كرمها رب العالمين وجعلها لغة القرآن
القاهرة/ 14 أكتوبر / وكالة الصحافة العربية: اللغة هي مخزون الهوية ورمز لقوة الأمم وتحضرها ووعاء الفكر وآلية للتواصل الإنساني ، واللغة العربية رغم أن الله تعالي كرمها بأن جعلها لغة القرآن الكريم كتاب الله الخاتم ، إلا أن العرب أصحاب هذه اللغة لا يقدرون هذا التكريم ويتساهلون في شرفها ،ويتركون حالها يسوء من سنة إلي أخري ، ففي القرن العشرين برزت الدعوة إلي الاهتمام باللغة العربية كنوع من تأكيد الهوية في مواجهة الاستعمار ،ولكن الان وقد مرت بضع سنوات من القرن الواحد والعشرين تتجدد الدعوة ، ويكثر الحديث عن أزمة طاحنة لم تشهد اللغة العربية لها مثيل ، فمن المسئول عن هذه الأزمة ؟ وهل ثمة مخرج منها ؟ سليمان فياض الأديب واللغوي الكبير يري أن أصل الداء يكمن في المدرسة ونظام التعليم ، فالمدرس الجاهل بلغته ينقل جهله لتلاميذه ، وفي المقابل فمدرس واحد يعرف لغته يلقنها صحيحة لمئات التلاميذ ، لذا فالاهتمام بمدرس اللغة العربية ينبغي أن يسبق الاهتمام بالتلاميذ ويوجه « سليمان فياض « إلي أجهزة الإعلام وما تبثه من أعمال درامية الاتهام بالإساءة للغة العربية وإن كان يلقي باللوم علي المذيعات اللاتي لايجدن نطق اللغة العربية نطقاً سليماً ، فقد ينتقل النطق الخاطئ منهن إلي الكثيرين . ويؤكد د . ناصر الانصاري رئيس الهيئة المصرية للكتاب أنه لا يمكن التسليم بتداول العامية تماماً في مخاطبة المهتمين أو القراء أو المشاهدين ، حيث لايوجد فارق كبير بين التعامل اليومي العادي ، ومسألة الحفاظ علي اللغة ، لأنه بمرور الوقت ، ومع استمرار استخدام العامية ستتدهور الفصحي ، والتي هي اللغة العربية فالعامية مجرد لهجة من لهجاتها. ويشاركه الرأي د . يوسف نوفل الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة إذ يري العامية خطراً علي اللغة العربية، موضحاً أن المسرح بشكله الحالي يستخدم قاموساً جديداً من التعبيرات في شكل كلمة أو جملة لا أساس لها في اللغة العربية ،وقد تسببت هذه المسرحيات بمعجمها الجديد إلي غزو ألسنة الناس في الشوارع ، وقد أسهم الفيديو بشكل كبير فينقل هذا القاموس السييء إلي المنازل . وأشار إلي أن أجهزة الإعلام والتثقيف المختلفة رغم دورها في تعميق الأزمة ، إلا أنها تستطيع مساعدة اللغة العربية في النهوض من كبوتها ، وذلك بحسن استخدامها وأن يتولي مسئوليتها أشخاص ذوي وعي ومسئولية ، وخير مثال علي ذلك البرنامج الثقافي في الإذاعة المصرية.ويقول د. حامد طاهربكلية دار العلوم بجامعة القاهرة : إن قضية الغة العربية يتنازعها فريقان أحدهما متشائم والآخر متفائل ، فالمتشائمون يعتبرون أننا فقدنا لغتنا ، وأن الأخطاء التي ترد أحياناً تعتبر أخطاء شنيعة لا تغتفر ، وأن غزو الألفاظ الأجنبية قد كاد يغطي علي ألفاظ اللغة العربية الفصحي نفسها. ويضيف : أما المتفائلون فينظرون إلي أن اللغة العربية الفصحي قد زاد انتشارها ع طريق التعليم والأجهزة الإعلامية ، خاصة المكتوبة إن المشكلة هي أن الذين يتحدثون الفصحي لا يجيدون النطق الصحيح بها ، وهذه ظاهرة موجودة نمنحها فرصة زمنية كافية ، وليس من المستساغ أن ألقي بالمسئولية كاملة علي الأستاذ الجامعي والمعلم لأن اللغة مسئولية جهات متعددة.[c1]إرث قديم [/c] وأكد د . حسن شحاتة خبير اللغة العربية وأحد واضعي مناهجها أن أزمة اللغة العربية لها سببين.. الأول هو التلوث اللغوي المتمثل في شيوع الأخطاء علي أقلام وألسنة المثقفين واستخدام اللغة العامية في دروس اللغة العربية ، وفي انتشار الكلمات والعبارات المنقولة عن اللغات الأجنبية. أما السبب الثاني فهو كما يري د . شحاته أن كليات التربية تخرج أنصاف متعلمين لا يحسنون التحدث باللغة العربية أو الكتابة الصحيحة ، بالإضافة إلي تدني مستوي معلم اللغة العربية في قواعد النحو والصرف والإملاء . وأشار إلي أن هذه القضية إرث قديم ، فبقدر ما ضعفت اللغة قديماً نتيجة الاختلاط بغير أهلها من « الأعاجم « بقدر ما ضعفت بالتدخل الأجنبي في العصر الحديث ، ومحاولة كتابة اللغة العربية باللاتينية ، وبتشجيع العاميات، وبقدر ما صورت الأفلام والمسرحيات مدرس اللغة العربية في شكل ساخر، ما تضافرت عوامل اجتماعية واقتصادية مرتبطة بتراكمات من الضعف الاقتصادي أدي إلي قلة المدارس والفصول وزيادة الأعداد مما أثر علي مهارة اكتساب اللغة. أما د. علي صبح أستاذ اللغة العربية بجامعة الأزهر فيري أن اللغة العربية ضعفت واضمحلت وأصيبت بالهزل بعد صدور القانون الذي ألقي شرط حفظ الطلاب للقرآن الكريم للالتحاقفاللغة العربية والقرات لهما بكلية دار العلوم أو أي من كليات جامعة القاهرة، فكلاهما صاحب فضل في تخريج مدرس لغة عربية قوي في مادته متمكن من لغته يستطيع تعليمها جيداً للتلاميذ . ويوضح د . صبحي أن القرآن الكريم لمن يريد الالتحاق بجامعة الأزهر أو كلية دار العلوم مع اتخاذ التدابير الكافية لمقاومة غزو العامية القادم من الإذاعة والتليفزيون.