بكلفة 7 ملايين و650 ألف دولار
[c1]* المشروع ينفذه فريق فني من المعماريين اليمنيين والإيطاليين بتمويل محلي ودولي[/c]صنعاء / سبأفي مشروع كبير لترميم الذاكرة والتاريخ، وحماية واحد من أبرز النقاط المضيئة في تاريخ المعمار اليمني، تدشن في الثامن من نوفمبر الحالي في صنعاء المرحلة الأولى من مشروع ترميم وصيانة الجامع الكبير؛ في مشروع تاريخي هو الأهم من نوعه منذ إنشاء الجامع في القرن السادس الميلادي، ويستمر خمس سنوات.وينفذ المشروع فريق مشترك من المعماريين اليمنيين والإيطاليين، بتمويل محلي ودولي تبلغ قيمته الإجمالية سبعة ملايين و650 ألف دولار، يساهم الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بمبلغ 500 ألف دينار كويتي.ويأتي هذا المشروع ليكون المحطة الأخيرة لجهود الترميم والتوسعة التي شهدها الجامع خلال فترات متلاحقة من التاريخ، بدءاً من العهدين الأموي والعباسي وحتى تاريخ الدويلات اليمنية، وحكم العثمانيين والأئمة لليمن.[c1]* المشروع واحد من أهم وأكبر المشاريع[/c]يقول الأخ حمود عباد، وزير الأوقاف والإرشاد، إن المشروع يعد واحداً من أهم وأكبر مشاريع الترميم والحفاظ على المواقع التاريخية في اليمن.. ليس فقط لكون المشروع يستهدف أهم المعالم في أهم المدن التاريخية اليمنية المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي، بل لكونه تضمن تركيب أنظمة حماية متطورة وأعمال ترميم دقيقة ومتعددة إنشائية ومعمارية وزخرفية مميزة، فضلا عن عمليات إعادة تأهيل ملحقات الجامع وأعمال الصيانة التي ستنفذ وفق منهجية حديثة تلبي المعايير الدولية في هذا المجال.وأوضح وزير الأوقاف والإرشاد أن المشروع الذي يأتي تنفيذا للقرار الجمهوري رقم 354 لسنة 2001، القاضي بترميم وصيانة مبنى الجامع ومرافقه وملحقاته، يسعى إلى إعادة إحياء المميزات التاريخية والمعمارية التي ميزت الجامع كواحد من أقدم الجوامع في العالم الإسلامي.[c1]* مكونات المشروع[/c]م. عبد الحكيم السياغي، رئيس الفريق الوطني للمشروع، أوضح أن خطة المشروع تسعى إلى إنجاز عدة أهداف أولها ترميم مبنى الجامع من الناحية الإنشائية للحد من أية أضرار بهيكل المبنى، وفي الجدران والأسطح والأعمدة والأرضيات، وكذلك ترميم وإعادة بناء العناصر المعمارية الخارجية والداخلية بما فيها ترميم السقف الخشبي والأطر والزخارف الأخرى، فضلا عن بناء دورات مياه وأماكن وضوء مواضئ بديلة وإزالة كتل البناء المستحدث.وأشار السياغي إلى أن أعمال الصيانة والترميم ستشمل بناء مبنى جديد في الجهة الجنوبية الغربية لحوالي 60 دورة مياه، ومواضئ جديدة لأكثر من 120 شخصا تراعى فيها الجوانب الصحية والخدمية وتناسب طبيعة وخصوصية الجامع ومحيطه العمراني بتكلفة 362 ألفاً و819 دولاراً، فضلاً عن بناء خزان أرضي وعلوي، وكذلك بركة كبيرة في المقشامة الغربية للاستفادة من مياه الوضوء لري المقشامة.. بالإضافة إلى ذلك سيتم إعادة تسوية أرضيات الجامع، وإعادة رصفها بحجر الحبش وفرش الجامع بسجاد مناسب يليق به واستبدال الشبكة الكهربائية الحالية بشبكة جديدة آمنة ومناسبة، مع نظام إضاءة حديثة للاستخدام اليومي في الصباح والمساء لإظهار الجوانب الفنية لمكونات المبنى من الداخل والخارج.[c1]* أنظمة حماية متطورة[/c]ونوه السياغي بأن المكون الأبرز في هذا المشروع يكمن بحسب العاملين في تزويد المبنى بنظام إنذار للحريق، ونظام الإطفاء الآلي واليدوي المناسب لمبنى الجامع ومكوناته الحساسة كالسقف.. كما سيتم تزويد المبنى بنظام صوتي متطور مناسب يتناسب مع خصوصيته، فضلا عن تزويده بمولد كهربائي حديث يلبي احتياجات الجامع ومرافقه، بالإضافة إلى تزويده برافعة عمل متحركة لأعمال الصيانة الدورية وصيانة شبكة المياه والصرف الصحي حول الجامع من جميع الجهات وتأمينها، وتجهيز مرافق إدارة وحماية مبنى الجامع ومرافقه.وأشار م. السياغي إلى أن فرق العمل ستتولى إخلاء مكتبة وزارة الثقافة الواقعة في الجهة الجنوبية، ونقل محتوياتها إلى دار المخطوطات لتنفيذ عملية الترميم، فضلا عن نقل محتويات مكتبة الأوقاف في الجهة الغربية وتفكيك وإزالة مبنى المكتبة المستحدث في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، وكذا تفكيك وإزالة بقية المباني المستحدثة مثل دورات المياه والخزان الخراساني والبركة في الجهة الغربية، وكذا ترميم المنازل الواقعة في الجهة الغربية وإعادة تأهيلها.[c1]* وضع مجسمات أرضية[/c]وقال: "ولمعرفة الحالة الإنشائية والمعمارية والتاريخية والأثرية لمبنى الجامع؛ سيتم وضع مجسات أرضية في عدة أماكن من الجامع لأخذ عينات من مواد البناء واختبار التربة ومكوناتها، ومعرفة مراحل البناء والتوسيع التي جرت سابقا لمبنى الجامع لغرض إعادة المستويات وتصريف مياه الأمطار من الصرح وإعادة تسوية الأرضيات .. كما سيتم وضع مجسات للحوائط والأعمدة في عدة مناطق من الجامع سيتولى تشغيلها والإشراف على عمليات الفحص والاختبار والتحليل فيها فريق عمل يمني، وبمساعدة خبراء أجانب".[c1]* مشاريع سابقة[/c]الأعمال السابقة التي شهدها الجامع هذه السنة بدأت في أبريل الفائت بمشروع الحفاظ على السقف الخشبي المزخرف والملون والأفاريز.وفي هذا الصدد؛ يقول السياغي إن أعمال ترميم تجريبية تمت في أبريل الفائت من قبل فريق متخصص من معهد (فينتو) الإيطالي، بمشاركة كوادر يمنية مدربة لترميم وصون السقف الخشبي المزخرف والملون والأفاريز استغرقت ستة أشهر، كما تم قبلها إجراء العديد من المجسات والاختبارات والفحوصات لمكونات السقف وتحديد أنواع الأضرار بشكل عام، ووضع تصور علمي وعملي لتنفيذ هذه التجربة.وأشار السياغي إلى أن الفريق أنجز عملية ترميم وصون الأجزاء المستهدفة في فترة زمنية أقل من الفترة المحددة، ووفق المعايير الدولية المتبعة في ترميم وصون المعالم التاريخية المدرجة في قائمة التراث العالمي من خلال طريقة الترميم، والمواد المستخدمة والتقنيات المعتمدة.وأضاف م. السياغي أنه ووفقا لنتيجة المرحلة التجريبية الفنية والمادية، ونظراً لطبيعة المواد المستخدمة بما في ذلك برنامج التدريب للعاملين في المشروع، قدر الوقت الضروري لانجاز أعمال الترميم للأسقف والأفاريز بحوالي 5 سنوات، وبتكلفة إجمالية تقدر بـ 4 ملايين و500 ألف دولار.[c1]* نظرة تاريخية[/c]ويعد الجامع الكبير بصنعاء من أقدم جوامع العالم الإسلامي، حيث تم بناؤه بأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العام السادس الهجري، كما يعتبر من أهم المعالم التاريخية والمعمارية في اليمن، ويعتبره كثيرون سجلا حيا لتاريخ اليمن على مر الزمن، وقد أجريت له عدة إضافات وإصلاحات في أزمنة مختلفة.وبدأ بناء الجامع في بستان باذان بين قلعة غمدان والصخرة الململمة الموجودة الآن في الصرح الغربي في أصل أساس الجدار من الجامع.وبني الجامع الكبير بداية بمدخل واحد بالطراز المعماري اليمني على مساحة مربعة تزيد عن 120 متراً مربعاً.ويعتبر محرابه من المحاريب الأولى التي بنيت في صدر الإسلام، وله مئذنتان دائريتان مخروطتان من الأعلى وملونتان بالجبس الأبيض.وتتبع الجامع الكبير عدد من الأبنية الصغيرة التي كانت أعدت كمنازل لطلاب العلم من خارج مدينة صنعاء، كما ألحقت به واحدة من أشهر مكتبات المخطوطات النادرة في اليمن تضم 13 ألف مخطوطة.[c1]* مشاريع الترميم والتوسيع القديمة [/c]لم يكن هيكل الجامع سابقا على حالته الراهنة، إذ أجريت له العديد من التوسعات والتجديدات في أزمنة تاريخية متعاقبة.وكان أول تعديل له أثناء ولاية أيوب بن يحيى الثقفي لليمن في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك 705 - 7150، حيث أمر الوليد بتوسعة المسجد إلى جهة الشمال باتجاه القبلة، وفي أواسط القرن 8م بداية الدولة العباسية تمت إضافة الأبواب بواسطة الوالي عمر بن عبد المجيد العدوي.وفي العام 745 هجرية شهد الجامع إصلاحات تلاها إصلاحات أخرى بداية القرن العاشر الهجري ثم خلال فترة حكم إبراهيم بن محمد بن يعفر الذي أمر بإعادة بناء الجامع بداية القرن الحادي عشر.وفي بداية القرن الثاني عشر بنت الملكة سيدة بنت أحمد الصليحي بناء الرواق الشرقي.. وفي بداية ومنتصف القرن الثالث عشر أصلح الأيوبيون المنارتين في الفترة من 1205 / 1207م.ثم بنى القاضي سراي بن إبراهيم 1228 / 1229م المطاهير المواضئ، وأعاد عمر بن سعيد الرابيعي بناء المحراب في 1266 / 1267م، وفي النصف الثاني من القرن 16 أصلح الوالي العثماني مراد باشا المحراب في 1576 / 1577مفي بداية القرن السابع عشر قام الوالي العثماني سنان باشا بإعادة بناء قبة الزيت والرصف في الصوح صحن الجامع.وفي بداية القرن الماضي بني الإمام يحيى مكتبة الجامع كما تمت إضافة أعمدة جديدة على امتداد الرواق الجنوبي جهة القبلة وتقوية سطح الرواقين الشرقي والغربي.وشهد الجامع في سبعينيات القرن الفائت تجديد جزء من الجدار الغربي والشمالي وتسوية أرضيات الجامع بالموزايك وكذا تسوية الصوح.وبنيت مكتبة الأوقاف في الجهة الغربية في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وقياسا إلى كل مشاريع الترميم والتعديل والتوسعة السابقة فان المشروع المقرر انطلاقه بعد أيام يعد الأهم والأول من نوعه في التاريخ اليمنى الحديث.ويشير الخبراء إلى أنّ المشروع سيتضمن عملية ترميم شاملة تستخدم فيها أحدث طرق الترميم بالاستعانة بخبراء محليين ودوليين وفق المعايير الدولية المرعية للحفاظ على المعالم التاريخية.