* إضافة إلى الهيئة الرسمية أو الحكومية التي تسمى «مصلحة شؤون القبائل» التي يخصص لها من الخزانة العامة للدولة سنوياً أكثر مما يخصص لقلعة علمية مثل جامعة عدن، صار لدينا هيئة قبلية تتكون من المشايخ تسمى «مجلس التضامن الوطني» وهي غير حكومية طبعاً لكن مشايخها هم أنفسهم الممولون من مصلحة شؤون القبائل.. وإلى جانب هاتين الهيئتين هناك هيئات ومجالس تخلف وجهوية وعصبوية كثيرة ابتليت بها هذي البلاد في ظل تراجع دور النخب المستنيرة.كنت أقرأ ما صدر عن مشايخ مجلس التضامن الوطني من كلام عن الدستور والقانون والمواطنة المتساوية وإدانة «الحبوسات» وأضحك.. كذلك الشعارات التي صاحبت الدورة الثالثة لهيئة شورى المجلس مثل «من أجل اليمن» و« الوحدة أغلى ما نملك» هي الأخرى تضحك النملة التي تعرف من رفعها.. إذ متى كان المشايخ مع الدستور والقانون ودعاة مواطنة متساوية وضد «الحبوسات» ونظام الرهائن،! نحن نتحدث هنا عن فئة معروفة من المشايخ وليس كل المشايخ.. ففيهم شخصيات عامة محترمة على الأقل تلك التي توازي بين القبيلة والدولة.* المشايخ الذين يتحدثون عن الدستور وتطبيق مبدأ سيادة القانون معظمهم عقبة أمام هذا المبدأ.. ويتحدثون عن المواطنة المتساوية وهم يرفعون راية التمييز حتى قال أحدهم «اليمني الذي لا ينتمي لقبيلة ليس يمنياً»! ويتحدثون عن رفضهم «الحبوسات» و«نظام الرهائن» بينما في كل دار شيخ كبير «سجن خاص» وتسمع أحدهم يقول «سلمنا لهم عشرة بنادق وخمسة من أبناء القبيلة» كحسن نية لحل المشكلة، وفي الوقت نفسه يتكلم عن رفضه «نظام الرهائن».يقول لك «من أجل اليمن» في حين يؤمم وجهه شطر القصور والخيام جزيلة العطاء في الخارج، «والوحدة أغلى ما نملك» بينما أتخذوا من الوحدة فرصة لامتلاك أغلى الأراضي والثروات الهائلة وكانوا ضمن الطليعة التي تسببت في الشرخ الوطني الذي يتسع.* اللوم ليس على هؤلاء بل على الدولة التي لم تفصل بين الدولة والقبيلة.. التي أوجدت عن عمد بيئة يتكاثر فيها المشايخ مثل الدود.. قال أحدهم: زمان كان المشايخ إذا التقوا تباهى الشيخ وقال أنا معي ألف رعوي، وقال الثاني: أنا معي ألفان.. واليوم يقول المواطن «الرعوي» أنا معي ثلاثة مشايخ وقال الآخر: أنا معي اكثر منك.اللوم يقع على الدولة التي «تربي في جيبها حنشان».. تنفق على الشؤون القبلية أكثر مما تنفقه لإنشاء قسم شرطة ونيابة ومحكمة في منطقة قبلية.. فبدلاً من إنشاء هذه المؤسسات المدنية التي يفترض أن تكون ملجأ للناس المتخاصمين، تقوي مشايخ ليحلوا محل مؤسسات الدولة المدنية.المال العام المخصص للمشايخ ومرافقيهم سنوياً يكفي لإقامة مدرسة ومحكمة ومشروع إرواء وإنارة في هذه المنطقة،وتقوية هيئات الدولة وبسط العدالة في منطقة أخرى، وضمان الأمن والقضاء على البطالة في منطقة ثالثة.
دولة تربي في جيبها حنشان
أخبار متعلقة