متابعة/ محمد حمود أحمد بالاشتراك والتنسيق بين منتدى باهيصمي الثقافي وبين جمعية تنمية الثقافة والأدب في عدن ،عقدت ندوة ثقافية مؤخراً تناولت الدور التنويري النهضوي لثلاثة من أبرز رموز الفكر الإسلامي المعاصر محمد عبده وجمال الدين الافغاني وعبدالرحمن الكوكبي وقد شارك في الندوة الدكتور جميل شرف الخامري والدكتور يحيى قاسم وأحمد السعيد ومحمد مبارك حيدرة وخالد قائد صالح وعدد من المهتمين بقضايا الفكر والثقافة .في مستهل الندوة اشارت كلمة المنتدى الى اهمية الندوة كونها تأتي ضمن برنامج ثقافي على مستوى المحافظة وضمن النشاط والتنسيق المشترك بين المنتديات الثقافية في اطار الحراك الثقافي التي تشهده عدن وفي البدء القى الدكتور جميل الخامري مداخلة اشار فيها الى اهمية الدور النهضوي للفكر الاسلامي ودور رواده في التنوير وتنقية الفكر الاسلامي من رواسب التخلف والجمود ، وقال : اننا عندما نقول » نهضوي « نعني تنويري، ونحن سنتناول هنا ثلاثة من ابرز رجال الاصلاح الديني والفكر التنويري : محمد عبده- الافغاني الكواكبي ،كما اطلق عليهم الدكتور رفعت السعيد في احد مؤلفاته ،وهم بالطبع جزء من تيار تنويري نهضوي على الصعيد العربي والعالمي .وعندما نقول تيار نهضوي يعني انه عقلاني يقوم على الاحتكام الى العقل في كل شيء وعندما نقول » تيار اصلاحي« نعني اللحاق بالامم المتقدمة للوصول الى مستوى التطور الذي بلغته وتحرير العقل مما يكبله من القيود والتخلف ،إن هؤلاء الثلاثة / محمد عبده - الأفغاني- الكواكبي هم عقول وقمم انسانية اسلامية مستنيرة متمردة على الواقع المتخلف ومتطلعة الى التغيير والتقدم ومن امثالهم حسن العطار،عمر مكرم،رفاعة الطهطاوي،الشوكاني،بن باديس وغيرهم ،وهؤلاء الثلاثة لم ينطلقوا من منطلق الدين وحده عنواناً لمنطلقاتهم الفكرية اومن شعار» الاسلام هو الحل« او » الحاكمية لله أو الدولة الدينية «،وهؤلاء الكبار رغم ماتعرضوا له من عسف واذى لم يتخلوا عن رسالتهم التنويرية : محمد عبده تعرض للكثير من العسف والاذى وكذلك استشهاد الكواكبي والافغاني لقد ادرك هؤلاء الثلاثة اهمية رسالتهم وكانوا ينتمون الى حركات الاصلاح الديني وليس الاسلام السياسي وكانوا جزءً من حركات فكرية وهذه الحركات الفكرية اسهمت في التنوير الفكري.وعندما نتذكر ثورة 1919م المصرية ودورها نتذكر سعد زغلول واعترافه بدور الافغاني ومحمد عبده التنويري وفي التمهيد للثورة المصرية..لقد جاء الافغاني الى مصر عام 1871م ودعا الى معالجة اسباب التخلف ومناهضة الاستعمار وتحرير مصر من الاحتلال البريطاني وقال :- »لقد جاء الاستعمار ليترك مصر في مستنقع التخلف وعلق الافغاني املاً كبيراً على توحيد الامة للتحرر من السيطرة الاجنبية ورأى الافغاني في ختام حياته ان الاسلام اسلامان : اسلام الجماهير الكادحة التواقة للحرية والتقدم ومستوى حياة افضل واسلام الحكام والطبقات المسيطرة على مقدرات الشعوب .وهو الذي اسس في الواقع فكرة الاسلام المجاهد ضد الطغيان الداخلي والخارجي والاسلام المتحرر من صنوف التقليد والتخلف ومن إسار التقليد المضطهد لحرية الفكر والاجتهاد.لقد دعا الافغاني الى اهمية الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة ودعا الى اقامة نظام عادل بعيداً عن الملكية المطلقة لقد قال :» إن الامة يمكن ان تعيش بدون ملك لكن لايمكن للملك ان يعيش بدون امة« ودعا الى اطلاق العقل والعلم واكتشاف قوانين الطبيعة وتسخيرها لصالح الانسان وهو يؤكد ان قوانين الطبيعة لن تختلف مع القرآن الكريم وانما القرآن نفسه يؤكد قوانين العلم والطبيعه وعلى الناس اطلاق العقل والبحث العلمي والكشوف العلمية .إن افكار الافغاني حول المجتمع العادل تعتبر من بوادر التفكير العربي حول مجتمع العدالة والاشتراكية في الفكر العربي الحديث وعندما يتحدث الافغاني والكواكبي عن اشتراكية الاسلام الاولى انما يتحدثان بايمان حقيقي وكان الشيخ محمد عبده المفكر المستنير الذي خدم الاسلام والمسلمين حتى اصبح مفتي الديار المصرية الاول .وعندما غادر الافغاني مصر قال : » حسبكم محمد عبده « لقد ارتقى محمد عبده في سلم الاجتهاد حتى اصبح مفتي مصر الاول . وعاش بين عامي ( 1849-1905اما عبدالرحمن الكواكبي (1848م-1902م) وهو المفكر الذي قرن بين الاستبداد الاجتماعي والاستبداد السياسي ودعا الى مجتمع العدل تحقيقاً لفكر الرواد الاوائل واستمراراً لها وواصل الشيخ محمد عبده هذا الجهاد ولكن بعد هزيمة الثورة العرابية واحتلال الانجليز لمصر اخذ موقفه يتذبدب ولم يناهض صراحة الاحتلال الانجليزي وقد اهتم محمد عبده بالتعليم ودعا إلى الاهتمام به ويعد الشيخ محمد عبده من ابرز ممثلي الاتجاه الداعي الى نهضة التعليم حيث اخذ يركز على التربية ورأى أن دولة الاسلام لايمكن أن تقوم إلا على التربية والنهوض بالامة وراهن على ان تطور الامة يمكن ان ينهض من خلال التربية والتعليم والتثقيف وتنقية الاسلام من الخرافات التي لحقت به. وفي هذا السياق بذل الشيخ جهوده من اجل اصلاح الازهر رغم ما واجههه من عقبات واعباء كما حث الامام على تعلم اللغات الاجنبية والاطلاع على مافيها والتسلح بالعقل السليم والعلم والنصرة للحق الذي يعتمد على الايمان والعلم واهتم بضرورة الاستيعاب العميق لجوهر الاسلام وهذا ما اورده في كتابه الصغير الاسلام بين العلم والمدنية وكانت دعوته في الاساس الى تطويع التراث لمتطلبات الحياة الحديثة وهو يقول : ان الشرطة والخلافة والقضاء مناطق مدنية ولايحق لاحد السيطرة على ايمان احد وفي عبادته لربه او محاربته لوجهة نظره وحذر من الفتنه التي تعيق نهوض اي امه ودعا الى تقديم العقل في اي حكم شرعي ومنع التطرف والجمع بين صالح الدنيا والآخرة وعدم الجمع بين السلطة الدينية والدنيوية وهو يقول : إن الاسلام لايناقض العلم وليس عدواً له وعلى ان ينبع النظام الدستوري لدولة الاسلام على غرار الدساتير الوضعية للدول العلمانية.اما الشيخ عبدالرحمن الكواكبي فهو سوري الاصل عاش بين عامي 1849-1902م فكان رائد الفكر الديمقراطي وصاحب الوعي التحرري -الليبرالي ولد في حلب سوريا ودفن في مصر وكان صاحب رسالة واشتغل اثناء فترة الولاة العثمانيين فما تراجع او هادن في مقاومة الطغيان وعمل على نشر العلم واختط طريقاً مستقلاً بذاته وحرض الناس على مقاومة الطغيان وعاش في ظل العسف والاضطهاد من الولاة ومقاومته لاتستكين وعبر عن افكاره في كتابيه وهما :1) طبائع الاستبداد .2) ام القرى ،حيث تناول في الكتاب الاول نقداً لبعض المفاهيم وفي الثاني نقداً للشعوب الاسلامية كما دعا في طبائع الاستبداد الى اهمية فصل الدين عن الدولة ودعا الى حكماء يؤمنون بالعلم وتشجيع العلماء وتنقية الدين من الممارسات المتخلفة واهمية تقوية وحدة الامة الاسلامية وتمتين اسباب الوحدة ودرء اسباب الفتنة والفرقة والشتات ودعا الى احلال النظام الشوروي العادل محل النظام الاستبدادي نظام يقوم على الديمقراطية واختيار الحكام ومشاركة الشعب في مقاليد السلطة ودعا الى ان يكون الجانب التنفيذي في الحكومة مسؤولاً امام مجلس تشريعي يراقب الحكومة ويقيم مستوى ادائها.لقد استطاع هؤلاء الثلاثه المفكرون التنويريون امعان النظر في استقراء التاريخ وقضايا الاجتماع ومحاولة استقراء مستقبل البشرية انطلاقاً من مفهوم او مفاهيم معاصرة في علم الاجتماع واستناداً الى رؤيتهم المنفتحة للاسلام من ينابيعه الاولى وواصلوا وخاصة الافغاني والكواكبي - ليصلوا الى آراء متقدمة في حركة التمايز الطبقي في التاريخ الاسلامي وفي اسباب الاستبداد وضرورة الكفاح ضده .ودارت نقاشات وتقدم عدد من المثقفين بمداخلات اغنت الموضوع والقضايا المطروحة ،حيث طرح الدكتور يحيى قاسم اهمية دور المثقف العربي في الظروف الراهنة واهمية ان تقوم البلدان العربية بحركة اصلاح جذرية من الداخل بدلاً من فرض الاصلاح من الخارج وكذلك الاهتمام بالتعليم وتطوير الصناعات الوطنية للتحرر من التبعية الاستهلاكية للغرب ومحاربة الفساد والظلم والاستبداد وتحدث خالد قائد ومحمد مبارك حيدرة حول اهمية الموضوع والاستفادة من آراء الاصلاحيين الاوائل التي لازالت تتمتع بأهميتها الى اليوم والاستفادة منها في نبذ العنف والتطرف والارهاب وسيادة التسامح واحترام الاديان وعدم المساس بها واحترام رموزها ،والحوار بين الثقافات والحضارات في ظل التطورات
|
ثقافة
دعائم نهضوية في الفكر الاسلامي المعاصر
أخبار متعلقة