يوم إعلان الوحدة في عدن بحضور الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات
في الحادي والعشرين من مايو 1990م وصل إلى عدن فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام في الشطر الشمالي من الوطن.وتتويجاً لمسار العمل الوحدوي المخلص لقيادتي شطري الوطن أعلن في الثاني والعشرين من مايو 1990م في حفل خطابي وجماهيري مهيب أقيم في قاعة فلسطين للمؤتمرات الدولية حضره الأخ/ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام وعلي سالم البيض الأمين العام للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني والرئيس الفلسطيني/ ياسر عرفات وأعضاء الهيئات القيادية للمؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، ومجلسي الوزراء ومجلس الشعب التأسيسي، ومجلس الشعب الأعلى، وقيادات الاتحادات الجماهيرية والمهنية، والقيادات العسكرية والأمنية في شطري الوطن، ورجال السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي، وجمع غفير من أبناء شعبنا، أعلن عن قيام وحدة اندماجية كاملة بين شطري الوطن ((الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)) وقيام الجمهورية اليمنية.وقد ألقى كل من الأخوين/ علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح كلمتين تاريخيتين نورد نصهما فيما يلي:[c1]كلمة الأخ/ علي سالم البيض[/c]من حسن حظنا، وحسن حظ هذا الجيل ان منحهم التاريخ هذا الشرف الرفيع شرف تحقيق الوحدة اليمنية والاستمتاع بأجوائها وأضوائها المشرقة.لقد فزنا بانجاز أعظم وأنبل الأهداف الوطنية، وهذه واحدة من فضائل هذا الجيل من السياسيين الوطنيين سيسجلها لهم التاريخ على نحو ساطع وكامل السطوع، وإذا كانت فرحة الوحدة تغمرنا في هذه اللحظة وتملؤنا بالفخر والاعتزاز، فإنه ليس من الصواب ان نغمط أحداً غيرنا من أولئك الذين مهدوا بحياتهم وأرواحهم لمجيء هذه اللحظة المجيدة.. وكانت نضالاتهم وتضحياتهم وقود الرحلة العظيمة للوحدة اليمنية، ولولاها لما كان مقدراً لنا ان نحظى بهذا الشرف العظيم.. قضى على طريق الوحدة مئات وآلاف من أبناء الشعب الأبرار، وهاهي تضحياتهم تؤتي ثمارها الطيبة ولم تذهب ثمارها أبداً وأفلحت جهودهم في ان تصل بأهداف الحرية والوحدة الى هذه النتيجة السعيدة، وقبل ان نهنئ أنفسنا بحلول يوم الوحدة العظيم يقتضي منا الواجب ان نتذكر أبطال اليمن الأفذاذ والمكافحين الذين حملوا رسالة الحرية والوحدة والتقدم، وكانوا جديرين بتحمل أمانة الرئاسة.. أدوها بشرف وأعطوها بسخاء، ساروا على نهج الثورة والمستقبل ولم يترددوا عندما كان الموقف يدعوهم للإقدام، ولم يبخلوا عندما كان يتطلب الأمر منهم العطاء، أتذكرهم في لحظة الفرح هذه ونحن نعي ونقدر عذاباتهم وتضحياتهم، فلهم منا كامل التقدير والعرفان بالجميل.. الأبطال أبطال سبتمبر وأكتوبر فلهم جميعاً كامل الحب والوفاء والمجد لهم، وليكونوا نجوماً في سماء الوحدة تتلألأ بها حياة الشعب اليمني، فتزداد ضياءً وإشراقاً وفرحةً ينعم بها مستقبلهم، فيزداد بهجة وروعة، وللمجاهدين من اجل الوحدة الذين فازوا بنعمة الحياة أحر التحايا، وللشعب اليمني أجمل التهاني بعرس أعراسه، بيوم الوحدة اليمنية المجيدة.
الرئيسان علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض في آخر اجتماع لوفدي شطري اليمن يوم 22 مايو
أيتها الأخوات، أيها الإخوة الأعزاء.. لقد انتظرنا هذا اليوم كثيراً لكنه لم يكن غائباً عن أحلام ووجدان الشعب اليمني وطلائعه الوطنية الشريفة، كانت الوحدة هدفاً عظيماً لنضالات أجيال عديدة من أبناء شعبنا وطموحاً عزيزاً، كان يؤجج المشاعر الوطنية الرفيعة، ويولد القيم النبيلة عند المكافحين الوطنيين في أكثر من حقبة من تاريخنا المعاصر.. وكانت ثورتا السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر المجيدتان بشارات حقيقية بهذا النصر العظيم.فالوحدة جاءت على بساط الحرية، وعلى صرح التحرر من الاستبداد والاستعمار، وهنا يكمن بالضبط معناها العظيم كظفر وطني مؤزر، ها نحن مرة أخرى بعد سنوات طويلة من النضال نجدد رسالة شعبنا التاريخية، ونواصل تقاليده الإنسانية الرائعة ومآثره الحضارية.. فلقد أوكل التاريخ أكثر من مرة لشعبنا مهام جليلة فكان ينجزها بجدارة ويؤدي دوره في خدمة الحياة والحضارة الإنسانية.فهذا الشعب الذي شيد واحدة من أقدم الحضارات وأقام واحدةً من أقدم الدول، قد أغنى الحياة البشرية بالعديد من مآثره وانجازاته. لقد استطاع شعبنا في فجر الحضارة الإنسانية ان يبني أقدم السدود، ويشيد المدن ويشق قنوات الري ويبعث الحياة في الصحاري المجدبة والجبال الجرداء، ويكسوها بالخضرة وبالخيرات، ووضع واحدة من أقدم اللغات وبحروفها ورموزها طور العلم والمعرفة وعلم البشرية فنوناً عديدة في أنواعها أيضا ورسخ شعبنا قيم الحرية منذ وقت مبكر، فقد علم كيف يدافع عن حضارته وكيانه الوطني، ويصد الغزوات الأجنبية ويرد كيد الطامعين في ثرواته، ومن اجل الحرية والكرامة كان يقاتل بشرف وينتصر بجدارة، وعلى يديه تحطمت الغزوات الرومانية والحبشية والفارسية، وأضافت البشرية إلى رصيدها دروساً جديدة للكفاح الوطني ومقاومة قوات الاحتلال الغاصبة، وفي دورة أخرى من دورات التاريخ نهض شعبنا بواحدة من أعظم رسالاته الحضارية عندما استجاب للدعوة الإسلامية، وتلقف نورها وانبرى من فوره يدافع عنها، وينشر ضياءها في مشارق الأرض ومغاربها، وكان أجدادنا يخوضون معركتين في وقت واحد، معركة الفتح الإسلامي وتحرير الشعوب من أنظمة الجهل والاستبداد الغاشمة، وبعث بناء الحياة السعيدة المفعمة بنور العلم والإيمان، وفي طول وعرض الإمبراطورية العربية الإسلامية كان اليمنيون مدافعين أشداء، وفقهاء مجتهدين، وأدباء وشعراء ورجال علم وما ان بدأت تحل الكوارث بالدول العربية والإسلامية حتى نهض شعبنا برسالة أخرى قدم فيها عميق النفس الإنسانية، فقد حفظ علماؤه وفقهاؤه الكثير من ثروات الفقه والعلم، وسجلوا الكثير من معارف تلك العصور وحفظوها من الضياع والاندثار وحلت عهود آل حميد الدين الرهيبة بظلامها الذي تطاول مئات السنين، وتخبط شعبنا في متاهات الجمود والتخلف وظل الشعب اليمني كواحد من الشعوب الحية يقاوم ويرفض تقبل منطق الهزيمة والخذلان، وتضافرت عليه دول باغية داخلية وخارجية أرادت ان تقتل فيه روح التطلع للحرية والتقدم والعدل، وتسد في وجهه طريق المستقبل، وكان لهم شيء مما أرادوا ولكن إلى حين فقط..فاستمرت الثورات والهبات الوطنية وفجر شعبنا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر في وقت شاعت فيه أجواء انفصال الوحدة المصرية- السورية المريبة، وأعاد بثورته الزخم للحركة التحررية العربية وانتصرت فيه ثورة الرابع عشر من أكتوبر، وتم طرد الاستعمار البريطاني في زمن النكسة بعد هزيمة خمسة حزيران 1967م، وتأكد بهذا الانتصار حقيقة طالما أراد أعداء امتنا العربية طمسها، وهي حقيقة ان لدى شعوبنا القدرة على الصمود والقدرة على الانتصار أيضا.وفي هذا الزمن العربي الذي يوصف بالزمن الرديء، لما فيه من تشرذم وخلافات عربية تركت وراءها المحن والعداوات، يقوم شعبنا اليمني بأداء رسالته الجديدة ويضع قاعدة الأمل للشعوب العربية ويجترح مآثر الوحدة ويدلل بذلك على الطريق الذي ينبغي ان تسلكه امتنا العربية، طريق الوحدة، لأنها نفسها الطريق التي تؤدي إلى التحرر، والى التقدم والازدهار والخروج من كابوس المهانة والتبعية.علينا أيها الاخوة ان نعتز كشعب يمني إننا قد وفقنا بهذا السبق، وإننا نطلق ضوءاً حضارياً معاصراً كما أطلقنا أضواء أخرى في حقب سابقة من التاريخ، ونجد ان تحقيق الوحدة اليمنية سيشكل بداية لنهوض عربي جديد، وعلى معلم الانعطاف من هذا الزمن الرديء إلى آخر تغمره العزة والكرامة ويعززه الوئام والتقدم.. وعندما نعزو لأنفسنا ولبلادنا هذا الدور التاريخي فإننا ندرك عن يقين أكيد كيف ارتبط النضال الوطني للشعب اليمني بقضية تحقيق الوحدة اليمنية التي كانت هدفاً ثابتاً من أهداف الثورة اليمنية في مختلف مراحل نموها ومراحلها، غير ان الطريق إلى الوحدة كان وعراً، وكانت تعترضه قوى عاتية ومصاعب كبيرة، وحاولت بكل السبل الممكنة ان تمنع شعبنا من بلوغه، فكان التحدي كبيراً، والصراع شاقاً إلا ان الشعوب التي جبلت على التعلق بالحرية وبالقيم العظيمة لا تعرف المستحيل، وها نحن اليوم نؤكد ذلك، وان لا مستحيل في حياة الشعوب الحية المتسلحة بإرادة الحياة والإصرار على تحقيق الأماني والتطلعات، إننا نستطيع الآن من علياء النصر الوحدوي إلى الطريق الذي قطعناه، ونحن ننشدها ونحاول بلوغها ولاشك انه كان طريقاً متعرجاً وفيه ما فيه من العثرات والصعوبات.لقد بدأنا هذا الطريق منذ أواخر العقد السابع عندما بدأ أول خط يمني من اجل الوحدة وتشكلت لهذا الغرض العديد من اللجان وجرت العديد من اللقاءات والحوارات، ولا ريب أننا في هذه اللحظة نفهم ان الأمور أخذت منحىً يتسم بالبطء، رغم كل ما تحقق من ايجابيات، وقادت العثرات التي قامت في طريق العمل الوحدوي إلى وجود العديد من الأوهام والمفاهيم الخاطئة، والرؤية الوحيدة الجانب وذات الأفق الضيق.. ليس ملائماً الآن شرح بعض معاناة الطريق الذي قطعناه كي نفسد على أنفسنا فرحة اللحظة الوحدوية الغامرة، ولكن نستطيع ان نستعيد إلى الذاكرة بعض الأشياء التي تغدو منذ هذه اللحظة جزءاً من ذكريات الماضي كي نتفهم دروس المسيرة الوحدوية، وهي نفس الدروس التي لا ينبغي إهمالها بالزمن اللاحق، لقد كانت السياسات المتبعة إزاء قضية الوحدة في مرحلة ما قبل ثلاثين نوفمبر 1989م تتسم بضيق الأفق وبالمفاهيم الخاطئة القائمة على اعتبارات، لاشك في إنها كانت ترتقي إلى مستوى الوهم، وكان العمل الوحدوي محكوماً بنفسية معينة تقوم على محاولة الاستثارة واستبعاد الآخر، ومحاولة فرض نمط من التفكير السياسي والاختيارات المحددة.. بمعنى ان الحوار الوحدوي كان حواراً يركز على الاختلاف، وينظر إلى القواسم المشتركة كقضايا من الدرجة الثانية، ولم تكن الجدية بسبب ذلك موجودة بالقدر الذي يعزز مسار العمل الوحدوي، وليس عيباً القول ان نمط التفكير القديم قد ضيق الكثير من الفرص، لأنه كان تفكيراً لا ديمقراطياً يصوغ الإلحاق وإلغاء الآخر، ولذلك فإن العديد من الاتفاقيات التي تم التوصل إليها كانت تواجه بمصاعب كبيرة في التنفيذ، ولم تكن تتوافر الجدية اللازمة لتنفيذها.ونستطيع الآن ان نقدر تقديراً صحيحاً عمق التحولات الفكرية والسياسية وسقوط المسلمات الواهمة في الآونة الأخيرة.. وان المراجعة المسؤولة للأشياء والسياسات والمواقف والتكتيكات أمر تجرأت القيادة اليمنية على الأخذ به وتقبل نتائجه.. وكان اتفاق 30 نوفمبر 1989م يعكس لحظة فريدة نضج فيها التفكير السياسي، وازدادت واقعية الاختيارات المطروحة أمام التطور في الساحة اليمنية.ٍوبسبب ذلك تجسدت الجدية منذ اللحظة الأولى واخذ العمل الوحدوي مساراً جديداً يتسم بالديناميكية، وحدث كل ذلك التداعي السريع للتطورات بحيث إن ما انجزناه في غضون خمسة أشهر واثنين وعشرين يوماً يفوق عشرات المرات ما تحقق خلال ثماني عشرة سنة منذ اتفاقية القاهرة عام 1972م، ولان الجدية توافرت بالمستوى اللازم، فإنه أمكن اختصار الفترة الزمنية التي حددها اتفاق 30 نوفمبر إلى اقل من النصف.وهنا يمكننا ان نؤكد بارتياح كبير ان اتفاق نوفمبر التاريخي قد أشاع أجواء وحدوية جديدة وبفضله اتسعت مساحة الممارسات الديمقراطية، ووفر فرصة نادرة للمراجعة الشاملة وتصحيح مسار السياسات السابقة، وأتيحت للجميع إمكانية إعادة النظام في كل شيء تقريباً.. وزاد في حيوية هذه الأجواء إنها كرست الاقتناع بأهمية المشاركة الواسعة في العمل الوحدوي، وفي الحياة السياسية في وجود الرأي الاخر واحترامه والعمل من اجل توسيع نطاق التفاهم والتعاون دون اعتبار للحساسيات التي كانت تستند على الاختلاف والمغايرة في الفترة السابقة.في هذه الأجواء الجديدة تعززت الممارسات الديمقراطية ومعها تعزز المسار الوحدوي.. ونشأ بينهما ترابط وثيق حيث صارت الديمقراطية تفضي إلى الوحدة، والوحدة تعمل معها المزيد من الانفتاح الديمقراطي.. وأتيحت لأول مرة إمكانية التفكير ببناء مجتمع يمني جديد، لا يندرج تحت أي من التصورات السابقة المتسمة بالجمود والإلحاق.إننا نملك اليوم فرصة تاريخية جديدة للنهوض بالمهام الوطنية وتجاوز التخلف الذي يعانيه شعبنا وورثه عن العهد الماضي، وأنجز التنمية الشاملة، وبناء الدولة الحديثة وتحقيق النهوض الحضاري للشعب اليمني، ويمكن تحقيق ذلك بالاستناد إلى التقييم الموضوعي والاستيعاب الدقيق لحاجات التطور ومصالح وخصوصيات الشعب اليمني. الأخ/ الرئيس علي عبدالله صالح..الاخوة والأخوات جميعاً.. نقف في هذه اللحظة الميمونة بين عهدين في نقطة انتهاء عهد وبداية آخر.. نهاية التشطير وبداية الوحدة، وعلينا ان ندرك بعمق المضمون الاستثنائي لهذه اللحظة التاريخية.ان العهد الذي انتهى الآن استكمل كل عملياته، وأفسح الطريق لعهد آخر.. والعهد الجديد يبدأ للتو، وبين يديه رصيد ضخم من التصورات الجديدة والاتجاهات الصائبة والخيارات الديمقراطية.وعلى عاتق جيلنا هذا تقع مهمة النهوض باحتياجات هذا العهد والدفع بمسار التطور بقوة وثبات.وأول الأسئلة التي ينبغي ان نوجهها إلى أنفسنا هو: ماذا نريد من الوحدة ان تحققه للشعب اليمني؟.إن لدينا مهام كثيرة ينبغي انجازها.. ومن واجب الوحدة علينا ان نسعى بكل القوة والثبات لإغناء مضامينها وجعل تحقيقها إيذاناً بنهوض شامل يسير وفق وتائر عالية.ودون شك ان لدينا الكثير من الأوضاع الموروثة والمعاناة والمصاعب والخيارات التي أمامنا ليست كثيرة.. بل تكاد تتحصر في خيار واحد فقط.. هو خيار التقدم.. ومن اجل ذلك نحتاج إلى ديمقراطية المشاركة الشعبية الواسعة كي تستطيع جميع القوى الحية والخيرة في المجتمع ان توحد جهودها، وتحقق التضافر المطلوب للنهوض بالمهام الجسيمة التي تقف أمام تطور الشعب اليمني.وفي الوقت ذاته علينا واجب إصلاح ما وصل إلينا من أوضاع من عهود التشطير.. وهذه الأوضاع ليست مفرحة بكل تأكيد بل انها تحتاج ان يصل إليها التصحيح والإصلاح، وان يمس كل جوانبها، ومثل ذلك لا يتحقق إلا في الأجواء الديمقراطية، وفي إطار المشاركة الشعبية الواسعة التي تمكن أوسع الطبقات والأحزاب الوطنية والتيارات السياسية والفكرية من ان تسهم بدورها في انجاز المهام الوطنية، إذ ليس بمقدور طبقة أو تحالف ضيق ان يحل محل التنوع الخلاق للمجتمع، وليس بمقدور قوة واحدة ان تنوب عن كل القوى الحية، فالديمقراطية والمشاركة الواسعة تشكلان ضمانات نجاح مهام المستقبل، وهذا السبيل الذي علينا ان نختاره ونسير فيه.ان الوطن الذي نتطلع إلى بنائه في ظل الوحدة نريده أكثر جمالاً وتقدماً، نريد ان نحقق لشعبنا حياة أكثر أمناً وعدلاً وسعادةً، ومن هذا التطلع ينبغي ان نحدد خياراتنا وتطلعاتنا واهم وابرز هذه الخيارات هو خيار الحفاظ على دولة الوحدة وترسيخ أسسها الوطنية والديمقراطية، فالدولة اليمنية الجديدة ينبغي ان تشمل كل أبناء الوطن بالرعاية والاهتمام، وان تكون مساحة للحياة الديمقراطية وللمساواة والعدل، دولة للعزة والكرامة، وللتقدم والازدهار.وبهذه المناسبة يسرني ان أؤكد عزم الحزب الاشتراكي اليمني على الوفاء بالتزاماته الوطنية، وان يكون قوة ساهرة على الوحدة يدافع عن بنيانها ويبذل أقصى الجهود لحمايتها، وتأمين مسار تطورها، وحزبنا مقتنع بأن تحالفه مع المؤتمر الشعبي العام وبقية أطراف الحركة الوطنية الديمقراطية اليمنية يوفر اضمن السبل لتأمين مستقبل الوحدة، وبناء وطن ديمقراطي على طريق التقدم والازدهار.أيها الاخوة والأخوات..أحييكم مرة أخرى وأهنئكم جميعاً بهذه المناسبة العظيمة مناسبة إعلان قيام الجمهورية اليمنية.ويطيب لي بهذه المناسبة ان أعلن لكم ان الاجتماع الأول للمجلس الاستشاري لدولة الوحدة قد انتخب مجلس الرئاسة للجمهورية اليمنية والذي يتكون من الإخوة:الفريق/ علي عبدالله صالحعلي سالم البيضالقاضي/ عبدالكريم العرشيسالم صالح محمدعبدالعزيز عبدالغنيكما ان مجلس الرئاسة انتخب بدوره الأخ/ علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية اليمنية والأخ/ علي سالم البيض نائبا لرئيس الجمهورية اليمنية.[c1]كلمة فخامة الرئيس/ علي عبدالله صالح[/c]بسم الله الرحمن الرحيموالصلاة والسلام على رسول الحق والعدل والتوحيد.
الرئيس علي عبدالله صالح يلقي كلمة يوم إعلان الوحدة في عدن 1990م
أكرر مرة ثانية الترحيب بالأخ المناضل ياسر عرفات رئيس دولة فلسطين الذي يشارك شعبنا اليمني أفراحه اليمنية في هذا اليوم التاريخي العظيم وأتوجه بالتهنئة القلبية الصادقة إلى كل جماهير شعبنا اليمني في الوطن والمهجر بهذه المناسبة التاريخية والعظيمة.الإخوة الحاضرون السادة أعضاء السلك الدبلوماسي الإخوة المواطنون في الداخل والخارج يا أحفاد سبأ وحمير أحييكم باسمي شخصيا ونيابة عن إخواني أعضاء مجلس الرئاسة وكل القيادات اليمنية في هذا اليوم التاريخي العظيم، وأتوجه بالتهنئة القلبية الصادقة إلى كل جماهير شعبنا اليمني في الوطن والمهجر، وإلى أبناء أمتنا العربية والإسلامية بتحقيق الوحدة اليمنية وقيام الجمهورية اليمنية التي ينتهي بها واقع التشطير والتجزئة الذي ورثه شعبنا عن الإمامة والاستعمار ويمتلك بها نصر الثورة السبتمبرية 26 سبتمبر و14 من أكتوبر المجيدتين. كما أزف التهنئة إلى كل الأجيال اليمنية التي ناضلت من أجل الوحدة وإلى الرجال البواسل حماة الثورة اليمنية وحراس مكاسبها أبطال القوات المسلحة والأمن الصامدين على امتداد الساحة اليمنية الواحدة. وأبارك لهم جميعا بهذا الإنجاز التاريخي الذي مكن شعبنا من تعزيز قدراته وتجاوز آلام ومآسي الماضي ؛ ليبدأ مرحلة جديدة نحو المستقبل المجيد بإرادة قوية وعزم أكيد لاقتحام تحديات البناء والتنمية والديمقراطية ولتحقيق النهوض الوطني الشامل في ظل دولته الواحدة التي ناضل من أجل قيامها طويلا وقدم في سبيلها أغلى التضحيات. الإخوة المواطنون جميعاً إن المسئولية التي نتحملها في مجلس الرئاسة جسيمة وعظيمة ندعو الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على القيام بها وإنجاز كل المهام الدستورية الموكلة إلينا مؤكدين أننا سنعمل كفريق عمل واحد وقيادة جماعية واحدة من أجل تحقيق كل الأهداف والسياسات العامة للجمهورية اليمنية كدولة يمنية عربية مستقلة ذات سيادة دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي لتشريعاتها وسنعمل في القيادة اليمنية الواحدة على تعزيز وترسيخ الوحدة الوطنية لشعبنا وإنهاء آثار التشطير ورواسبه ومضاعفة الجهد لرفع مستوى حياة شعبنا اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً وإزالة كل الفوارق وتطبيق العدالة الاجتماعية وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات والحفاظ على المال العام وترسيخ مبدأ سيادة القانون وتسخير خيرات الوطن من أجل بناء الإنسان اليمني وبناء الاقتصاد الوطني القوي والاهتمام بالأخوة المغتربين كتجسيد لحرص دولة الوحدة على رعايتهم وتقديم كافة التسهيلات ودعم استثماراتهم داخل الوطن ومساعدتهم الفعالة في جهود التنمية الشاملة والعمل على تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد من خلال مواصلة البناء للمؤسسة الوطنية الرائدة القوات المسلحة على أسس علمية حديثة لتواصل دورها في تعزيز الأمن والاستقرار وحماية السيادة والاستقلال والإسهام في مساندة ودعم مسيرة التنمية منطلقين في ذلك كله من خلال التمسك بالخيار الديمقراطي الذي لا بديل له في حياة شعبنا وتعميق الممارسة والسلوك الديمقراطي والحضاري الذي سيمكننا من الانتقال من أجواء الديمقراطية إلى مجالات أوسع خلال الفترة الانتقالية بما يحقق صحة الأجواء والمناخات الكفيلة بتسليم السلطة لجماهير الشعب صاحبة الحق في الاختيار وصاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة والوحدة.. الأخوة المواطنون إن الوحدة اليمنية بقدر ما هي تعزيز لقدرات شعبنا وتوحيد طاقاته وإمكانياته وسبيل عزته وكرامته ؛ فإنها ستكون عاملاً من عوامل تعزيز الأمن والاستقرار في الجزيرة والخليج وسنداً قوياً للأشقاء في الوطن العربي الكبير ودعما لجامعة الدول العربية وللعمل العربي المشترك كخطوة عملية متقدمة نحو تحقيق الوحدة العربية الشاملة وبهذه المناسبة نؤكد مجدداً أن الجمهورية اليمنية ستمد يدها مخلصة إلى كل الأشقاء والأصدقاء للتعاون المثمر والصادق لما فيه خير شعوبها وتقدمها ملتزمة بواجباتها القومية في نصرة القضايا العربية المصيرية وفي مقدمتها قضية الشعب العربي الفلسطيني والاستمرار في دعم ومساندة الثورة الفلسطينية وانتفاضته الشعبية العارمة في الأرض المحتلة حتى يتحقق لشعبنا العربي الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة في التحرر والعودة وإقامة دولته المستقلة على أرض فلسطين بعاصمتها القدس وكذلك الإسهام في خدمة قضايا الإسلام وجمع شمل الأمة الإسلامية وتوحيد كلمتها وصفوفها لما فيه خيرها وتقدمها وازدهارها حريصين أشد ما يكون الحرص على مكانة بلادنا في الساحة الدولية متمسكين بسياسة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز وفي تعزيز وتطوير العلاقات الدولية بما يخدم المصلحة المشتركة لشعبنا ولكل الشعوب الصديقة وفي الوقت الذي ستظل بلادنا على موقفها المبدئي في مناصرة كل قضايا التحرر الوطني ومحاربة العنصرية ودعم وتأييد الحق والعدل في العالم. يا أبناء شعبنا اليمني الأحرار في الداخل والخارج.. في هذا اليوم التاريخي الخالد نعلن أن الجمهورية اليمنية التي ذابت فيها الشخصية الدولية لكل من الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية استناداً لإرادة الشعب اليمني كله من خلال ممثليه الشرعيين في مجلسي الشورى والشعب قد أصبحا منذ هذه اللحظة وعلى ضوء المذكرة التي تسلمها الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية عضواً فعالاً في المجتمع الدولي ملتزمة بميثاق كل منهما وبقواعد القانون الدولي السائدة وهنا نود التأكيد على أن الجمهورية اليمنية تلتزم بكل المعاهدات والاتفاقيات التي قامت الدولتان السابقتان بإبرامها وفقا للإجراءات الدستورية وقواعد القانون الدولي وإن الجمهورية اليمنية إذ تلتزم وتتمسك بذلك فإنما تؤكد انتماءها الفاعل إلى الأسرة الدولية على أسس راسخة من الالتزام بأحكام القانون الدولي ومبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحفاظ على الحقوق والسيادة الوطنية.أيها الإخوة.. إن بلادنا تدخل في هذه اللحظة المباركة عصراً جديداً وتقتحم زمنا مختلفا وتضع أقدامها على أول الدرب الصحيح بإعادة تحقيق الوحدة وقيام الدولة اليمنية الواحدة لتوفر لأبنائها على اتساع الساحة اليمنية الفرص التي يتطلعون إليها وبما يمكنهم من المشاركة في مسيرة البناء الوطني وتحقيق النهوض الشامل وتسخير كل الطاقات وإنجاز كل الأهداف والتطلعات الشعبية وفي الحفاظ على الجمهورية اليمنية وترسيخ مؤسساتها وتطويرها والتمسك بمبادئها وأهدافها وتحقيق التنمية والتقدم بالانفتاح الفكري والثقافي والاجتماعي على روح العصر وبالمشاركة بالتطلعات والإنجازات وبرفض الانغلاق والتحجر وكل ما يسيء إلى شعبنا وعقيدته وتراثه الحضاري كل ذلك يفرض الكثير من الأعباء والواجبات التي يجب على المجتمع النهوض بها وبما يحقق التنفيذ الخلاق لمبادئ وأهداف الثورة اليمنية ودولتها الواحدة بما يتفق مع المجد الحضاري لبلادنا.أيها الأخوة: إن شعبنا الذي حقق بإرادته الوطنية قيام الجمهورية اليمنية والقضاء على التشطير والتجزئة التي فرضها عليه وعلى أرضه يكون بهذا قد أسقط وإلى الأبد الحدود الوهمية والمصطنعة التي أنشأها الغير في ظل التجزئة والتشطير فهنيئا لك يا شعب سبتمبر وأكتوبر هذا النصر العظيم.. الخلود لشهداء شعبنا الأبرار الذين سقطوا على درب الثورة والحرية والوحدة.. المجد لشعبنا اليمني المناضل.عاشت الثورة والجمهورية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.