اللامركزية في عامها الثامن .. تنمية مشهودة و آمال معقودة
صنعاء /سبأ:لقد كان خيار الأخذ بمبدأ اللامركزية رغبة سياسية مبكرة منذ قيام الوحدة اليمنية باعتبار ما يحققه هذا التوجه من مزايا تنموية وإدارية على أساس تعبئة كل الطاقات والموارد من أجل تحقيق النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وذلك عبر تقاسم متوازن للمسؤوليات بين كافة مستويات الجهاز التنفيذي للدولة فيما يتعلق بالتخطيط والتمويل والإنجاز وإدارة الخدمات والمرافق التنموية. وتتزامن احتفالات الشعب اليمني بالعيد الوطني الـ18 ومرور ثماني سنوات على نشأة نظام اللامركزية والسلطة المحلية، مع مكسب سياسي ديمقراطي جديد ومحلي تنموي هام على طريق تعزيز اللامركزية والانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات، والمتمثل في انتخاب محافظي المحافظات لاول مرة في اليمن منذ ما يزيد على 40 عاما من نظام التعيين للمحافظين والذي كان قائما قبل 17 مايو2008م.وكالةالانباء اليمنية/سبأ/ حاولت في هذا الاستطلاع استشراف الانجازات التنموية للسلطة المحلية على مدى سبع سنوات من عمرها شهدت خلالها دورتين انتخابيتين، والآمال المعلقة على عاتق هذا النظام خاصة بعد انتخاب محافظي المحافظات والانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات.الخطوة الاولى:- لقد مثل صدور قانون السلطة المحلية رقم 4 لسنة 2000م انطلاقة لنظام اللامركزية، وبدء السلطة المحلية مسيرة التنمية، حيث شهد اليمن اول انتخابات للمجالس المحلية في فبراير 2001م، وتم بدء العمل بنظام الموازنات المحلية المستقلة وفقا للنصوص القانونية القاضية بتمتع الوحدات الإدارية بالشخصية الاعتبارية، و أن يكون لها ذمة مالية مستقلة وقدرة على إدارة مواردها ونفقاتها باستقلالية تامة. هذه الاستقلالية التي اعطاها القانون لم يتركها مطلقة وانما اخضعها للرقابة بمستوياتها المختلفة، سواء الرقابة المجتمعية من قبل الناخبين وعبر ممثليهم في المجالس المحلية أو من قبل رقابة السلطة المركزية ممثلة بالأجهزة المركزية كل في مجاله أو من قبل رقابة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أو حتى في نهاية المطاف الرقابة الدستورية من قبل السلطة القضائية او مجلس النواب باعتباره سلطة تشريعية ورقابية وفقا للدستور. كما حصر القانون الاستقلالية للسلطات المحلية في إدارة مواردها ونفقاتها، كحق قانوني تمارسه وتحدد تبعا لذلك احتياجاتها التنموية من المشاريع والخدمات التي تعود بالنفع العام على المجتمع ككل وتسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية، وتعمل على مكافحة البطالة والتخفيف من الفقر. وتشير الاحصاءات إلى ان اجمالي المشاريع التنموية المحلية التي تم تنفيذها خلال الاعوام 2002م- 2006م بلغت اكثر من 15 الف مشروع تنموي في المجالات الخدمية والانمائية المختلفة بتكلفة اجمالية تزيد عن 132 مليار ريال.[c1]قدرة على قيادة العملية التنموية:- [/c] ويؤكد الوكيل المساعد بوزارة الادارة المحلية لقطاع التنمية المحلية محمد حمود الحمادي ان المجالس المحلية المنتخبة وأجهزة السلطة المحلية اثبتت خلال السنوات الماضية للتجربة قدرة على قيادة العملية التنموية وإدارة الشئون المحلية والتصدي للمشكلات وحشد الموارد المالية المحلية لإحداث التنمية الشاملة وإشباع حاجات المجتمع المحلي من الخدمات الأساسية. وقال «: إن التركيز على جوانب التنمية المحلية بأبعادها الاقتصادية الاجتماعية من شأنه أن يعزز من التنمية الوطنية الشاملة، ومع ذلك فالتنمية المحلية ليست مسئولية السلطة المحلية منفردة فهي مسئولية مجتمعية تتشارك الأدوار فيها فئات المجتمع المختلفة ويأتي في مقدمة ذلك منظمات المجتمع المدني التي يجب أن تركز على جوانب التنمية بمفهومها الواسع، والتي تصنفها عدد من المراجع بأنها -أي التنمية- عملية تغيير مخطط ومقصود يهدف إلى نهضة ورقي المجتمع بصورة مستمرة شاملة ومتكاملة». واضاف الحمادي : «وقد استهدف نظام السلطة المحلية تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية حيث نصت المادة 125 من قانون السلطة المحلية : على أن تخصص جميع الموارد لأغراض تمويل خطط ومشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية». ولفت إلى أن من أهم أولويات السلطات المحلية العمل على التخفيف من الفقر من خلال زيادة حجم الاستثمارات في المشاريع الأساسية للتنمية البشرية مثل الصحة والتعليم وكذا مشروعات البنية التحتية وأبرزها الطرق التي تساهم في رفع المستوى الاقتصادي المحلي كونها تتيح عملية انتقال السلع والخدمات، وزيادة نسبة التشغيل.[c1]دلالات تنموية:- [/c]وقال وكيل وزارة الادارة المحلية المساعد لقطاع التنمية المحلية» ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على حجم الموازنة الاستثمارية للعام الجاري 2008م يمكن إدراك حجم التطور الذي يستلزم -بالطبع - أن تصاحبه كفاءة في الاستخدام لتوجيه هذه المخصصات نحو استثمارات تمثل أوليات للمجتمع المحلي». وأشار إلى ان حجم الموازنة الاستثمارية المحلية للعام الجاري 2008 بلغت 51 مليارا و555 مليونا و691 الف ريال وبنسبة زيادة عن العام 2007م بلغت اكثر من 70 بالمائة حيث كانت الموازنة الاستثمارية حوالي 31 مليارا و48 مليونا و858 ألف ريال. واوضح إلى ان العبرة لا تقاس بحجم المبالغ من حيث الوفرة أو الندرة بقدر ما ترتبط العملية بمنظومة متكاملة من الإجراءات تبدأ بالتخطيط التكاملي للتنمية النابع عن تعبير حقيقي لاحتياجات المجتمع المحلي، ثم بتحديد هذه الأولويات وفقا للملحات الكبرى ثم كيفية التخطيط وإدارة هذه الموارد بكفاءة وبفعالية مما يعني معه امتلاك السلطة المحلية في الوحدات الإدارية لقدرات مؤسسية وبشرية مؤهلة للتعامل مع هذه الموارد ومؤهلة لإدارة عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية بما يخدم ويلبي تطلعات المجتمع.وقال الحمادي « من أجل هذه القدرة المؤسسية والبشرية، تعمل وزارة الإدارة المحلية بالتعاون مع عدد من المانحين في مقدمتهم البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والصندوق الاجتماعي وصندوق الأشغال العامة، على تجربة رائدة تشمل 48 مديرية في 8 محافظات تتمكن من خلاله هذه المديريات من امتلاك مكانة مؤسسية وبشرية لإدارة التنمية تخطيطا وتنفيذا». وأكد ان هذه التجربة قد حققت نجاحا من خلال تقييم محلي ودولي، وأمكن لبعض من هذه المديريات أن تزيد من طاقتها الاستيعابية لكفاءة استخدام الموارد بمعدل متوسط يصل إلى 200 ألف دولار بما يعادل 40 مليون ريال سنويا وبنسبة نمو سنوي تقدر بنحو 20 بالمائة. واضاف: «إن واقع السلطة المحلية يشهد أن هناك حراكا وأن عجلة التنمية المحلية من خلال أبناء المجتمع المحلي ومشاركتهم في إدارة التنمية قد بدأت تسير وبالتالي لايمكن إيقافها وإنما المطلوب هو تعزيزها وتقويتها».[c1]دعم سياسي :-[/c]وتحظى السلطة المحلية واللامركزية بدعم كبير من قبل القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، فهو دائما ما يقدم الدعم والمساندة لهذه التجربة الرائدة في كافة خطاباته وتوجيهاته.. والجميع يتذكر توجيهات فخامته عند افتتاحه المؤتمر الرابع للمجالس المحلية الذي انعقد في يونيو 2006م بصنعاء، الصادرة إلى الحكومة بتحويل المشاريع التي يزيد اعتمادها عن خمسين مليون ريال إلى المجالس المحلية .واكد فخامته في خطابه الذي القاه في افتتاح المؤتمر الحرص على توسيع الصلاحيات الشعبية و المشاركة بحيث يكون القرار واسع وكل أبناء الوطن يشاركون فيه دون القفز على الواقع ودون المزايدة. وجاءت مبادرته الخاصة بتطوير النظام السياسي خاصة ما يتعلق منها بالانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات وانتخاب المحافظين وانشاء شرطة محلية وزيادة موارد السلطة المحلية للتمكن من القيام بمهامها التنموية بكفاءة عالية، ترجمة لحرصه على رعاية تجربة اللامركزية وتطويرها من اجل التنمية الشاملة في البلاد باداة فاعلة.. وهاهو الشعب يخطو اليوم خطوة هامة لاول مرة في تاريخه وذلك بانتخاب امين العاصمة ومحافظي المحافظات وهو ما يمثل تمكين ابناء المحافظات من المشاركة في صنع القرار واختيار من يمثلهم ويثقون بادائه وقدرته على الاستجابة لاحتياجاتهم كونهم الاقرب اليهم والى مشاكلهم التنموية واحتياجاتهم من الخدمات الحكومية. ويرى مراقبون ان خطوة انتخاب المحافظين ليست هدفا بحد ذاتها رغم اهميتها ولكنها وسيلة لتدعيم اللامركزية ومؤشر نحو مزيد من الدور الفاعل للسلطات المحلية في المحافظات والمديريات لادارة التنمية المحلية وتنفيذ المشاريع بكفاءة عالية وكلفة منخفضة وبشفافية كبيرة وهو ما يعني الحد من سلبيات المركزية في الاداء التنموي خاصة ما يتعلق بتعثر المشاريع التنموية والخدمية.وأكد فخامة رئيس الجمهورية حرصه على إنجاح تجربة السلطة المحلية , وأن تذهب أموالها وفقا لما حدده القانون وتجنب أي إنفاق مخالف لذلك سواء للضيافة أو للعلاج أو غيره .وشدد في أكثر من مناسبة على أهمية تواصل الجهود لتعزيز وتطوير هذه التجربة مستقبلا.. وأن هناك تصورات وأفكاراً يمكن الاستفادة منها في الارتقاء بأداء السلطة المحلية إلى أفضل مما هو عليه الآن .ودعا إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين الوزارات والسلطات المحلية في المحافظات والوحدات الإدارية. كما دعا فخامة الرئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الى تفعيل دوره الرقابي إلى جانب رقابة السلطة التشريعية من أجل تحسين أداء السلطة المحلية والسلطة التنفيذية.. واعتبر أنه إذا وجدت رقابة فاعلة فإن كثيراً مما يطرح حول الفساد سوف يختفي.