي أجراها المعهد القومي للشيخوخة أثبتت أن الحياة السعيدة ترتبط بالسمة الثابتة الشخصية ، وهذه السمة التي تميز الأشخاص السعداء تنقسم بدورها إلي أربعة ثوابت .(1) تقديرا الذات : أو الرضا عن النفسي ولم يكن المؤشر الأمثل الحياة هو الرضا عن حياة أسرية أو أو صداقه أو دخل مادي بل كان الرضا عن النفس فالإنسان الذي يتسم بذلك يشعر بالرضا عن الحياة بشكل عام وهنا يبدأ الاحساس بالسعادة .(2) التفاؤل : وهو أن تنظر دائما للنصف الممتليء من الكوب فقد أثبتت الدراسات أن الذين ينظرون للأشياء ويفسرونها دائما تفسيرا تشاؤميا هم أكثر الناس عجزا عن تحقيق أمنياتهم وعلي ذلك فتفادي الإحباط والتفكير الإيجابي يمثلان أحد أهم البواعث علي السعادة .(3) الانبساطية : وهي أن تكون ودودا منبسطا مع الآخرين ذوي الحس الاجتماعي ، فالانبساطية تساعد علي الاندماج مع الناس مما يشكل عاملا هاما في تحقيق السعادة .(4) التحكم في النفس : فالشعور القوي عند المرء بالقدرة علي السيطرة لمقدرات حياته يعتبر مؤشرا يعول عليه للمشاعر الإيجابية بالحياة السعيدة أكثر من أي شروط موضوعية أخري للحياة .