الجميع يتفق أنّ مستوى ونوعية التعليم العام والجامعي، في بلدان ما يسمى بالعالم الثالث، ومنها بلادنا، لم ترتقِ بعد إلى المستوى المطلوب، من حيث نوعية المعارف والمهارات التخصصية العملية والنوعية، وكذا في اكتساب الخبرات من البيئة الجديدة التي يدرسون فيها، والتطبيقات التي يقومون بها هناك لمعارفهم الجديدة؛ من هنا كان استمرار البعثات الدراسية إلى الخارج ضمن الاتفاقيات الثنائية بين بلادنا وتلك البلدان، لتأهيل الكادر اليمني.وخلال العقود الماضية تخرج مئات الآلاف من كوادرنا من العديد من البلدان وفي مختلف التخصصات، ولكن للأسف لم تجرِ الاستفادة منها الاستفادة الكاملة، من حيث سرعة استيعابها في مجالات تخصصها وتوفير مقومات الحياة الضرورية لها لكي تبدع وتتطور في مجالها، والاهتمام بتنمية الكادر البشري، بدء مع بدء عملية الابتعاث، حيث يقتض الأمر أن تعطى الأولوية للمتفوقين من الطلاب، ومن ذوي التخصصات العلمية الجديدة، التي تحتاجها البلاد، وأن تكون هذه المنح إلى بلدان، لا تمنح الشهادة فقط، بل إلى بلدان تمنح الكفاءة التخصصية فعلاً والخبرة العملية في الوقت ذاته.وأن تعمل تلك البلدان على توفير الأجواء الآمنة للتحصيل العلمي للطالب، سواءً بسواء مع مسئوليات سفاراتنا فيها، لضمان استكمال الدراسة بجدارة، والعودة المكللة بالنجاح والتفوق، لخدمة بلدانهم وشعوبهم، ليكونوا إضافة نوعية للخبرات السابقة، يواصلون عمليات التنمية المستدامة اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، وأن يجري توفير مخصصاتهم المالية بانتظام، سواء من سفاراتنا أو من البلدان التي قدمت لنا هذه المنح الدراسية، وكذا توفير السكن الملائم، والمراجع الدراسية المطلوبة من الطلاب، وخلق الألفة والتعاون بين كل أطراف العملية.الأهم في الأمر كله كما قلنا، أن نعطي الأولوية للمتفوقين من خريجي الثانوية العامة، وبالذات من أبناء الفقراء ماديًا؛ لأنّ أبناء الأغنياء يستطيعون متابعة الدراسة في الخارج على حساب آبائهم مباشرة، دون أن يكونوا بحاجةٍ لمزاحمة أبناء الفقراء المتفوقين بدرجاتهم عليهم، ولا ينبغي للرشوة والمحسوبية هنا أن تنتصر على من هُم أحق وأجدر بهذه المنح الدراسية، وبعد التخرج ويجري أيضًا استيعاب الجميع عند التعيين وفق جدارة الطالب في نتائج تحصيله العلمي وليس لحسبه ونسبه؛ وإلا فقدت العملية كلها جدواها وهدفها، فلا يبني الأوطان إلا الأكفاء والمخلصين من أبنائه.فلنبدأ الآن، لنصحح أي اعوجاج في مسارات أعمالنا ونشاطاتنا وعَلاقاتنا كلها، ولنبدأ هذا العام مع عملية الابتعاث الدراسي إلى الخارج، بتطبيق تلك المعايير والمقاييس، وتوزيع النسب على المحافظات بشكل عادل ومنطقي، ونتيح فرص التأهل للجميع دون استثناء أو تعقيد، وبعيدًا عن المركزية المفرطة، ونقل الصلاحية الكاملة في مثل هذه المواضيع إلى مجالس الحكم المحلي في المحافظات، وكذا استكمال إجراءات المتابعة والسفر داخل كل محافظة على حده.أن نبدأ الآن خير من التأجيل والمماطلة والتسويف الممل والمكرر كل عام، وطريق الألف ميل تبدأ بخطوة اليوم، وتتابع الأمور، ونصحح الأخطاء بعيدًا عن المكابرة والمقامرة، وبعيدًا عن أية تحسس، وهذا هو طريق الإصلاح والتغيير في مجال تعاملنا مع مجال الابتعاث الدراسي إلى الخارج.. فهل نفعل؟* محمد عبد الجليل
الدراسة في الخارج
أخبار متعلقة