فن تشكيلي
د. زينب حزامنجد الفن التشكيلي اليمني يعاني من تجاهل المؤسسات الثقافية والإعلامية رغم وجود صرح فني عميق ورواد فن تشكيلي يتميزون بمهارات عالية.. وهنا يبرز السؤال إلى متى يستمر هذا التجاهل من قبل جهات الاختصاص؟! وكيف يمكن تنمية التذوق الجمالي للفن التشكيلي؟للفن التشكيلي عدد من المدارس الفنية، ويتنوع أسلوبها وأفكارها بحثاً عن كل جديد في عالم الفن التشكيلي والسعي للتذوق الفني للوحة الفنية وتحليل قواعد الرسم والخطوط والألوان وأفكار الفنان وماذا يريد القول في ألوانه الزيتية أو المائية ومع تحلل كثير من رواد مدراس الفن التشكيلي من الأصول والقواعد العلمية الأكاديمية التي كانت سائدة وهجرهم لعلم التشريح، وإهمالهم لعلم المنظور وتحطيمهم لعلمي الجمال واللون بحجة التحلل من القيود والعودة إلى ينابيع العواطف الفطرية والطفولية والتلقائية.وفي مجال الفن التشكيلي برز في بلادنا العديد من الفنانين التشكيلي والفنانات التشكيليات مستفيدين من هذا التحلل وهذا الانفلات إلى أقصى الدرجات وبدأنا نشاهد عدداً كبيراً من المعارض الشخصية والعامة وبل ظهرت فئة تسئ للفن التشكيلي وتقدم اعمالاً ليس لها علاقة بالفن التشكيلي وقواعده وبدت الحيرة تظهر على وجوه اغلب زوار هذه المعارض والضياع يلفهم وأسئلة شتى تنفر من أفواههم: ما هذه اللوحة التي كلها شخابيط؟! وآخر يقول: ماذا يريد هذا الفن التشكيلي قوله في هذه اللوحة الغير مفهومة الألوان؟..هذه الأسئلة وعدم فهم الجمهور اليمني وعدم تذوقه للفن التشكيلي أدى إلى غياب الجمهور عن المعارض المتعلقة بالفن التشكيلي .. وفي زحمة هذه التساؤلات والاستفسارات عن هذا الإهمال الذي يحيط بحركة الفن التشكيلي اليمني نجد مايلي:اولاً: تجاهل جهات الاختصاص لأحوال الفنانين التشكيلي واحتياجاتهم المادية والفنية.ثانياً: يتخرج العديد من الكوادر في مجال الفن التشكيلي ويعملوا في مجالات غير تخصصاتهم.ثالثاً: عدم اهتمام الجهات الإعلامية من صحف محلية وإذاعة وتلفزيون للفن التشكيلي وأهمية للترويج السياحي.وكي نحقق التذوق الجمالي للفن التشكيلي يتطلب منا رعاية الفنان التشكيلي الموهوب وتنمية ابداعه الفن وشحذ موهبته وصقلها بالدراسة والاطلاع والتجارب والاطلاع على ثقافة الفن التشكيلي العالمي والمشاركة في المعارض الدولية حتى يستطيع الفنان من خلق لوحة فنية هذا اولاً.ثانياً: يجب رفع مستوى التذوق الجمالي للفن التشكيلي اليمني عند جمهوره لان تذوق اللوحة الفنية يحتاج إلى تربية جمالية للفنون وتدريب مستمر وثقافة متنامية وليس مجرد متعة للمشاهده الفن التشكيلي أو الفنون الأخرى.لذا من الضروري أن يمتلك الفنان التشكيلي القدرة على خلق لوحة فنية تتوافر فيها العناصر والمقومات اللوحة الفنية حتى يتمكن المشاهد للوحة فهم وتذوق اللوحة الفنية والدخول إلى عالم الفنان ومعرفة هدفه من هذه اللوحة التشكيلية.* يقول الأستاذ خالد الرويشان وزير الثقافة سابقاً عن الفن التشكيلي والفنانين التشكيلين في قصيدته:يرسمون ضحكة البحر، وبهاء الملح، وعطش الصخر، واختيال الصباحتغفو على أصابعهم أسرار شمسانوعناوين حبيبات وأهداب فراشاتومواعيد غروبفترعون بالضوء واللون والرمل والجسدعذوبة شهد ساحر باهر من شفقيذوب بين أصابعهميرسمون ساحل العشاق في عدنفيشرق الصخر بالحنينيرسمون حارة المفتون في صنعاء فتزهر شرفات الانتظارخالد الرويشان20 /12 /2004م[c1]هذه هي هموم الفن التشكيلي [/c]حينما كثر الحديث عن الفن التشكيلي اليمني في القرن العشرين الماضي نجد الفنان التشكيلي وهو يقوم باعداد لوحته الفنية لعرضها او بيعها يعاني من خسارة جسيمة من الناحية الاقتصادية لأنه لا يجد من يقدر قيمة لوحته الفنية والجهود الذي قام بها لذا نجد العديد من الفنانين التشكيلين يعانون من الإحباط النفسي الذي يدفع بالكثيرين منهم للهجرة والرحيل مما أدى إلى نضوب الحياة الفنية ولكن ما أن استعادت بلادنا ثباتها بعد قيام الوحدة المباركة في 22 مايو 1990م حتى بدأت الطيور المهاجرة بالعودة إلى مباشرة أعمالهم الفنية وتم فتح العديد من بيوت الفن التشكيلي في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية .. وبدأت الحياة الفنية بالانتعاش خاصة بعد ظهور جيل جديد من المبدعين في مجال الفن التشكيلي بالإضافة إلى ان الدولة عملت على تأسيس كلية الفن التشكيلي في الحديدة.والعمل الجاد للترميم وعودة الدراسة في معهد الفنون الجميلة بعدن، حتى تمكن من إعداد كوادر فنية بدم جديد تشارك مشاركة فعالة في مرحلة الانتعاش التي نعيشها اليوم وخاصة وإننا نفتقر لكل عناصر حركة الفن التشكيلي الفعالة من فنانين وفنانات تشكيلين ونقاد في هذا المجال الفني الرائع بل إننا شديدو الثراء بهم ولكن هناك بعض العقبات التي تعترض الحركة الفنية تؤدي الى عرقلتها ولو أزيلت هذه العقبات لبهرنا بثراء الفن التشكيلي اليمني.* لقد اصدر المؤتمر الذي عقده القائمون على نقابة الفن التشكيلي بصنعاء في الشهر الماضي بدعوة وزير الثقافة وإقامة معرض الفن التشكيلي بصنعاء وخروج عدد من التوصيات الهامة لإزالة هذه العقبات ولكن للأسف لم تتحول هذه التوصيات إلى قرارات قابلة للتنفيذ حتى اليوم وأهمها:* إعادة النظر في مرتبات وحوافز الفنانين التشكيلين التي لا تتناسب مرتباتهم مع ظروف الحياة الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى مراعاة الحالة الصحية لبعض الفنانين التشكيلين الذين نجد حالتهم الصحية في تردٍ مستمر ولا توجد لديهم قيمة الدواء نظراً لمرتباتهم الضئيلة.* يعاني الفنان التشكيلي من خسارة مستمر عند بيع لوحته الفنية لكسب لقمة العيش لغياب ذوقه الفن التشكيلي عند جمهورنا اليمني لذا من الضروري أن يجد الدعم المادي والجهة المختصة للشراء هذه الأعمال الفنية.“المطلوب ببساطة دعم الفنان التشكيلي اليمني مادياً حتى ينتج” كما إننا نطالب بضرورة ان يكون بين الفن التشكيلي مستقلاً إدارياً ومالياً ووظيفياً وفنياً وان نحدد أهدافه وواجباته ولا ادري لماذا لا يكون هناك جهاز رقابة على بيوت الفن على ان يكون من الدارسين الاكاديمين في مجال الفن التشكيلي والمهتمين به.* ان قضية رعاية ودعم الفن التشكيلي ورفع مستوى التذوق الجمالي عند جمهوره هي قضية إعلامية ودعوة جادة إلى صالات الفن التشكيلي من خلال الإرشادات وإغراءات الإعلانات المنتشرة في الشوارع والتي تعمل باستمرار على الإعلان عن هذه المعارض الفنية، وقدرة القطاع الخاص على دعم هذه الإعلانات ونشر أعمال الفنانين التشكيلين في الصحف المحلية.ان استمرارية الإعلانات عن معارض الفن التشكيلي يساعد على رفع مستوى التذوق الفني الجمالي للوحة الفنية وفي نفس الوقت الذي سيقضي على كل ماهو هابط ومتدن.* ومما يساعد على انتشار الأعمال الفنية في مجال الفن التشكيلي ظهور فئة اجتماعية جديدة نتاج ظروف اقتصادية وسياسية فئة لا علاقة لها بالفن والثقافة هذه الفئة ساعدت على انتشار الفن التشكيلي الهابط واستباحت قيمة هذا الفن الراقي.* مع ذلك أن اعترف بأننا لم نفقد جمهورنا الحقيقي بظهور هذه الفئة التي تسعى باستمرار إلى عرقلة سير الحركة الفنية المتنوعة في بلادنا من فن تشكيلي وموسيقي ومسرح وغناء ورقص.أن نجاح أعمال الفنان التشكيلي لا تقاس من خلال المعرض الذي يقيمه وإنما من خلال لوحته القيمة وفي كل عمل من أعمال الفنان التشكيلي يجب ان يلتزم بقواعد وأهداف الفن التشكيلي والقيمة الفنية والهدف الإنساني.* يجب أن لا نتجاهل دور الفن التشكيلي والفنان ومن حقه بيع لوحته من اجل أن يكسب لقمة العيش الشريفة التي تساعده على قهر ارتفاع الأسعار المواد الغذائية.* أن النقد المتعلق في مجال الفن التشكيلي هذه الأيام وما نقرأه في الصحف المحلية على صفحات الفنون والثقافة، هو مجرد نقد عليل مريض، لأننا نفتقر للنقاد الحقيقيين الذين هجروا ساحة النقد، وتحول النقد إلى مجرد أفكار وانطباعات سريعة العلاقة لها بخبرة أو دراسة ولكن هناك قلة نادرة ومميزة ممن يكتبوا النقد الواعي الشريف واذكر منهم على سبيل المثال الفنان التشكيلي والكاتب علي الذرحاني والفنان التشكيلي والكاتب فاروق الجفري، والفنانة التشكيلية والكاتبة الدكتورة آمنه النصري.* مجتمعنا لا يحمل المسدس للفن لتشكيلي الهابط والحمد لله..ولكنه يحمل سلاحاً أقوى هو اللامبالاةإننا حينما نتحدث عن أزمة تطور وانتشار الفن التشكيلي، ورفع مستوى التذوق الجمالي للوحة الفنية، فإننا في الحقيقة نتحدث عن “ الفن التشكيلي الراقي لا يستطيع أحداً أن يزعم أن الجمهور اليمني ذواق للفن التشكيلي وان هناك فئة تسعى للعرقلة هذا الفن وإغلاق معهد الفنون الجميلة بعدن للعرقلة تطور الفنون الجميلة من موسيقى ومسرح وفن تشكيلي هذه الفئة التي لا تحمل هدف إنساني سوى كسب الأموال الغير مشروعة؟!!.حقاً هناك ظاهرة في مجتمعنا لا تلجأ إلى المسدس مع الفن التشكيلي الهابط والحمد لله وإنما تلجأ إلى اللامبالاة للفنون القيمة وأيضاً الهابطة، بل استطيع القول هناك ظاهرة عدم الاهتمام بالفن والفنانين بشكل عام؟! ومع هذا نجد الفنانين التشكيليين يجتهدون في تقديم كل جديد ومفيد، وتقديم أفضل ما لديهم في كل معرض فني تشكيلي يقام في بلادنا وإذا لم تبادر وزارة الثقافة باحتضان أعمالهم فمالهم إلا أن يلوذوا بالصمت قانعين بالسخط واجترار المرارة.