مدن عربية وعالمية
لم يعرف المستكشفون البرتغاليون عندما حطوا رحالهم للمرة الأولى في جنوب شرقي ساحل البرازيل عند خليج غوانابارا عام 1502 أن هذا الممر الكبير من المياه ليس إلا البحر ذاته، واعتقدوا خطأً أنه فم نهر كبير يصب في المحيط فأطلقوا على المدينة أسم ريو دي جانيرو «نهر يناير» وذلك على شرف الشهر الذي وصلوا فيه البلاد. وقد أوجد لهم المؤرخون كافة الأعذار، فالجبال العالية عند مدخل المدينة تنزلق انحداراً باتجاه المحيط، تحمل في جوانبها الأشجار الباسقة وتعانق المياه الخضراء المنسابة بهدوء، منظر لا يشاهد عادة إلا عند الأنهار والبحيرات... وهذا هو المشهد الأول الذي تستقبل به هذه المدينة زوارها حتى هذا اليوم.السكان الأصليون لهذه المدينة كانوا من الهنود الحمر من قبيلة توبي، ورغم انخراطهم وذوبانهم بين الوفود المهاجرة، إلا أن ما تبقى منهم اليوم ما زال يحاول المحافظة على أصالته وجذوره وتاريخه ونقله للأجيال المقبلة، ويطلق على ريو دي جانيرو اسم مدينة العجائب لتنوع معالمها وتعددها طبيعية كانت أو من صنع الإنسان، لتحول هذه المدينة إلى مدينة الرقص والفرح والبهجة لمن يقصدها في أي وقت من السنة. فالغابات الاستوائية، خصوصاً حديقة تجوكا الوطنية ، ريو دي جانيرو، المدينة التي يصفها سكانها الذين يتجاوزعددهم الخمسة ملايين بأنها المدينة الساحرة، قد تطول لائحة الأسباب التي تضعها على قائمة أشهر المدن في العالم، إلا أنه يجب الاعتراف بأن العامل الأكثر أهمية في ذلك يعود لأكبر حدث سنوي يجري وهو مهرجان الماردي ( الاربعاء الرمادي ) جرالذي تقوم كافة وكالات التلفزة على تغطيته عالمياً وهو الكرنفال الذي يستمر على مدى أربعة أيام بلياليها من دون أي توقف.تعود جذور هذا الاحتفال إلى عصور الرومان الإغريق الذين قطنوا أوروبا، والذين كانوا يخرجون قبل الأربعاء الرمادي الذي يسبق موسم الصيام إلى الشوارع للاحتجاج على منعهم ممن مارسة شعائرهم. وانتقل هذا التراث إلى البرازيل مع الوفود المهاجرة، خصوصاً من البرتغال واسبانيا وفرنسا، واتخذ قبل عام 1840 شكلاً عنيفاً على رغم أنه كان طريقة للترفيه وذلك برمي الناس بالطحين والسوائل الكريهة الرائحة بالإضافة إلى القنابل المطلقة للأبخرة المزعجة، حتى قررت يوماً زوجة أحد أصحاب الفنادق في المدينة استئجار الموسيقيين والراقصين واستخدام الأقنعة الملونة للاحتفال بطريقة أكثر امتاعاً وتسلية. وخلال بضعة أعوام بدأ الكرنفال يأخذ شكلاً احتفالياً تزينه الرقصات البرازيلية الشهيرة والألوان المختلفة ولم تلبث أن زالت نهائياً أشكال العنف.بعيداً عن الرقص والاحتفال والضجيج تأخذ ريو دي جانيرو زائرها الذي يحب الهدوء والتمتع بالطبيعة والجمال إلى قمة جبل شوكر لوف الذي ينقسم إلى جبلين يتمركزان بين خليج غوانابارا وشاطئ كوباكابانا، وذلك على متن مصعد متحرك يحمل السائح إلى قمة أوركا ليتمتع بمشهد المدينة قليلاً قبل الانطلاق على متن المصعد الثاني الذي يصل به إلى قمة جبل شوكر لوف في الجانب الآخر من الجبلين، والذي ترتفع قمته حوالي 400 متر عن سطح البحر... وأفضل أوقات الزيارة عند غروب الشمس. هذا غير الشواطئ التي تمتد على طول 404 أمتار ويبلغ عددها 72 شاطئاً، وتحتل مكاناً بارزاً على قائمة أفضل شواطئ العالم، وأهمها شواطئ إيبانيما وليبلون، وكذلك شاطئ كوباكابانا الذي اكتسب شهرة عالمية لكونه يتوسط المدينة ويضم أهم احتفالاتها التي تجري على مدار السنة، بالإضافة إلى أهم الفعاليات الرياضية والمائية التي تهم السائح، عدا عن ممره الطويل الذي يمتد على طول 5 كلم حيث يفضل أهل المدينة والسواح ممارسة رياضاتهم اليومية من الركض أو ركوب الدراجات الهوائية أو التمتع بمنظر البحر. ومع أن 90 في المئة من مساحة البرازيل تقع ضمن المنطقة الاستوائية، إلا أن الطقس فيها يختلف من منطقة لأخرى وذلك يعود للتنوع الجغرافي في البلاد. وتبقى مدينة ريو دي جانيرو محظوظة بمناخها المعتدل نسبياً على مدار السنة .