تعز / مثنى الحضوري :كانت رحلتي القصيرة لمحافظة تعز الحالمة الثقافية عابرة جعلتني أمسك قلمي لأعبر عما بداخلي من مشاعر تجاه مشاهد وتمتاز بها محافظة تعز باحتضانها خلال الأشهر المقبلة الابتهاج بأعياد الوطن الوحدوية والتي أهلها لأن تكون مصدراً لجذب السياح والزوار. فالمحافظة تشتمل على مختلف أنواع المقومات السياحية والثقافية وبمجمع أنواع سياحتها الثقافية والبرية والساحلية والجبلية والطبيعية وكل ذلك لسمته أثناء الزيارة حيث تتميز المنشآت التاريخية الموجودة بالمحافظة بأساليب مبتكرة جميلة وخلابة وخصبة في البنيان والنقوش والزخارف الجميلة وهذا ما نلمسه في كثير من المدن التاريخية حيث يوجد في محافظة تعز أكثر من(150) موقعاً أثرياً تمثل في مجملها أهم المعالم التي تجذب السياحة للمدينة بشكل دوري وهناك حوالي خمس مدن تاريخية لاتزال اطلالها باقية إلى اليوم ومنها مدينة تعز القديمة(عدينة) ومدينة تعبات في أقصى شرق مدينة تعز بها البساتين المثمرة وبقايا قصر المعقلي الشهير.أما الثالثة فهي مدينة الجند إلى الشمال الشرقي من مدينة تعز بها جامع الصحابي الجليل معاذ بن جبل ومدينة المخاء التي تحتضن أول ميناء عرف في اليمن وجامع الشاذلي وأخيراً مدينة جبا في المبراخ ومدينة (النواة) في المواسط كما أن وجود عدد من القصور القديمة والمساجد والقلاع والحصون قد أبرزت طابقاً معمارياً فريداً تجلت فيه فنون البناء والزخرفة التي تتنوع وتختلف من منطقة لأخرى حيث يلقى هذا التنوع اهتماماً كبيراً من قبل السياح والزوار وخاصة قلعة القاهرة.يشير الكثير من المؤرخين إلى أن اسم تعز خص في الأساس القلعة المتربعة الآن فوق الأكمة التي تعرف اليوم بقلعة القاهرة والتي كانت مقراً للملوك وتضم العديد من القصور. كما أن القلعة لعبت أبرز الأدوار في حياة المدينة العتيدة التي كانت حتى بداية تولي الرسولين لا تحمل اسماً واحداً يميزها بل كانت تسمى (تعز).نرجع إلى تراثنا العريق حيث تتميز تعز بإنتاج عدد كبير من الصناعات التقليدية تفنن بها الإنسان اليمني وأبدعها حيث تتجلى أصالة هذه الصناعات في تشكيل الحلي والمجوهرات.وكل ما شدني للكتابة عن هذه المدينة الجميلة هي شواهدها ومعالمها التاريخية عندما تنتقل بين أحياء هذه المدينة تجدها لا تزال تضم مجموعة كبيرة من المباني القديمة كالمدارس والمساجد والدور التي تتميز بفن معماري وهندسي بديع ولازالت المدرسة الإشراقية القائمة حتى اليوم شهد عليها ومن هذه الشواهد مسجد (النورية) والمدرسة الأكاديمية التي لم يبقى إلا سورها فقط.بالإضافة إلى مسجد المظفر الذي يعد من أقدم مساجد المدينة. وحقيقة الأمر لقد أعجبت بهذه المدينة وما تمتاز به من أسواق شعبية تباع لها الصناعات التقليدية وكذلك الحركة الدؤوبة للمدنية في جميع مناحي الحياة السياسية والثقافية والزراعية فهي مدينة تحتضن كل محتويات القالب الاجتماعي.ومما أدهشني فيها جبل صبر وعلاقته الحميمة بالإنسان حيث أحلى أوقات أيامنا على سفوح هذا الجبل.وقد زرنا مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة والنشر بمعية بعض زملاء المهنة من محافظة الضالع حيث لاقينا حفاوة في الاستقبال وتعرفنا على أقسام المؤسسة مثل الإخراج والأخبار والمطبعة التابعة لها بقيادة الصحفي الجدير توفيق آغاء رئيس قسم التحقيقات الصحفية بالمؤسسة والذي أطلعنا على مرافق المؤسسة واستمعنا إلى شرح عن تاريخ المطبعة ودوية العمل الصحفي فيها.والطريق التي من المدينة جعلت الزائر طرفاً في إيقاع الحياة خلال فترة النهار. وعندما يتوقف عن استراحة الشيخ زايد وينظر من أحد شرفاتها خلال النهار يرى مداً شاسعاً لا تتوقف معه الحياة بل تزداد حركة الإثارة في ظل إيقاعات الزمن.وأجمل ما تكون فيه المدينة من تحفة ليلاً حيث تتزاحم فيها مفردات الجمال وخطوط ألوانها المنبعثة من أشعة المصابيح المدلاة على واجهات المدينة تمتزج بأضواء القرى المبعثرة على سفح الجبل لتشكل لوحة فنية رائعة وتحفة نابضة بالحياة.