خالد قائد صالح [c1]أهمية الأغنية اليمنية عنده[/c]يرى الفنان الراحل طه فارع أن الأغنية اليمنية بكافة ألوانها قد استطاعت أن تقول للعالم هذا صوت اليمن يغني واستطاعت أن تثبت وجودها بجانب الأغنية العربية وتسهم معها في تطوير الغناء العربي . كما أسهمت في الكفاح بجانب البندقية وتغنت بثورتي سبتمبر وأكتوبر وبالوحدة اليمنية التي اعتبرها الثورة الثالثة. والى جانب ذلك يرى الفنان طه فارع أن الأغنية اليمنية قد استطاعت أن تسيطر على الذوق العام في اليمن وان تغزو قلوب الأشقاء العرب في الخليج والجزيرة العربية وكل من استمع إليها من الأقطار الأخرى ويرى أن الدفاع عن الأغنية اليمنية يعني الكثير - فهو يعني الدفاع عن يمننا وانتمائنا إليها والى أهلها الطيبين طيبة أرضها لان هذه الأغنية وبكل ما لعبته من ادوار في حياة الشعب والوطن وبما منحته من شهرة للفنانين الذين تغنوا بها وبما جعلتهم يعيشون فيه من صفاء للأرواح والقلوب الطيبة وجمعتهم بالكلمة الشعرية الجميلة واللحن الشجي والصوت الرخيم وبما كانوا يقولونه لبعضهم البعض من كلمات تشجيع وثناء في ظل أجواء جميلة سادت الجميع فغنوا ما طاب لهم أن يغنوا وجميعهم يعيشون بحب الوطن ويناضلون لأجله. هذه الأغنية تستحق الدفاع عنها وبقوة وان تكون كما كانت سبباً في تعزيز الوحدة الوطنية وعليه فقد دعا جميع الفنانين إلى استلهام التراث الغنائي اليمني بكل ألوانه وتنوعه وغنائه وان لايظل الفنان منهم محصوراً بين تلك الأغنيات التي تميز المنطقة التي ينتمي إليها فقط . فاليمن بتركيبتها الجغرافية والديمغرافية تمتاز بتنوع اللهجات والرقصات والشعر والألحان والأمثال والعادات والتقاليد والمواسم الفنية والأهازيج والأغاني ومن خلالها ينتشر الوعي والذوق والصبر والثورة . [c1]الدفاعً عن الأغنية العدنية[/c]بهذه الأفكار التي سطرها الفنان طه فارع في أكثر من مقالة من مقالاته والتي استعرضناها مجتمعة في الفقرة السابقة ومن إيمانه بوحدة الأغنية اليمنية رغم تنوعها كإيمانه بوحدة الوطن وأهمية الدفاع عنه ، يقف الفنان طه فارع مدافعاً عن الأغنية العدنية ضد من ينكرون على عدن امتلاكها للون غنائي خاص بها مبتدئاً بهذا السؤال:هل من المعقول أن لا يكون لعدن أغنية خاصة بها ؟ ثم مستشهداً بما قاله احد كبار الملحنين البارعين من محافظة لحج وهو محمد سعد الصنعاني مستعرضاً أهم ما ذكره عن وجود أغنية عدنية ( حتى قبل أن يؤرخ لها حديثاً بالعام 1944م مع ظهور إسهامات خليل محمد خليل ) وعرض طه فارع آراء الصنعاني كالتالي: كان للصيادين في عدن قبل الاحتلال البريطاني لها في 19 يناير 1839م أغان وطرب كانوا يغنون حين يصطادون في البحر وعند رمي الشباك وهناك اشعار تغنى عن البحر وعن الشباك وعن الحب والهوى وفي الدود المنظورة والتي كانوا يتعاطونها. بدأت ملامح الغناء العدني تتحدد ابتداءً من عام 1912م على أيدي فنانين وشعراء وأدباء من عدن ذاتها وهذا يعني أن للفن العدني جذوراً بدأت من حضارات الشاذلية والاحمدية ومن بعض قصائد العيدروس التي غنيت على الطرب كقصيدة (ليس تعلم ما بقلبي ياحبيب) وقصيدة (ذا نسيم القرب نسنس) وقصيدة ( أشرقت بهجة) و(عليك بالله تكلمني). وزيادة في الدليل فقد سجلت أغان عدنية على اسطوانات بلحن فضل ماطر العقربي منها ( عليك بالله تكلمني) من شعر ولي الله الصالح العيدروس واللحن العدني وما غناه فضل ماطر عقربي ايضاً ( والليل يا ذي الغواني ) وكانت اسطوانات هذه الأغاني تباع بنصف روبية للاسطوانة وتحتوي على تراث عدني صحيح بإيقاعاته وغنائه المختلف عن بقية الإيقاعات ، كما لا صحة لما يقال بأن الإيقاعات العدنية مأخوذة من الإيقاعات المصرية فذلك لم يكن موجوداً في ذلك الزمان أما في الوقت الحاضر فقد عمد بعض الفنانين إلى مزج إيقاعات عدنية بإيقاعات مصرية الأمر الذي يسيء إلى الإيقاع والتراث العدني. ويضيف الفنان طه فارع بعد استيفائه عرض آراء محمد سعد الصنعاني أن وجود الاستعمار وظهور بعض الأحزاب السياسية في عدن التي رفعت شعارات عدن للعدنيين والجنوب للجنوبيين كان سبباً في جعل تسمية الأغنية العدنية موضع ازدراء حتى من بعض أبناء عدن ممن كانوا ينادون بوحدة الوطن اليمني ويحاربون ضد تجزئته وتقسيمه ودعا الفنان طه فارع إلى القول دائماً الأغنية اليمنية من صنعاء أو لحج أو حضرموت أو يافع أو الحجرية أو عدن نسبة إلى المنطقة التي خرجت منها الأغنية اليمنية. [c1]نجاح الأغنية اليمنية قديماً [/c]يقف خلف كل عمل ناجح عوامل كانت من أسباب نجاحه وقد أدلى الفنان طه فارع بدوله في تحديد الأسباب التي كانت وراء نجاح الأغنية اليمنية القديمة وكان يقصد بها أغاني الخمسينات والستينات من القرن الماضي لا الأغاني التراثية وقد حددها قياساً بالركود الفني الذي عاشته بلادنا بعد أن أكد أن الأغنية القديمة هي أفضل من الأغنية الحديثة بالرغم من الافتقار إلى ابسط الامتيازات التي يتمتع بها الفنان الحديث مثل المنح الدراسية في مجال الموسيقى وتفرغ الفنانين وإنشاء اتحاد الفنانين ومنح جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية بالتالي : - تلهف الجمهور للأغنية في بداية مشواره عليه أن يثبت وجوده في المخادر والجلسات ثم من الإذاعة بعد تأسيسها عام 1954 وتقديم نفسه للمستمع وعلى الهواء مباشرة وترقب الناس لهم بحيث استطاع الفنان أن يكسب جمهوراً من خلالها ثم الانتقال لإحياء الحفلات الخاصة حتى أواخر الستينات. - وجود ضوابط فنية عفوية لا يجب تجاوزها منها : التدرج من كورس لسنوات مع من سبقوه ثم يبدأ بالغناء الفردي ثم يلحن أن كان قادراً ويقدم نفسه للجمهور. - بدء المشوار من على خشبة المسرح وجهاً لوجه مع الجمهور قبل ظهور التلفزيون - تقييم الفنانين بعد توسع الإذاعة ومنحهم درجات حسب قدراتهم حيث من كانوا في الدرجة الممتازة لا يتعدون أصابع اليد الواحدة تقريباً. - كان باستطاعة الفنان أن يسجل للإذاعة في الوقت المناسب له قبل ظهور التلفزيون. - كان للإذاعة فرقة خاصة للتسجيلات الغنائية بإشراف احمد قاسم بالتناوب مع اسكندر ثابت . - توفر لجنة للنصوص مكونة من كبار الشعراء كمحمد سعيد جرادة واحمد شريف الرفاعي ومحمد عبده غانم ويرأسها لطفي جعفر أمان تجيز النصوص أو تعديلها أو ترفضها مع ذكر سبب التعديل أو الرفض. - كانت الأعياد الدينية عبارة عن مهرجانات فنية كبرى يحييها كبار الفنانين كأحمد قاسم والمرشدي ومحمد سعد عبدالله وكان التنافس الشريف يلعب دوراً هاماً في الحركة الفنية. - الحياة المعيشية كانت رخيصة واعتبرا طه فارع الأهم بالإضافة إلى ارتباط المستمع عاطفياً بذكريات مع هذه الأغنية او تلك لذلك يفضل سماعها. [c1] رؤيته في الحركة الفنية عموماً [/c]كانت الفترة التي كتب فيها طه فارع مقالته التي استعرضناها في الفقرة السابقة تخص فترة التشطير وبينها وبين ما بعد الوحدة اليمنية يبدو انه كان يحتفظ بما يكتبه عن حلول لازمة الأغنية اليمنية والحياة الفنية فكانت هذه المقالة التي كتبها بعد تحقيق الوحدة اليمنية والتي حدد من خلالها هذه النقاط كحلول لهذه الأزمة : - وبدأها بطموح عودة الروح للحركة الفنية والثقافية بكل ما تحمله الكلمة من معنى وان لا يكون النشاط الموسيقى موسمياً وان يلقى كل فنان حقه من الرعاية والعناية والتقدير والاهتمام وحل المشاكل التي تعيق عمله الإبداعي وان يلقى هذا التقدير وهو على قيد الحياة. - أن يكون للإذاعة والتلفزيون بقناتيه فرقتان فنيتان خاصتان لتسجيل الأعمال الفنية للفنانين. - الاهتمام بالتراث اليمني وتأسيس مركز يعنى بجمع التراث الفني اليمني القديم والمعاصر. - تحسين مستوى معيشة المبدع بالسكن والراتب لان ذلك سيعكس صورة بلده ومدى اهتمامها به. - نشر وإذاعة وعرض الإنتاج الفني اليمني في الداخل والخارج وحماية حقوق المبدعين اليمنيين داخل وخارج الوطن ودفع أجورهم في جميع المجالات لتحفيزهم على مزيد من الإبداع . - خلق المنافسة الشريفة بين الفنانين والمبدعين وإقامة الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية والتشكيلية وإقامة المهرجانات الفنية السنوية بحيث تكون جديدة شكلاً ومضموناً وبناء المزيد من المسارح الصالحة للعروض المسرحية والحفلات الموسيقية وصالات عرض للأعمال الفنية التشكيلية وغيرها من الأعمال الفنية الإبداعية. - تشجيع الإنتاج السينمائي اليمني وعرضه للعالم . تشجيع الأعمال الأدبية والعمل على طباعتها (دواوين وكتب تحوي الشعر القصة والبحوث والروايات وسير المبدعين اليمنيين). إنشاء نقابات فنية للمسرحيين والموسيقيين والمؤلفين وغيرهم وبناء نواد ترفيهية للمبدعين كل في مجاله ومنح المبدعين امتيازات خاصة. [c1]الخلاصة [/c]لقد اقتصر عرضنا لبعض كتابات الفنان طه فارع الصحيفة على مجال الأغنية والفن وقد استخلصنا من مجموع أفكار وآراء طرقها فناننا الراحل في كتاباته التالي: دلتنا كتاباته على فنان مثقف ومطلع وبسيط ودلتنا كتاباته بأنه كان يعتمد على ارشيفه الشخصي حين يعالج معلومة تاريخية كتب عنها في الصحافة. لم نلحظ في كتاباته بأنه كان يتحدث عن نفسه بأي شكل من الأشكال. لم نلحظ في كتاباته أية إساءة لأحد سواء كانت متعمدة أو غير متعمدة . أسلوبه في الكتابة كان سهلاً وغير معقد وبسيط في طرح أفكاره. كانت كتاباته انطباعية ببعض العمق وكانت قريبة من الأسلوب التوعوي او التنويري ولكننا لم نلحظ تطرقه لبعض التحليلات الموسيقية التخصصية كالحديث عن المقامات أو تنوع الإيقاعات ومسمياتها .. الخ مما يخص مجال الموسيقى كمجال تخصصي. إيمانه بأهمية ودور الأغنية في تعزيز الوحدة الوطنية وتنمية الذوق العام . تحيزه للأغنية القديمة وتفضيله لها. شجاعته في طرح بعض الآراء حول أسباب نجاح الأغنية القديمة في مرحلة سياسية كان من الصعب على المرء أن يدلي برأيه بمثل تلك الشجاعة التي كانت تدين النظام السياسي آنذاك وتتهمه بأنه كان سبباً في ركود الأغنية وتدهورها ولكن بشكل غير مباشر وبالمثل كان شجاعاً في طرحه للمعالجات للخروج بالأغنية إلى النجاح بعد الوحدة. عدم إشارته إلى مصدر معلوماته الذي استقى منه آراء الفنان الراحل محمد سعد الصنعاني حول الأغنية العدنية. الأفكار والآراء التي طرحها لم تقتصر عليه فقط بل كانت عبارة عن نقاط اتفاق بينه وبين أبناء جيله من الفنانين والمهتمين.
أخبار متعلقة