مع الأحداث
دخلت الوحدة اليمنية في سجل التاريخ الوطني والعالمي من أوسع أبوابه منذ بداية تحقيقها في الثاني والعشرين من مايو 1990م والتي تحتفي هذا العام بذكراها الثامنة عشرة من عمرها المديد بعد أن شهدت اليمن خلالها نهضة تنموية شاملة في شتى مناحي الحياة. حيث تزامنت أعياد الوحدة لهذا العام بمنجز ديمقراطي جديد في تعزيز مسارها الديمقراطي في الاتجاه الصحيح وهو انتخابات المحافظين للمحافظات اليمنية في أول تجربة للحكم المحلي الواسع الصلاحيات، والخلاص من المركزية الإدارية والمالية والتي كانت سبباً في إعاقة كثير من المشاريع التنموية الاقتصادية، واتباع إجراءات وسياسات توظيف غير موضوعية ولا منصفة.لقد أبدع اليمانيون أيما إبداع - قيادة وشعباً - في صنع هذا الحدث الوطني التاريخي، واستعادة التئام اللحمة للجسد اليمني الواحد. إنها حقاً لمعجزة يمانية مبدعة هزت العالم هزاً عنيفاً، وأسمعت الوحدة اليمنية وميلاد الجمهورية اليمنية من به صمم، بنهجها الديمقراطي التعددي والتداول السلمي للسلطة.وأحيت حلم الأمة العربية في إمكانية تحقيق الوحدة العربية إذا ما صدقت النوايا السياسية لحكامنا العرب.ولعل من الأهمية بمكان أن توحيد شطري اليمن وتحقيق الوحدة اليمنية قد تمت في ظل متغيرات دولية عصيبة، حيث تزامنت مع انهيار منظومة دول الاتحاد السوفيتي وتساقط جمهورياته، واستقلالها الواحدة تلو الأخرى.كما أن المنجز الوحدوي اليمني قد مثل تجربة رائدة على المستوى الأوروبي والآسيوي، فتقاطرت وفود من ألمانيا الاتحادية، وكوريا الجنوبية للإطلاع والاستفادة من تجربة الوحدة اليمنية النموذجية على مستوى العالم كله.ولكن من “ من يخطب الحسناء لم يغله المهر “ فبالرغم من كل ما واجه سفينة الوحدة المباركة من أعاصير وأمواج متلاطمة كادت تغرقها في بحر الظلمات، إلا أن الله سبحانه وتعالى أراد لها النصر، وأن يكتب للسفينة النجاة من الغرق، وعودتها سالمة إلى بر الأمان قوية، متماسكة، غير قابلة للاختراق.وهكذا تنامت شجرة الوحدة، ونالت كل أسباب الرعاية والنماء، فترسخت جذورها في الأرض، وتعمقت كثيراً في وجدان الإنسان اليمني أينما وجد في ربوع الوطن، وأصبح يفاخر بها وبمنجزاتها الخيرة. وهو يحتفل - اليوم - بعيد ميلادها الثامن عشر، وما تحقق له من ثمار طيبة، ومن عزة وكرامة، إنها - ولا شك - “ وحدة ما يغلبها غلاب تباركها وحدة أحباب “.كانت الوحدة بالأمس حلماً يداعب مخيلة كل مواطن يمني، وغدت اليوم حقيقة واقعة، راسخة رسوخ الجبال، يتصلب عودها بمرور الزمن، وتتجذر أوتادها في الأرض اليمنية، وتتعمق بذورها الفياضة في وجدان أجيالها الصاعدة، وتثمر أغصانها المورقة الوفيرة بالخيرات الطيبة ليقتات منها كل أفراد البيت الكبير، فهي صمام أمان مستقبله، واستقرار حياته الآمنة، إنها العمود الفقري للكيان اليمني أرضاً وإنساناً، ولكن أي خلل يصادف الوحدة فإن في طريقه إلى إصلاح وصلاح بإذن الله تعالى. وبالصبر الجميل والإرادة الصادقة تتحقق كل الأماني والطموحات المشروعة والارتقاء بها نحو مستقبل زاهر لليمن في مسيرتها التنموية الاقتصادية.خلاصة القول، علينا أن نستفيد من هذه المناسبة العظيمة، وأن نقيم ما يرافقها من أخطاء واختلالات ومحاولة تصحيحها. ولنجعل المنجزات المتحققة خلال هذه الذكرى الثامنة عشرة من عمر الوحدة اليمنية المديدة تتحدث عن نفسها بمنتهى الصدق والشفافية، وما حملته من خيرات ومشاريع تنموية وخدمية في كل ربوع محافظات الجمهورية اليمنية.