أروقة جنون الثقافية الداخل مفقود والخارج مولود
منير محمد أحمد الصلويأروقة جنون الثقافية: منتدى ثقافي ومؤسسة إبداعية عربية (www.gn0o0n.com) اسم انطلق في الحادي والعشرين من مايو 2008م ليشق طريقه في سماء الإبداع الثقافي بكوكبة من الشباب الجاد والمبدع والمثابر من مختلف الدول العربية.ولعل تسمية الأروقة بـ ( أروقة جنون) إنما هو خروج عن المألوف والرتابة؛ فالجنون هنا ليس هو زوال العقل أو فساد فيه؛ إنما عكس ذلك تماماً؛ فهو حالة من حالات الغشية والتجلي التي يصارعها المبدع (المجنون) فتنقله من عالم محدود إلى عالم لا محدود، فيجد نفسه في عالم تسمو فيه روح الإبداع وتنتشر أنفاس التميز، فيصير (الداخل مفقود والخارج مولود)، مفقوداً من عالمنا الضيق لأنه موجود في عالم (جنون) الرحب، فإن اختار العودة إلى وعيه؛ فإنما هو مولوداً صغير يغادر عالماً رائعاً ليس فيه حقد ولا غل ولا حسد، إنما يجد فيه كل خير وسمو ورفعة في الأخلاق والتعاملات والعلم والمعرفة، فعليه - إن اختار الخروج- أن يقبل العيش في عالم تختلط فيه المفاهيم وتتأرجح قيم العدالة والمساواة..وما أن يلج المرُيد بوابة الجنون؛ حتى يكون على مقربة من نفسه لأن حواجز الهموم والأفكار السلبية تتلاشى، وعوائق التعبير تذوب وتضمحل، فيصير جنون الإبداع هو المسيطر حتى يتوغل فيه ويترنح بين أحضانه الفضية، فتشع بذلك سماوات الإبداع مرحبة بمجنون حل، وظلام ارتحل.. يجد المتصفح لهذا العمل الإبداعي إثراءً ورفداً لكل ما هو خلاق وقيم محبوك بتميز في تقسيم أبوابه ونوافذه، وسمواً في اختيار محتوياتها.. بل يجد هناك كلمات منحوتة خاصة لجنون كـ (ثقاسة) التي تعني (ثقافة وساسة)، كما يحس - من التقابل والتضاد في الشكل والعبارات- كأنه أمام نص شعري متناهي الإبداع والروعة.. فاستخدام اللغة العربية وبلاغتها كحلة تزين مسمى كل رواق من تلك الأروقة، وكل ردهة من ردهاتها؛ قد أكسبها خصوصية وتميزاً ..فالعتبة (مراسيم)، والمقهى: (بلا رتوش)، والمحراب: (الندوات واللقاءات)، والورشة: (أينما تولوا فثم وجه النص)، وجنون: (آفاق القصيدة)، وطقس مفتوح: (نثريات)، وشبق الحكاية: (أنت في سردياتهم)، والمشرحة: (في نصية النص)، وتواتر: (ترجمات / أدب عالمي)، وتكوين: (أرق الأصابع)، والبلاط: (شارع الصحافة)، وتنوير: (فضاء الفكر الحر)، واحتراق: (السياسة على صفيح ساخن)، والمكتبة: (يرجى الهدوء)، وصمت: (دو ري مي فا صول لا سي).. وكلها موزعة على ثلاثة أقسام هي: الصخب والإبداع والثقاسة.. ويقبع على كل رواق (عرّاف) أو أكثر مهمته الإشراف والمتابعة ونشر بركاته على كل زائر يطل وضيف يحل، ويحاط أولئك العرافون بمشرف عام ونائبة للمشرف يبثان في القوم الحماس، ويصلحان بين الناس ويوضحان كل التباس.. وعلى عرش تلك الأروقة يقبع (المجنون الأعظم) في نصبه التذكاري، وأمام ذلك النصب التذكاري للمجنون الأعظم يجب أن نمر كلما دخلنا الأروقة لنسجل غيابنا/ الحضور.. ولنلقي بين يديه الورود .. ولكن من هذا المجنون الأعظم؟؟ لا مجيب على ذلك السؤال، ولكن “ في الحقيقة مر من هنا ذات صباح أقصد مساء ولم يكن يملك أجرة استخدامه لأجهزة صاحب المقهى فطرد شر طرده أو بمعنى آخر لم يستطع العودة إلى الوعي ... لذا فالكل مدعوون إلى إلقاء الورود والتحايا في كل دخول إلى الأروقة ... وتعتبر كل هذه الطقوس - إضافة إلى معناها الشعري- بمثابة تسجيل للحضور والغياب ... ومما تجدر الإشارة إليه أن النصب المثبت هو نصب قديم وقابل للتجدد والشحوب أكثر، في الوقت نفسه الذي نؤكد فيه على جدته وسبقه للزمن بمفهوم متفلِّت من الأغلال والارتباطات المقرفة”..“أروقة جنون شرفة أدبية ثقافية سياسية، تقوم على أسس عقلانية، لا تعادي القديم لقدمه، ولا تناصر الجديد لجدته، معيارها أنت في تجلياتك وسموك، تراهن على المتلّقي ولا تصنفه”.. ومما تتميز به أروقة جنون الثقافية؛ إيمانها بما للكتاب من أهمية كبيرة حتى في عصر المعلومة الرقمية.. ولذا فقد أخذت على عاتقها مسئولية نشر الكتب في شتى العلوم والمعارف.. فخلال السنة الأولى من عمرها نشرت أروقة جنون أربعة كتب هي : حق الملكية في ذاته (كتاب قانوني) ، ليال بعد خولة (ديوان شعر) ، كمن يدخن سيجارة طويلة بنفس واحد ( مجموعة قصصية).. ورابع سيأتي الإعلان عنه قريباً بعد أن تستوي (جنون) على مقعد عامها الثاني بإذن الله.. كما أحيت وتبنت أروقة جنون خلال السنة الأولى من عمرها العديد من الفعاليات الثقافية، وحسب خططها وبرامجها فإنها ستقوم خلال الفترة القادمة بالعديد من المشاريع الثقافية والفكرية على عدة مستويات وسيكون للكتاب اهتمام متنامي ربما يتوج بإصدار عن أروقة جنون الثقافية يتضمن مختارات من إبداعات الأعضاء إضافة إلى تعريف بالأروقة ونظام العضوية فيها.. نتمنى لأعضاء (جنون) التوفيق، وبمناسبة إطفاء شمعتها الأولى فإننا نقول للجميع: كل عام وأنتم بخير، ويحق لنا أن نردد ما جادت به قريحة (أحد عرافي جنون) الأستاذ حسين مذكور بهذه المناسبة: [c1]إنه العيدُ يا جنـون فغنـيواملأي الكونَ بهجةً وتمنّيشمعةٌ أولى .. إبتسامة ثغرفاتنَ اللحظِ مبدعاً كـل فـنِوردة أنتِ يا جنون ورسـمٌأتقنته النهى .. ارتديهِ وجنّي[/c]وختاماً: نحن بانتظار مزيد من المفاجآت عبر أروقة جنون الثقافية ترجمةً للآمال التواقة للغوص في بحار الإبداع.. وهنئياً لكم (آل جنون) هذا التميز.. ودمتم بألف خير..