التراث الموسيقي اليمني ومسؤولية المؤسسة الثقافية
د.زينب حزامجرى التعريف بالموسيقى الشعبية اليمنية من خلال الندوة التي نظمتها اللجنة العليا للإعلان (صنعاء عاصمة للثقافة العربية)،في التسعينات من القرن الماضي،وذلك لرسم إستراتيجية ثقافية تستلهم موروث الإنسان اليمني في إطار بلورة الهوية الثقافية العربية والبعد المتعلق بالموسيقى الشعبية بشكل عام،إلى جانب اهتمام النقابة بالبعد الدرامي اليمني، وتشجيع القنوات الفضائية اليمنية على إنتاج الدراما التلفزيونية اليمنية وتم عرض العديد من المسلسلات الرمضانية منذ بداية هذا القرن.كما أقيمت العديد من الندوات الثقافية في السنة الماضية 2009م تهدف إلى الاهتمام بالموسيقى اليمنية الشعبية.وقدمت الندوة مجموعة من البحوث المهمة عن الآلات الموسيقية الشعبية في مختلف محافظات اليمن وعن الآلات الموسيقية القديمة،مثل الطبل البلدي الذي يستخدم في مختلف المناسبات الشعبية والأعياد الوطنية كما صنفت هذه الآلات حسب نوعها كالآلات الوترية مثل الربابة والطنبور والسمسمية،وآلات نفخية مثل الأرغول والشبابة والسلامية والمزمار البلدي،وأيضاً الإيقاعية مثل الدف والربابة وهي قطعة من جلد الضأن منزوع الصوف أو الشعر والمشدود على صندوق خشبي يخترقه عمود من خشب يربط بين طرفيه وتر مصنوع من شعر ذيل الحصان العربي.وفي الريف اليمني يستخدم رعاة الأغنام الناي البسيط أي الشبابة،أما في المدن الكبيرة فنجد الآلات الموسيقية تحظى بثراء المادة الإيقاعية في النسيج الغنائي المتداول في المنطقة وذلك لتنوع الظروف البيئية للإنسان اليمني كما أن الآلات الشعبية في اليمن ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالظروف التاريخية والثقافية لتلك المنطقة بحكم احتكاكها بالحضارات المجاورة وبحكم اتصال الإنسان اليمني بالثقافة الهندية والإفريقية والفارسية،إضافة إلى البعد التاريخي العربي الذي يعد الصورة الناطقة للآلات الشعبية في اليمن عبر الزمان.والآلات الشعبية الوترية تنقسم إلى قسمين:الوترية النقرية والوترية القوسية،حيث اندرج العود والقانون والبرق ضمن الآلات النقرية،وذكرت البحوث بعض الآلات القوسية التي وجدت طريقها مثل المندولين والجيتار.وأعادت أصل آلة الفيولين إلى الربابة التي انتقلت إلى أوروبا في العصر الوسيط،وقدم الباحثون في الموسيقى الشعبية اليمنية دراسات عن آلات النفخ مثل الناي والمجوز والأرغول والمزمار،والآلات الإيقاعية مثل المهباش والطبول والدف والرق والصنوج.وقد نقل العرب الآلات الموسيقية الخام إلى الغرب الذي قام بدوره بتطويرها والإضافة إليها واستشهد ببعض الآثار اليمنية القديمة التي تمثل الموسيقى وموسيقيين لمختلف العصور القديمة المكتشفة في مدينة حضرموت وغيرها من المناطق الأثرية اليمنية للدلالة على أهمية الفن الموسيقي في اليمن.ولتتضح صورة الآلات الموسيقية الشعبية في اليمن يقول الفنان والملحن والكاتب الباحث في شؤون الموسيقى والغناء اليمني الفنان الراحل أبو بكر المحضار:(الآلات الموسيقية لم تقم بمهمة تاريخ المأثورات بتحديد عصر معين أو زمن بالذات،شأن التماثيل أو النقوش أو المسكوكات التي يمكن بها ترتيب أزمنة التاريخ وتعاقب عصوره مما وقفت الآلات الموسيقية عند حد الإعلام بتنظيمها وترتيب حلقات تطورها فيما ظهر منها قبل التاريخ، إذ لم يبق منها إلا ما كان متصلاً بالأصوات التي تجسدها هذه الآلات.- ويقول الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه عن الآلات الموسيقية :«إن الموسيقى أحاسيس وليست مجرد آلات .. وأنا أحس .. وعلى أي حال فقد بدأت أمحو أميتي الموسيقية..وأنا ألحن على الدربوجة وتلتقط آذان العازفين ألحاني فتعزفها كما أحب وكما أشتهي.صوتاً..رائعاً..دافقاً من القلب..فيه حلاوة ..وعمق إنه لا يزال يدفئ السمع حقاً».ومن الشعر الشعبي الغنائي الذي تستخدم في غنائه الآلات الشعبية مثل العود،قصيدة أحمد علي النصيري (ذكرى) وهي قصيدة شعبية غنائية:[c1]أهلاً بذكرى طاب لي فيها السكنأهلاً بذكرى أذهبت عني الحزنأهلاً بذكرى نورت هذا الوطنحققت أعمال وكم مصنع وفن صوتها لا زال يشجي مسمعيعرفها لا زال يغمر مضجعيإنها ذكرى كفت أدمعيونهت عني المواجع والمحنحيا ذكرى نور نود لي الطريقوحيا لي قلب سود به الحريقونهى لي عهد به أرضي تضيقكلما تصبح على ولم وجن* * * *مصنعي ذا اليوم يا أخواني يدوروأنا مرتاح بأخواني فخوروالبوادي شُيدت قدها قصوروالمساكن كل من يعمل سكنوالشوارع بالإضاءة مقمرةوالمدافع في المواقع حاضرةوالمزارع بالفواكه مثمرةوالجزيرة باتمون من عدن[/c] ويقول الشاعر الغنائي القاسم بن علي الشهير بابن هتيمل في أغنيته الشعبية المشهورة «أنا من ناظري»:[c1]أنا من ناظري عليك أغار وار عني مازال عنه الخماريا قضيباً من فضة يقطف النرجس من وجنتيه والجلنارقمر طوقه الهلال ومن الشمسالدياجي في ساعديه سوارصن محياك بالنقاب وإلانهبته القلوب والأبصارفمن الغبن أن يماط لثامعن محياك أو أن يحل إزارعجباً منك تحت برقعك الناروفيه الجنات والأزهارلك في الخيار في القتل والمنجميعاً وما عليك خيارمن معيري قلباً صحيحاً ولوطرفةعين أن كان قلب يعارلا الزمان زمان فيما عهدناهقديماً ولا الديار دياربعض هذا يبلي الجديدويغنى المرء لو أن عمره أعماروالليالي الطوال تنحت منجسمي ما أبقت الليالي القصارأملألأ نوى نوار فما كانجميلاً أن تجتوينا نوارأبصرت مفرقي فأفزعها ليل تمشي في جانبيه نهارأنما العيش والهوى قبل أن ينجم ندى أو أن يدب عذار[/c]إن الاهتمام بالتراث الشعبي الموسيقي ضرورة لتطوير الفنون اليمنية، والاستفادة من خبرات من هم أكثر خبرة وإلماماً بالفنون وخفاياها وليرتفع الحس الفني لدى جمهور الفن اليمني.