سطور
محمد علي الجنيدفي الفترة الأخيرة انتشرت ظاهرة إنسانية عنوانها أدعياء الثقافة والفكر كائنات طفيلية تتسلق موائد السلطان ولكن من الواضح أن المتسكعين المثقفين لا يهدؤون ويظهرون بين الفينة والأخرى الأمر الذي يدفعناً إلى الكتابة عنهم.إن المتسكع المثقف بائع متجول سلعته “الكلام” فهو حكاء ماهر يجيد فنون القصص وسرد الروايات والأخبار ويمتلك القدرة على العبث بالألفاظ وتحويرها وبالطبع يختزن هذا النوع من المهرجين في ذاكرته حكايات وذكريات غالباً ما تكون ملفقة أو اختلط الأمر فيها عليه بين ما سمعه وما قرأه وما شاهده وتتمثل مهارته في استخدامها لجواز مرور إلى نشرها في بعض الأماكن مصدراً للرزق و”مطية” يعتاش منها.و”المثقف المتسكع” شخصية غير مبالية وغير مسؤولة لا تملك من حطام الفكر الإنساني سوى القدرة على التسلق والسعي الحثيث إلى إثبات علاقته بصانعي ومتخذي القرار والشخصيات العامة ويملأ الصحف بكتابات يؤكد الواقع أنها نوع من “التسكع” في محاولة لإصباغ نوع من الأهمية على شخصياتهم بعد أن ضلوا الطريق إلى المستشفيات النفسية لعلاجهم من النرجسية والشعور الدائم الذي يراودهم بأن ما يكتبونه في طريق التسلق والتنطع “درر” تستحق النشر والإشادة.لماذا هؤلاء إن كانوا حقاً يملكون “إبداعاً” لا يقدمون في المنتديات الثقافية الإبداعية أو يحضرون تلك الفعاليات لماذا يهربون منها كلما دعوا إليها؟وتناسوا أو نسوا أن القارئ يستطيع أن يميز بين “الغث والسمين” وإذا استطاع “مثقف متسكع” أن يخدع القارئ بعض الوقت فإنه لن يستطيع أن يخدعه طوال الوقت.عاد مثقفنا “المتسكع” إلى طريقته التقليدية ليصبح “سكرتيراً” في إبراز وجود صلات له بشخصيات ذات ثقل ومكانة مرموقة ومن المتعارف عليه في معظم الصحف وجود بعض “المثقفين المتسكعين” الذين تسمح لهم هذه الصحف بالكتابة فيها كنوع رخيص لتسلية القارئ والترفيه عنه من الهموم وتتسم كتاباتهم بالسطحية وافتقاد وحدة الموضوع والنرجسية والتودد إلى المسؤولين وتحتاج كتاباتهم إلى محلل نفسي ليفهم مغزاها المرضي وأبعادها السيكولوجية. تجده يرص الكلمات رصاً مدحاً لشخصيات مهمة تشتهر بالكرم الحاتمي ليحصل على مغنم مادي أو مكسب وبعد حصوله على مبتغاه يسعى وراء شخصية أخرى. وفي تلك الكتابة تجد “الأنا” بارزة بارتفاع حرارة “التخزينة” وجودة القات الذي تناوله ذلك “المثقف المتسكع” تجده متباهياً ويشعر بالعظمة بأن صورته تزين ذلك المقال الأجوف الزائف ولكن هؤلاء لا يتعلمون من أخطائهم ولا يسعون إلى اكتساب احترام عقل ووقت المتلقي لكي يحترمهم لذا نقول لهم كفاكم تسكعاً عن طريق الإعلام يا مثقفين؟“جميل أنت أيها القلم.. لكنك كالشيطان في مملكتي...” هكذا قال قيصر روسيا وهو يعبر عن نظرته للصحافة وخطورة الرسالة التي تؤديها في التغيير والبناء.حال صحافتنا بمحافظة الحديدة أشبه بحال هؤلاء “المثقفين المتسكعين” وبصراحة حالها “التسول” الابتزاز بالقلم جريمة يوجب معاقبة فاعلها فدخلاء بلاط صاحبة الجلالة كثروا جداً من أصحاب العقول الفارغة والمتسلقين والمبتزين والذين يحاولون الهروب من جحيمهم الحقيقي وتدني مستواهم في الكتابة بالإمساك بتلابيب المسؤولين والشخصيات العامة لأنهم لا يستطيعون أن يفعلوا غير ذلك فقد نسوا أو تناسوا رسالة الصحافة ودورها في بناء الرأي وتثقيف المجتمع. ولكن الخطأ هو على تلك الصحف التي تنشر لهؤلاء وتساهم في زيادتهم وتكاثرهم يوماً بعد آخر ..هل سأل الصحافي نفسه لماذا اختار طريق مهنة المتاعب وكيف ارتضى أن يكون القلم وسيلته لكسب العيش أو البناء في وطنه؟ لكن هؤلاء دخلاء المهنة بالعروس أغلبهم يمتلكون أعمالاً أخرى وجعلوا من "الصحافة" طريقاً للابتزاز والنهب بطريقة غير شرعية.بينما الصحافي الحقيقي الذي تطحنه همومه لدرجة يصعب عليه أن يعبر عن هموم الآخرين الذين تطلعت أنظارهم إليه عسى أن ينهض بدوره في سبيلهم كضمير ورقيب وجريمة حين يسقط الصحافي أمام نفسه وافتقاره للثقة في أعماقه مما يفقده ثقة القارئ فيما يكتب.فأنا ضد التدخين بمختلف أنواعه يكفي أن صديقاً لي اسمه "فيصل علي حمود" عاشق للمداعة حتى الجنون وأيضاً إسماعيل برزخ والكثير من الزملاء الذين لا تطيب لهم الكتابة إلا على تطاير رائحة "التمباك" وقرقرة "المداعة" وهي حالة سبقنا إليها القدماء كما يقولون وبالذات الشعراء حيث تجد أحدهم يقول:قال بداع القوافي من عمر يمز بوري التمباك عندي خير من صحنين رز أخذ سحر "المداعة" الشاعر الأمير أحمد فضل القمندان فقال في رائعته:-[c1]"في الحسيني جناحين ليتني قمري سجع في يراعه ليتني عندهم بايطرحوني وداعهليتني في السمر بوري برأس المداعة ليتني بنجري في معصمه وذراعه [/c]إن الاعتقاد السائد يؤكد أن في تدخين "التمباك" ما يدعو إلى الراحة والسرور والتأمل وصفاء البال.يقول الإمام يحيى حميد الدين:-[c1]مـداعتي أنيستــيجليستي في وحـدتيتقــول في كركرهابالله خذني باللتـي[/c]وغير كل ذلك فقد شبه الشاعر الشعبي محسن علي بريك "المداعة" بالعروس ليلة زفافها يقول:-[c1]ما أحلى المداعة كالعروس تمام يلتف جماعة حولها في انسجاميبادلونها نظرات الغرام [/c]بينما أهل صنعاء قد شبهوا "المداعة" في مثلهم الشعبي بالقول "المداعة مزهر المكان"