د.صفاء خليل النعيمي كما هو معروف ان داء السكر من أمراض العصر المزمنة التي باتت الإصابة به تزداد بسبب قلة الحركة ونمط التغذية غير الصحي وغيرها. ووفقاً للتقارير الرسمية الصادرة عن انحاء العالم، وهذا الرقم سيتضاعف وهذا ما يجعله يأخذ الصفة الوبائية كغيرة من الإمراض المزمنة وداء السكري هو مرض يعرف بارتفاع مستوى السكر في الدم عن الحدود الطبيعية وظهوره في البول. ففي الجسم غدة تسمى البنكرياس تقع خلف المعدة تقوم في الجسم السليم بإفراز مادة يطلق عليها اسم (( هرمون الأنسولين) مهمتها الالتصاق بأماكن محددة على جدار الخلايا الخارجي لإدخال الكلوكوز (السكر) الموجود في الدم إليها. وفي حالة حصول نقصان في كمية الأنسولين او وجود خلل ما في الأماكن المحددة لهرمون الأنسولين على الخلايا تزداد كمية الكلوكوز في الدم، وعندها يمكن ان تظهر على المصاب أعراض داء السكري.وعرف أطباء الاختصاص هذا الداء بالتحديد على انه ارتفاع نسبة السكر في الدم عن الحد الطبيعي الذي هو حوالي(80-125) مغم في 100 ملم مكعب دم عند الشخص الصائم “بدون فطور” وهناك من يحددها بـ(120-80) في حين يحددها طرف ثالث بـ(110-70) وخير الأمور أوسطها. وهناك نوعان مهمان من السكر:الأول: ويصيب عادة الأطفال وينتج عن تلف في غدة البنكرياس التي تفرز هرمون الأنسولين الذي يقوم بتخفيض نسبة السكر في الدم وعلاج هذا النوع هو بإعطاء حقن الأنسولين للتعويض.الثاني: يصيب عادة الكبار بعد سن الأربعين، ويكون المريض عادة يشكو من السمنة، وارتفاع ضغط الدم، ونسبة الدهون في الدم وسبب هذا المرض هو نتيجة تولد مقاومة في الجسم لتأثر هرمون الأنسولين مما يؤدي إلى عدم فاعليته.وتجدر الإشارة إلى ان هذا المرض لايكتشف الا صدفة او لدى حدوث إحدى مضاعفاته الخطيرة كأمراض القلب، الأوعية الدموية او القصور الكلوي، او اعتلال الشبكية السكري، وغير ذلك من المضاعفات التي تهدد حياة الإنسان لو أهملت. مما يعرض ذلك للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية إذ أن ثلثي المصابين بالسكري يموتون بأمراض قلبية.وتجدر الإشارة إلى ان إدارة الغذاء والدواء الأمريكية قد أضافت السكري إلى قائمة عوامل الخطر النوعية التي تزيد احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية ليصبح العامل الرابع بعد التدخين والكولسترول المرتفع وارتفاع ضغط الدم، وقد تبين ان 50% من مرضى السكري من النوع الثاني يعانون إلى حد لايمكن إهماله من أمراض القلب وان 80% من وفيات مرضى السكري في الولايات الأمريكية تنجم عن أمراض القلب والأوعية الدموية، واستناداً لهذا فان الباحثين يركزون اليوم على العلاقة الكائنة بين السكري وأمراض القلب الوطني قد بدأ بإجراء تجارب سريريه واسعة النطاق لدراسة ارتفاع مستويات سكر الدم والكولسترول وفرط ضغط الدم التي تؤدي لحدوث الوفاة المبكرة قبل الأوان.إما المصابين بالسكري من النوع الثاني فان أجسامهم لا تنتج الأنسولين بكميات كافية او تستطيع أجسامهم الاستفادة من الأنسولين بشكل صحيح وهذا مايمنع الجسم من إيصال سكر الدم إلى الخلايا (فالبعض يتناول حبوب السكر المعروفة بهدف إيصال السكر إلى الخلايا لكي لا يتراكم السكر في الدم مما يؤدي لحدوث الاضطرابات والمضاعفات التي تهدد حياة الإنسان لو أهملت ولم تتم السيطرة على سكر الدم ضمن الحدود الطبيعية ولهذا ينصح مرضى السكر تناول الغذاء الصحي المتنوع، ومن بين الأطعمة التي يسمح بتناولها:*الخبز الأسمر*الحبوب*الأرز الأسمر*المعكرونة المصنوعة من القمح الكامل.مما تقدم فان الحبوب غير المقشورة وبالذات قشور القمح (النخالة) تقلل الإصابة بالسكر حيث نشرت الدورية الأمريكية(التغذية) عن خبراء تغذية ان الرجال الذين يأكلون الخبز المكون من الطحين الأسمر وغيرها من الحبوب غير المقشورة يومياً تقل احتمالات إصابتهم بالسكري من غيرهم. وأظهرت تجربة أجريت على أكثر من 42 إلف رجل يأكلون اغلب وجباتهم من الحبوب غير المقشورة انه يقل احتمال إصابتهم بالفئة الثانية من السكري بنسبة 42 في المائة عن الذين يأكلون كميات اقل منها وحلل الباحثون الذين اجروا التجربة في كلية سيمونز في بوسطن مع فريق من جامعة هارفارد بيانات من دراسة تجرى حول صحة العاملين في مجال الصحة من الذكور الذين جرت متابعتهم لمدة 12 عاماً في المتوسط. وأضاف الباحثون في تقريرهم ان الذين أكلوا كميات اكبر من الحبوب غير المقشورة يميلون أكثر للنحافة ولنشاط اكبر ويستهلكون كميات اقل من الدهون ومن غير المرجح ان يدخنوا او يصابوا بضغط الدم. وقال الباحثون انه من الممكن ان تؤدي إلى إفراغ المعدة للغذاء بشكل ابطا مما يبطئ بالتالي من عملية إفراز السكر في الدم. وذكر الباحثون ايضاً ان الحبوب غير المقشورة تحتوي على كميات من المغنيسيوم أكثر من الحبوب المقشورة، وان الدراسات تشير إلى ان هذا من الممكن ان يكون هناك أكثر من سبب فالنخالة في الحبوب غير المقشورة من الممكن تؤدي إلى افراغ المعدة للغذاء بشكل ابطا مما يبطئ بالتالي من عملية إفراز السكر في الدم، وذكر الباحثون ايضاً الحبوب غير المقشورة تحتوي على كميات من المغنسيوم اكثر من الحبوب المقشورة وان الدراسات تشير إلى ان هذا من الممكن ان يحسن من عمليات إحراق السكر.كما وأظهرت دراستان أمريكية وفنلندية ان تناول المنتجات الغذائية التي تحتوي على الحبوب الكاملة مثل الخبز الأسمر يحمي من الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني ومن الأمراض القلبية. وأوضحت الدراستان ان قشور الحبوب الكاملة تحتوي على فيتامينات “أي” و”بي” وعلى معادن الحديد والكالسيوم والمغنسيوم كما تحتوي على الألياف في حين ان المنتجات الغذائية المصنعة من الحبوب المنزوعة القشور تحتوي على كمية قليلة من الألياف.وتشير الدراسات إلى ان الألياف الغذائية غير المتحللة والكثيفة ويقصد بالألياف المتواجدة في النخالة تبطئ عملية امتصاص السكر والكولسترول والمواد الدسمة. وان الأغذية التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف يتم هضمها بشكل ابطا، مما يؤدي إلى ارتفاع تدريجي في سكر الدم وحاجة متناقصة للطلب على الأنسولين ووجد باحثو جامعة هارفارد بان النساء والرجال الذين تكون حميتهم الغذائية عالية في الكربوهيدرات ومنخفضة في الألياف، من المحتمل ان يحصل لديهم سكري أكثر بمرتين إلى مرتين ونصف، مقارنة مع الرجال والنساء الذين يتناولون أغذية ذات نسب ألياف عالية، مثل الحبوب الكامل.وان وجود هذه الألياف في الخبز الأسمر بنسبة عالية تعمل على:1 -تنظيف مقدرة القناة الهضمية على امتصاص السكريات فلايرتفع مستوى الانسولين بالدم إلى درجة تجهد او تستفيذ مقدرة البنكرياس الوظيفية.2 - تساعد الالياف على انخفاض مستوى السكر بالدم بعد تناول الوجبة الغذائية وتمنعه من الارتفاع بدرجات عالية، مما يجعل البنكرياس يفرز كميات كبيرة من الانسولين للمحافظة على تمثيل الكربوهيدرات وهذا يجهد الانسولين ويؤدي في النهاية إلى الإصابة بالسكري، ولكن بوجود الألياف بنسبة عالية في الوجبة يؤدي إلى انخفاض مستوى السكر والمحافظة على إجهاد البنكرياس وبالتالي عدم الإصابة بمرض السكري.في حين أظهرت الدراسة الفنلندية التي اجريت عام 4316 رجلاً وامرأة تمت متابعتهم خلال عشر سنوات أن تناول الحبوب الكاملة يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 35 بالمائة.ووفقاً لصحيفة “لوجورنال سانتيه” الفرنسية فقد قام فريق من الباحثين الدنماركيين بمراقبة النظام الغذائي لـ 86190 رجلاً تتراوح اعمارهم بين الـ 40 ـ 84 عاماً خلال خمسة أعوام ونصف. وتبين أن الاشخاص الذين يتناولون الحبوب الكاملة يومياً في وجبة الفطور يقلل لديهم خطر الإصابة القلبية بنسبة 20 بالمائة مقارنة بالذين يتناولون المنتجات التي تحتوي على الحبوب المنزوعة القشور مثل الخبز الأبيض والمعجنات والارز الأبيض.أما الدهنيات فإنها تزيد من احتمالية حصول السمنة، وهي السبب الرئيسي التي ينجم عنها مرض السكري، الكربوهيدرات التي يتم هضمها بسرعة، مثل الخبز الأبيض ولأرز الأبيض والمعكرونة وعصير الفواكة والصودا يؤدي إلى زيادة نسبة السكر في الدم، مما يؤدي إلى وضع جهد مفرط على البنكرياس لغرض إنتاج المزيد من الاسولين، الأمر الذي سيزيد من مشاكل السكري فيفضل في هذه الحالة التركيز على تناول الخبز الأسمر.أما عن فوائد المعجنات الناتجة من الدقيق فهي عديدة ومن أهمها هو عدم رفع نسبة الجلوكوز في الدم بسرعة “مهمة لمرضى السكر ومتبعي الحمية الغدائية” بعكس الكربوهيدرات البيضاء التي تتمثل في المعجنات الناتجة من الدقيق الأبيض أو الأرز الأبيض “بدون قشرة”.وهناك فوائد اخرى كثيرة للخبز الأسمر، ونظراً لأهميتها الصحية وفوائدها العديدة، فسنذكر أهمها:مصدر النشاط والطاقة.غني بالفيتامينات وخاصة فيتامين ب كما أنه يحتوي على الفسفور والحديد والمغنسيوم التي تساعد على النمو وتحارب شيخوخة للخلايا.فقير بالدهون ولكنه يحتوي على أحماض ذهنية مشبعة مفيدة للجسم وتلعب دوراً هاماً في وضع الأمراض القلبية.مغذ للعضلات والأنسجة العضلية.يحارب الإمساك.كما يختلف مرض السكري بعضهم عن البعض، فالعمر والوزن وطبيعة العمل وطول فترة المرض ونوع السكري ووجود أي حالات اخرى مصاحبة كلها عوامل هامة جداً في تحديد نوع العلاج الامثل، ولذلك فإتباع النظام الغدائي الصحيح يساعد على تغير الدم وإحلاله بدم سليم، إذ ان الدم يتغير كلياً كل 120 ويوم وهنا تبرز الأهمية في مواجهة الأمراض أو تجنبها وكذلك الحال لخلايا الجسم فهي تتجدد كل سبعة أعوام فمن خلال اعتماد الخبز الأسمر سيكون من الممكن التغلب على الكثير من الأمراض إضافة لمرض السكري.لذا فقد بادرت الأجهزة المعنية في السعودية، وبعد تزايد عدد المصابين بداء السكري، وتحسباً لعدم انتشار أمراض السكر بنسبة اكبر مما هي عليه الآن اصدرت قرار بلزم أصحاب المخابز بإضافة الطحين إلى خلطة الخبز، وذلك لما للطحين الاسمر من آثار ايجابية أفضل من الطحين الأبيض من حيث الإصابة بأمراض السكر، ولكون هذا القرار جاء للحفاظ على الصحة العامة فإنه ايضاً أعطى مؤشراً على مدى الوعي الصحي للمجتمع السعودي ومن هنا كان لابد لنا من هذه الوقفة على مدى التجاوب والتواصل مع هذا القرار من قبل مصنعي الخبز ومستهلكيه.*لماذا منع الخبز الأبيض الخالص؟لأن السلطات السعودية أدركت خطورته بعد ارتفاع عدد المصابين بداء السكري وبنسب غير معقولة قبل سنوات قليلة جراء استهلاك الخبز الأبيض بأنواعه المختلفة قد يدل هذا القرار على مدى خطورة استهلاك الخبز الأبيض يومياً ولأكثر من مرة في اليوم ولكن المسئولين انتبهوا لسوء تعامل المواطن السعودي في الاستهلاك الكبير للخبز الأبيض ويكفينا الرجوع للأسباب الأساسية المعروفة وهي ان الخبز المصنوع من الطحين الأبيض الخالص يتحول تلقائياً بعد عملية الهضم إلى سكر وبذلك ترتفع نسبة السكر في الجسم مما يجهد الأنسولين في أتمام عملياته وبحدث هنا عدم التوازن بين العمليتين وبالتالي يصاب الشخص بالسكر. بالمقابل فان الخبز المصنع من الطحين الاسمر لا يتحول بعد هضمه إلى سكريات وهذا هو الفرق الكبير بين النوعين من الطحين. مما دعى بالمسئولين إلى الزام المخابز بخلط النوعين من الطحين للحد من الإصابة بأمراض السكر وذلك للأشخاص الذين يفضلون تناول الخبز الأبيض، وعند تطبيق قرار صناعة الخبز بأنواعه بالطحين المركب من الأبيض والأسمر منه واجه اصحاب المخابز بعض المتاعب وأهمها عدم رغبة الكثير من الزبائن بهذا النوع من الخبز المخلوط فهناك فئة كبيرة من الزبائن ترغب في الخبز الابيض فقط لأنها اعتادت عليه. في المقابل وجد تاييداً من الكثير من الزبائن بحجة رغبتهم في الزام انفسهم وأبنائهم بالطحين الاسمر إما بالنسبة لأصحاب المخابز فقد واجهوا بعض الصعوبات واهمها تغير مقادير الخلط وطريقة الخبز المعتادين عليها لسنوات طويلة حتى أخذت صناعة الخبز لكل مخبز طابعها ووصفاتها الخاصة.ولكن مع الخلطات الجديدة ومع صعوبة خبز الطحين الاسمر بالمقارنة مع الطحين الأبيض ونتائجه المضمونة لكن كافة المخابز أخذت مدة من الزمن حتى استقرت بالشكل النهائي الخاص والمخطط لها وعموماً فقد اتى هذا القرار للصالح العام من حيث مراعاة صحة المستهلك لاهم منتج استهلاكي يومي.إما عن مضار الخبز الأبيض: فيقول أخصائيو التغذية ان هذا الخبز حار ومؤذ وقد وجد هذا الراي صدى لدى العديد من الناس الذين يشكون تاثيرة على نسبة السكر لديهم وكذلك ممن يشكون عسر الهضم وبطأه وكذلك المصابون بالحموضة المعدية والنفخة وبالنسبة لمرض السكر فقد عرف انه لايناسب مرضى السكري لتحوله بعد عملية الهضم إلى سكريات إما بالنسبة لمن يعاني من عسر الهضم للخبز الأبيض فان ذلك يكون نتيجة استحالة نفوذ عصارات المعدة الهاضمة إلى ذرات الخبز بعد تناوله حيث ان الماء والنشاء اللذين يحتوي عليهما تجعله أشبه بكتلة من الطحين او العجين يستعصي على المعدة هضمها. وقد يكون للشخص جور هام في عسر الهضم الذي يصاب به بعد تناول الخبز والمعجنات حيث انه لابد من تناوله ان يعمد الإنسان إلى هضم الخبز وطحنه جيداً في الفم قبل بلعه وبالتالي تستطيع الغدة اللعابية التي تفرز خميرة اللعابين ان تحلل المواد النشوية وتحولها من مرحلة إلى اخرى حتى تصبح قابلة للهضم في المعدة.وختاماً فان الخبز الاسمر والمعجنات وتوابعها من الأكلات الشعبية هي مفيدة جداً ولم يكن اباننا واجدادنا يشكونا من امراض العصر السائدة حالياً كمرض السكر والقلب والكولسترول ... الخ، وكانت صحتهم جيدة لان اكلهم صحي والخبز الاسمر والشعير كان المادة الرئيسية في كل وجباتهم الغذائية.* مستشار وزارة الصناعة والتجارة
الخبز الأسمر.. وداء العصر ( السكر )
أخبار متعلقة