المرأة اليمنية أنموذج التضحية والفداء والمقاومة في ثورة 14 أكتوبر
عدن - سبا :حكاية المرأة اليمنية مع ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة 1963م حكاية صك ممهور بالعطاء والتضحية والنضال الوطني كافحت ، جاهدت ، وقاتلت،وأسهمت في خوض مختلف أشكال النضال السياسي التحرري منذ اللحظات الأولى للثورة . حيث شاركت المرأة في هذا النضال ،وقادت مظاهرات ،ومسيرات ،واعتصامات ،وناهضت الاحتلال ،ورفضت هيمنته الاستعمارية ،من خلال حملات التوعية السياسية في الأوساط الاجتماعية والجمعيات الخيرية ومرافق العمل المختلفة. وكانت المرأة اليمنية نموذجاً فاعلاً في مسيرة الكفاح المسلح أو السلمي المطالبة برحيل القوات البريطانية عن عدن..كما عملت المرأة على تأجيج الشارع والنزول اليومي لتوزيع المنشورات الثورية بكل جرأه وشجاعة إلى جانب قراءتها للبيانات السياسية عبر مكبرات الصوت من منابر المساجد ومحاولة رفع القهر عن اسر المعتقلين من الفدائيين والسياسيين بشتى الوسائل والطرق الممكنة رغم الاعتقالات التي واجهتها من قبل قوات الاحتلال. ومع اندلاع ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م وإعلان الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وتأسيس الجبهة القومية كتنظيم سياسي تبنى عملية الكفاح المسلح واعتبرها وسيلة رئيسية في محاربة الاستعمار البريطاني انخرطت كثير من النساء في صفوف هذا التنظيم والتنظيمات التابعة له وسنحت لها الفرصة للمشاركة في العمل الوطني العظيم خاصة وان الجبهة القومية اعتبرت المرأة شريكا أساسيا مع الرجل في النضال الوطني حيث لم تكن المرأة قد حظيت بموقف مماثل على هذا المستوى من الوضوح و انخرطت في صفوف الجبهة القومية وجبهة التحرير والأحزاب السياسية الأخرى لمواصلة نضالها ضد المستعمر البريطاني. [c1]اسماء لنساء نذرن انفسهن في المقاومة والنضال[/c] وفي لقاءات أجريت مع عدد من الاسماء الوطنية لنساء نذرن أنفسهن في مسيرة او رحلة حركة المقاومة والتصدي للمستعمر لتحرير الوطن وشاركت مشاركة فعالة في الكفاح المسلح وتنظيم المسيرات المناهضة وتوزيع المنشورات الداعمة لحق تحرير البلاد من المستعمر البريطاني. كانت محطتنا الأولى مع سميرة قائد محمد غالب زوجه السفير السابق احمد عبدالله عبد الاله والتي خصصت لنا فسحة من وقتها رغم رغم الوضع الصحي الحرج الذي تمر به لتروي لنا بعضا من المواقف والمراحل النضالية التي ساهمت فيها في تلك الحقبة . سميرة قائد :الجندي المجهول في التضحية والفداء والدي اثر في نشأتي قائلة: «ولدت في أسرة متوسطة الحال تتكون من عشرة أفراد وتلقيت تعليمي الابتدائي والثانوي في مدارس التواهي وخورمكسر وعملت كمذيعة بإذاعة عدن ثم انتقلت للعمل بقطاع التربية والتعليم وبقيت فيها حتى التقاعد».وتابعت «ان اعمال القمع والاضطهاد والأوضاع السياسية التي مرت بها اليمن خلال فترة الاستعمار والحكم الامامي كانت من الأسباب الأساسية التي حفزت الشعب رجالا ونساء للانخراط في جبهات النضال المسلح ضد المستعمر البريطاني في الجنوب والدفاع عن ثورة سبتمبر في الشمال «. منوه الى ان مشاركة والدها في أحداث 48م ضد الامام يحيى بن حميد الدين واعتقاله ومن ثم عودته الى عدن مؤكدة ان افكار والدها ومبادئه الثورية كان لها الاثر البالغ في تربيتها ونشأتها.وعن تجربتها النضالية وانخراطها في العمل السياسي تقول سميرة : بدأت في المرحلة المتوسطه للتعليم الثانوي عام 64م كانت صديقتي ( ثريا منقوش) لها دور كبير في الانخراط والعمل في تنظيم الجبهة القومية بسبب ترددها وزيارتها لمنزل العائلة لغرض الدراسة وفي احد الايام تحدثت معي عن الاوضاع المتردية في البلد والأفكار الثورية وعمل الفدائيين في بعض الدول العربية وعن فكرة المشاركة في العمل السياسي والنضالي ضد الاحتلال البريطاني لنيل الحرية والاستقلال وحثي على اتخاذ موقف جاد حول ما يدور والمشاركة في صفوف النضال والكفاح المسلح فوافقت وكنا نشكل خلية سريه مكونه من ثلاث فتيات نعمل من خلالها على توزيع المنشورات من المعلا الى التواهي التي كانت تحضرها الأستاذة فطوم الدالي المسئولة على خليتنا ،وكان ال-تعامل بيننا بسرية تامة ولم اكن اعرف اسماء البنات المشاركات في الخليات الاخرى او مجموعة الفدائيين التي نرسل لهم المنشورات .. مبنية ان عمل الخلية اقتصر على مناقشة التعميمات التي تصل اليهم والبرامج ومن ثم القيام بتوزيع المنشورات والمشاركة في تنظيم المظاهرات في صفوف بنات الثانوية العامة . وتتابع سميرة حديتها : «تعرضت للحبس في سجن المعلا برفقة بعض زميلاتي لمدة خمس ساعات بحجه الازعاج وترديد اغاني وشعارات ثورية في باص المدرسة وبسبب هذه الحادثة عرف والدي بانضمامي الى العمل الوطني في اطار الجبهة القومية ولم يصدر عنه رد فعل لكنه طلب مني الحرص الشديد وعدم الدخول في مشاكل تؤثر في مسيرة حياتي العلمية والدراسية».ومن ذكرياتي التي تستحضرني الان: «هناك واقعة اخرى واجهتنا في الطريق اثناء عودتنا من المعلا ومرورنا بنقطة تفتيش لقوات الاحتلال في منطقة حجيف حيث كانت بحوزتنا منشورات سنقوم بتسليمها وتوزيعها بالتواهي ولتدارك الموقف والهروب من التفتيش قمنا بإخفاء المنشورات في بطن زميلة لنا وإيهامهم بانها في حالة ولادة ويجب نقلها الى مستشفى التواهي لتضع مولودها ومررنا بسلام دون اي تفتيش وقمنا بتوصيل المنشورات الى المجموعة التي كانت تنتظرنا هناك» . لافتة الى مشاركتها في المظاهرات التي نظمت ضد الادارة المدرسية بخور مكسر والخروج الى المجلس التشريعي بكريتر وتعرضها للضرب والقنابل المسيلة للدموع من جنود الاحتلال الذين كانت لا يميزون بين فتاة وطفل وشيخ . واوضحت انها بعد نيل الاستقلال في 67م انتقلت مع عائلتها للعيش في تعز والاستقرار فيها وبعدها سافرت الى القاهرة لمواصلة دراستها ورفع مؤهلاتها وهناك التحقت بالدورات التدريبية والتاهيلية التي كان ينظمها معهد التدريب الاذاعي بالقاهرة وبعد اكمال الدراسة عادت مرة اخرى الى عدن وعملت باذاعة عدن خلال الفترة من 68وحتى70م وشاركت في تقديم العديد من البرامج الاجتماعية وفي عام 70 م سافرت الى ليبيا لدراسة الخدمة الاجتماعية وبعد عودتها فوجئت بعدم وجود التخصص فانتقلت للعمل كمدرسة ومن ثم نائبة في مدرسة باكثير بصيرة وتدرجت العديد من المناصب التربوية والتعليمية . [c1]الدكتورة سعاد يافعي : مشاركة المراة نتاج غليان ثوري[/c]وروت الدكتورة سعاد عثمان يافعي محاضرة في كلية الاقتصاد جامعة عدن قصة الادوار البطولية لنضال المراة حيث قالت: لعبت المراة في مسيرة النضال الوطني ضد الاستعمار البريطاني دورا اساسيا وملموسا في مواجهة المستعمر البريطاني لجنوب الوطن . واعتبرت مشاركة المرأة الجماعية والذاتية كان نتاج غليان ثوري في المنطقة ,وارتفاع الوعي الثوري الذي بدأ مع قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م وتأجج مع حركة تأميم قناة السويس والعدوان الثلاثي على مصر . وأشارت إلى إن هذا النضال بدأ بتوجهات وطنية واعية لبعض طلبة اليمن في القاهرة مع الظروف والمتغيرات السياسية التي ساعدت على تصعيد حركة المقاومة ضد الإمامة والانجليز حيث أخذت فكرة الكفاح المسلح تتسلل إلى العديد من التنظيمات السياسية اليمنية وكانت حركة القوميين العرب من اوائل المتبنيين لخيار الكفاح المسلح . وأضافت الدكتورة سعاد : مع انتصار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 62م حدث انفراج في قضية النضال التحرري من الاستعمار البريطاني وتشكل تنظيم الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل وانطلقت أول شرارة الانتفاضة المسلحة في ردفان في الرابع عشر من أكتوبر 63م .. موضحة ان مدينة عدن واهلها لم يستكينوا يوما لإذلال المستعمر الغاصب الذي صادر حرية ابنائها وظلت عدن ثائرة تناضل لاسترداد حقها من الكرامه . وتتذكر سعاد إضراب طالبات كلية البنات بخورمكسر في 24سبتمبر 1962م الذي شكل نقطة انطلاق وتمهيد للثورة الام وزادت من درجة الغليان الثوري مشيرة إلى إن إضراب طالبات المدرسة الانجليزية كانت ضد المناهج التعليمية البريطانية ومديرة المدرسة والتي كان همها استفزاز المشاعر الوطنية للطالبات الامر الذي أدى إلى الخروج بمسيرة طلابية من خورمكسر إلى محكمة عدن والى المجلس التشريعي بكريتر ... مشيرة إلى إن هذه التظاهرة أدت إلى تاجج المشاعر الوطنية ووقوف الشعب مع الطالبات . واعتبرت ان ثورة 26 سبتمبر احد أهم الركائز الاساسية لدعم الحركة الوطنية في الشطر الجنوبي المحتل من الوطن والممهدة لقيام ثورة 14 أكتوبر مضيفة أن هذه المظاهرات كانت خطواتها في مسار الكفاح المسلح الوطني وبدء الانخراط الأكثر تنظيما وأكثر سرية مع اختها امنه عثمان يافعي ورفيقات أخريات على رأسهم ثريا منقوش وانيسه احمد سالم تحت إشراف وقيادة محمود سلامي وعبدالفتاح إسماعيل وعبدالله عقبه . وأردفت: بدأت أختي في تأهيلي من خلال إعطائي بعض الكتب للقراءة والتلخيص وذلك بهدف رفع الوعي الوطني واتاحه الفرصة لمناقشة التعميمات ،ولقد كان لدور أختي في الحركة النقابية تأثير في دوري النضالي مع العزيزة الأخت الهام عيدروس وأيضا الاخوات ملكي عبدالله وملاك حسين وزينب السقاف وأنيسة عبود . وأشارت إلى انه مع سفر الهام عيدروس اسندت لها مهام عديدة منها تولي قيادة قطاع الطلاب فرع كريتر مع محفوظ واخرين وكان دورها يكمن في تحديد المهام المناطة بالطلاب والتخطيط للاخريات بعد رفض المستعمر إطلاق سراح بعض الطلبه وتوزيع نشرات المقاومة والمنشورات المختلفة وأي تعميمات بالإضافة إلى جمع التبرعات والمشاركة في جنازات من قتلوا برصاص الجنود المحتلين اثر العمليات فدائية وكانت اشهرها جنازة عبود وتنظيم المظاهرات والتنسيق مع بعض النساء لنقل الأسلحة وايوء الفدائيين . وأوضحت ان إلقاء قنبلة المطار في 10 ديسمبر 63م على المندوب السامي البريطاني كان بمثابة الرد على القرارات البريطانية بتشكيل الاتحاد الفيدرالي للجنوب العربي ومن يومها بدا الكفاح المسلح في عدن . وبينت ان زيادة عنف المقاومة جعل المستعمر يعلن منع التجول في كريتر وهذا بدروه دفع بمختلف الفئات وبالذات الحركة العمالية إلى إعلان الاضراب العام في عام 65م . وتتابع: مع مجيء بعثة الامم المتحدة في 67م صعد الثوار كفاحهم المسلح ومثلت تلك المظاهرات التي استمرت لثلاثة ايام مع لجنة تقصي الحقائق في عدن محطة ومنعطف جديد في حياتي. واستطردت سعاد : بعد نكسه الخامس من يونيو 67م اشتدت المقاومة وفي 19 يونيو من نفس العام اعلن وزير خارجية بريطانيا عن سياسة تقضي بتجديد تاريخ الاستقلال وتقوية جيش الاتحاد ودعمه جويا بحاملات الطائرات البريطانية الامر الذي ادى الى انفجار الوضع في انتفاضة عارمة انطلقت من معسكر (ليك) وهاجم الثوار المعسكرات واطلقوا سراح السجناء وتمركزوا فوق البنايات واطلقوا نيرانهم على التجمعات البريطانية حتى تمكنوا من السيطرة على مدينة كريتر في يوم 20يونيو 67م وبقيت بايدي الثوار اكثر من اسبوعين .. مشيرة الى ان المراة ساهمت هنا بالقاء الخطب وقراءة المناشير بعلو صوتها من منابر المساجد وتوزيع المنشورات بهدف استمرار الجماهير في الحفاظ على الثوار ومعاونتهم واشاعة الامن والقبض على الجواسيس ومحاولة الحد من الخوف والترهيب الذي كانت تقوم به الحكومة البريطانية بعد السيطرة على كريتر . وتخلص سعاد يافعي الى القول : من خلال معايشة تلك المرحلة الهامة من الاحداث والوقائع يمكنني القول ان الشي الوحيد الذي لم تتمكن بريطانيا من سلبه منا هو ارادتنا وعزيمتنا وتشبثنا بانسانيتنا وحقنا في حياة حرة كريمة وبهذا ومع استمراري في الجبهه القومية وبحكم تفاعل كل الوطنيين الاخرين ايضا بالرغم من محاولات التفرقة وغرس الاحتقانات بين اعضاء الجبهة القومية وجبهه التحرير وجرهم الى الاقتتال الاهلي الا ان شعبنا تمكن من تحقيق الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م بل وقاوم كل المغريات وتمكن من اعادة توحيد شطريه وتحقيق الوحدة اليمنية في الثاني والعشرون من مايو عام 1990م . [c1]رضية إحسان : أنموذج للنضال[/c] هي واحدة من فضليات نساء النضال الوطني كان لها دور مميز فقد خطت سطورها في النضال ضد الوجود الاستعماري فحققتها كما صممت برزت في مناصرة المرأة والقضية الجنوبية من قبل بزوغ فجر الرابع عشر من أكتوبر 1963م من خلال جمعية المرأة العدنية التي اسستها وقامت بالمسيرات المؤيدة للثورة في عدن وتحدت قمع السلطات البريطانية كما ساهمت الى جانب زميلاتها المناضلات في معارضة ما كان يسمى باتحاد الجنوب العربي الذي لقي معارضة واسعة من الشعب والاحزاب السياسية وعبرت عن رفضها للمخطط العام الذي كان يستهدف تفتيت الوحدة الكاملة لأراضي اقليم الجنوب اليمني. تلك نماذج من حاملات الشعلة الاولى في سفر النضال ضد جنود الاحتلال البريطاني والصراع من اجل الافضل والقدوة الامثل للمراة اليمنية نماذج تشهد ان المرأة اليمنية لم تقف موقف المتفرج في مرحلة الكفاح المسلح والنضال الوطني لنيل الحرية ولم يكن دورها هامشيا او عابرا او اقل مكانة من نظيره لأخيها الرجل بالرغم من الوضع المتخلف الذي فرضه عليها الاستعمار والنظام الاقطاعي الاوثوقراطي ،فقد حملت السلاح مع زملائها الفدائيين وقادت الاعتصامات والمظاهرات وواجهت قمع جنود الاحتلال بشجاعة واستبسال ووقفت امام اللجنة الدولية لتقصي الحقائق عن السياسة الاستعمارية البريطانية في جنوب الوطن حتى استطاع شعبنا من نيل استقلاله وحريته في يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م .