صباح الخير
ثمة اعتقاد سائد أن معرفتنا بايطاليا لاتتعدى مانستطعمه من معكرونة لذيذة يأتينا منها، وصورة ذهنية لاتتجاوز سيارات (الفيات) ومشاهد متلفزة عن مسارح وآثار روما الشهيرة وخاصة ذلك البرج المائل في مدينة بيزا، الذي لم يجد حتى الآن من يقوم اعوجاج بنائه.أن امتلاك الإرادة الفاعلة بالتغيير الحقيقي لإصلاح هذا الخلل القائم بيننا والمعرفة الحقيقية عن دول العالم المتقدم كإيطاليا وإمكانيات استفادتنا من هذه المعرفة تظل محدودة في بيئتنا العربية وتحتاج لجهود كبيرة ومتعددة لتغيير التصورات النمطية عنها.فلا ضير أن نسعى إلى بناء علاقات برجماتية واقعية مع مؤسسات دولة يصر البعض على تسميتها ببلد المعكرونة رغم إنها قبل ذلك وبعده هي بلد الحضارة العريقة والعلم وإشراقات الحاضر والمستقبل.وكم كانت سعادتي غامرة وأنا أتابع باهتمام كبير زيارة الوفد الأكاديمي والطبي الذي ترأسه رئيس جامعة عدن إلى إيطاليا خلال شهر فبراير المنصرم، وماتمخضت عنه هذه الزيارة القصيرة والمهمة من نتائج مذهلة من حيث الفوائد العلمية الكبيرة التي ستعود على اليمن والمتمثلة بأساتذة وطلاب جامعة عدن.ولعل من طرائف الأمور التي أوجدتها نتائج زيارة الوفد هو دخول مفردات حديثة لقاموس معرفتنا عن إيطاليا، بعد أن كنا نسمع عن برج بيزا المائل أصبح اسم جامعة بيزا كمفردة جديدة يتردد بين أوساطنا وسيرتبط لاحقا بقطاع كبير من رواد العلم في بلادنا وذلك عقب توقيع قيادة جامعة عدن لاتفاقية تعاون أكاديمي مع جامعة بيزا.كما أضحينا نسمع عن جامعات فلورنسا وروما «تور فير غاتا» والجامعة العليا للمتفوقين والمركز السمعي والبصري بفلورنسا والمعهد الدولي للزراعة والتنمية (IAO)، بدلا من اعتيادنا على سماع أسماء الفرق الرياضية الايطالية ولاعبيها المشهورين!.فجردة حساب سريعة للزيارة القصيرة للوفد الأكاديمي والطبي اليمني من جامعة عدن ومكتب الصحة بالمحافظة يتضح لنا جليا النجاحات التي أنجزت والفرص الثمينة المحققة والتي تضمنتها الاتفاقيات المبرمة بن الجانب اليمني والايطالي.فلأول مرة سيتمكن أساتذة وطلاب كلية الطب بجامعة عدن من التطبيق العملي لمعارفهم في المؤسسات العلمية الإيطالية ذات الباع العلمي الكبير على مستوى العالم، كما سيتمكن أساتذة جامعة عدن من الاطلاع على التجارب العلمية المتقدمة والرائدة للجامعات الأجنبية وسيتبادلون الزيارات العلمية مع الأساتذة الايطاليين.فقد شملت نصوص الاتفاقيات على التعاون بين جامعة عدن اليمنية والمؤسسات الايطالية في مجالات البحوث العلمية والعلوم الطبية والقانون والاقتصاد والهندسة والآداب، وتبادل التجارب والخبرات العلمية، وأيضاً تبادل الأساتذة والخبراء بين الجامعتين، وتبادل المعلومات والوثائق العلمية وتنظيم الدورات والندوات المشتركة وتقديم المنح الدراسية العلمية لمساقات الدراسات العليا، ناهيك عن تنفيذ أبحاث علمية مشتركة والقيام بالزيارات للبعثات الطبية الايطالية لليمن.أن الخوض في تفاصيل الاتفاقيات الموقعة سيكشف مدى المكاسب المحققة لإحدى الجامعات اليمنية التي تواجه أغلبها صعوبات في عملية تواصلها الخارجي واحتكاكها مع الجامعات العالمية الكبرى، وعزوفها عن التقاط الفرص المتاحة لها من مؤسسات دولية مهمة!.ويبدو لنا أن هناك من حاول الاستفادة من تلك الفرص المتاحة لدى المؤسسات الأكاديمية الايطالية لخدمة بلاده وتقدمه العلمي ونجح في بلوغ أهداف كان البعض يعدها من الأحلام بعيدة المنال، ومسار صعب ومائل كبرج بيزا.