أحلام الحمليدخلت في حالة نفسية بسبب تعايشها مع مرض لم تكن مصابه به وأخر مات ابن عمه بسبب خطأ طبي تسبب له في حدوث فشل كلوي مميت، وثالث بترت يد طفله في الحضانة قبل إكماله التسعة الأشهر الأولى من عمره بسبب إهمال طبي غير مسؤول، ورابع يكسر فكه الأسفل بدلا من اقتلاع ضرسه، وغيرها من الشكاوى والحكايات المؤلمة التي ترويها لنا آهات ودموع من قابلناهم من ضحايا الأخطاء الطبية، وصفوا لنا معاناتهم بمرارة مع التحسر والألم الشديدين لما آلت إليه أحوالهم بسبب تلك الأخطاء التي يرون أن السبب في حدوثها هو إهمال واستهتار أصحاب المهنة بمسؤولياتهم الطبية والمتاجرة بحياة الناس، وأرواحهم، وبسبب شحة المعلومات حول الموضوع، وتكتم البعض من المسئولين على الحقائق وتطنيش البعض الآخر للموضوع وكأنه لا يعنيهم لا من قريب كمسؤول ولا من بعيد كمواطن أو إنسان.. ولعلنا إذ تساءلنا قائلين «أبقيت حياة الناس رخيصة هينة عليهم إلى هذا الحد الذي لا ينفع معه الوصف!!! أيكون التعامل مسؤولا عندما نتعامى عن الحقائق، ونتعمد ستر الجراح الدامية حتى نتنت بدلا من كشفها ، وتعريضها للشمس والهواء الطلق حتى تجف وتنشف».تذكر بيانات منشورة على مواقع الانترنت أن هناك حوالي (500) منشأة طبية في بلادنا تعتبر مخالفة للمواصفات، فيما تعتزم الدولة ترحيل (81) طبيبا عربيا وأجنبيا بسبب عدم استيفائهم للشروط، وفي ظل وجود أخطاء طبية، وضحايا تعاني منها نضع تساؤلاتنا حول أسباب تلك الأخطاء الطبية وحدود المسئولية وهل الكادر الصحي والطبي هم المسئولين في المستشفيات فقط؟ أم ثمة جهات أخرى تشترك معهم في ذلك ،وأين هي رقابة وزارة الصحة على ما يحصل في المستشفيات من تقصير وإهمال قد يؤدي بحياة الناس؟.. أم أن هذا الوضع العام في بلادنا يحسب هكذا شكلا باعتباره بلد نام ومتخلف!!! يكفينا عذرا في تكرار الخطأ وتبريره؟«14أكتوبر» من قلب الحدث تحاول بهذا التحقيق إثارة هذا الموضوع للنقاش بموضوعية ومسئوليه، وان كانت بعض الأبواب أوصدت في وجوهنا بقصد أو عن تجاهل بعد رصدنا لبعض الحالات مع إصرارنا على استكمال هذا الموضوع مع مختلف الجهات المعنية.[c1]تجربة مريرة[/c]مما لاشك أن ضحايا قضية الأخطاء الطبية في اليمن كثيرة ولا يمكن حصرها بشخص أو أثنين أو أكثر فالنماذج بالغة العدد وللبداية في هذا الموضوع كانت مع جمهور الضحايا الذين كشفوا لنا عن جزء غائر من أحزانهم وآلامهم.تصف المواطنة عواطف وهي طالبه في كلية التربية جامعة صنعاء ما تعرضت له من إحدى الطبيبات بالتجربة المريرة في حياتها حيث تتذكر أنه عندما أوهمتها الطبيبة بإصابتها بمرض معدي خطير يستوجب عزلها في غرفة خاصة(كحجر صحي) مما ادخلها هذا الأمر في أزمة نفسية صعبة عانت الأمرين بسببها، واعتزلت الناس بما فيهم أسرتها، وتوقفت عن دراستها الجامعية، واعتبرت نفسها في عداد الأموات.تقول عواطف»مكثت على هذه الحالة فتره من الزمن، وكانت أمي تبكي حزنا ليلا ونهارا، إلى أن أ قنعتني أختي بالذهاب إلى طبيب أخر، وهناك كانت المفاجئة عندما اخبرني الطبيب بأن حالتي جيده ، والمرض عابر، والشفاء قريب. فأحسست بأني ولدت من جديد، وعاد ألي الأمل، وكلما تذكرت معاناتي أقول(لا لحق الله الدكتورة خيرا) لأنها لم تتأكد ولم تستشر أحدا في حالتي قبل الحكم عليها».[c1]روحان بغلطة ممرضة [/c]حالة أخرى ترويها لنا الطالبة عواطف نفسها عن خطأ طبي فادح لم يحسب له أي حساب أودى بحياة زوجة عمها وحياة جنينها الذي ذهبت لولادته في مستشفى حكومي كبير بأمانه العاصمة فبدلا من تسهيل الأم المخاض للحامل وتخفيض معدل ضغطها المرتفع أقدمت الممرضة عن جهل و استعجال على ضرب ابره رفعت ضغط الدم لها قبل قياس معدله اعتقادا بأنها تشكو من حالة هبوط وكانت النتائج وخيمة ومؤلمة للغاية بحسب وصف عواطف والتي تقول «بدلا من الفرح والابتهاج بقدوم المولود تحولت لحظات الفرح إلى مأتم.. فلم تمضي سوء دقائق معدودة على ضرب الإبرة حتى أصيبت عمتي بحالة تشنج فضيعه أدخلتها في غيبوبة طويلة نقلت على أثرها إلى غرفة العناية المركزة. لكنها لم تعرف الحياة مجددا مثلما لم يخرج جنينها إلى الحياة الدنيا فأزهقت روحان بغلطة ممرضة متطفلة على المهنة».وتمضي عواطف قائلة»حاول عمي معرفة تلك الممرضة ورفع قضية عليها، إلا أنها اختفت وكأنها( فص ملح وذاب) لدرجة أن زملائها في القسم وفي المستشفى أنكروا معرفتهم بها».كان حديث المرأة السابقة قاسيا جدا ويدل على مرارة وتحسر من اكتوى بنار «الأخطاء الطبية» ودلالة أخرىعلى استهتار القائمين بهذه المهنة العظيمة.السيدة ( ر. أ) تروي قصة حدثت لقريب لها أشبه بالخيال لولا أنها حدثت بأرض اليمن. فكل شيء جائز ومألوف كما تقول، وتفاصيل القصة تذكرها قائلة «ذهبت واحدة من أقاربي لتلد فقام الأطباء بإجراء عملية قيصرية لها نظرا لتعسر الولادة ، وبعد أن عادت إلى البيت شعرت بألم شديد في بطنها فعادت إلى المستشفى لمعرفة السبب. وأجريت لها أشعة تلفزيونية فأخبروها بأنهم نسوا شيء في بطنها أثناء العميلة، فاضطرت المسكينة أن تخضع لعميلة جراحية أخرى، وجعلوها تلد مرتين».
د. أحمد ناصر حسين فرج
[c1]أقعد عن الحركة [/c]في موازاة ذلك لا يزال المواطن ( ي.ع) يعاني من خطأ طبي فادح أقعده عن الحركة، ولا يزال يشكو من إضراره حتى اليوم. حيث كان يعاني من الم في المفاصل ونصح بالذهاب إلى طبيب في احد المستشفيات، واخضع لعملية جراحية تسببت في إعاقته بدلا من شفائه, وكان الخطأ الفادح الذي ارتكبوه بحقه ويعاني بسببه من ويلات الألم الجسدي والنفسي والمعنوي هو قيام الأطباء بسحب السائل الموجود في مفصل الركبة. فيبست رجله، ولم يستطيع المشي عليها. وأصبحت عاله عليه.[c1]غيبوبة في ثلاجة الموتى[/c]كما أن إهمال بعض الأطباء لمسئولياتهم تؤدي إلى أخطاء في الاشتباه بحالات الوفاة مثلما تصور أفلام السينما العربية ذلك تماما .نشاهد بأن الطبيب يقوم أحيانا بالتوقيع على شهادات الوفاة دون أن يفحص المريض هل توفى أم لا خاصة وان الكثيرين يدخلون في حالة غيبوبة. والقصة المشهورة التي حكاها لنا احد الممرضين في مستشفى حكومي ترسم لنا ألف علامة استفهام واستفهام. يقول هذا الممرض الذي طلب عدم نشر اسمه»قام المختص في ثلاجة المستشفى بإدخال جثة احد الميتين كالعادة. وفوجئ بعد فترة بصوت أنين فأقترب إلى مصدر الصوت وفتح الدرج فشاهد أن الميت أصبح حيا!!!! وسمعه يقول (أح ) تعبيرا على البرد فأصيب الفني بالإغماء».[c1]فشل كلوي..والأوكسجين معدوم [/c]الدكتور احمد ناصر حسين فرج وهو أخصائي باطنية والمدير الفني بالمستشفى الدولي الحديث(قطاع خاص) إن»الأخطاء الطبية موجودة وهي غير مقصودة في معظم الحالات، وقد تكون نتيجة إهمال»..تم يستطرد قائلا «وأنا واحد من الذين تعرضوا للمعاناة بسبب الأخطاء حيث توفى ابن عمي وكان شاب في ريعان العمر، كان يعاني من وجود حصوة في حوض الكلى، فقررت له عملية إخراج الحصوة بالمنظار في مستشفى حكومي، وخرج من غرفة العمليات بخير وفرحنا كثيرا بسلامته، وما مكث فترة قليلة حتى تعب، فقمنا بإعادة الفحوصات فوجدنا أن الكلى أصيبت بنزيف بسبب جرح تسبب فيه المنظار، وأصيب بفشل كلوي ومات متأثرا بإصابته».يحكي ( ن.ع) الذي يعمل ممرضا متدربا في احد المستشفيات الحكومية وهو بالصدفة شاهد عيان على بعض الأخطاء»كنت اعمل في طوارئ احد المتشفيات الحكومية بأمانة العاصمة، فأسعفت رجل كان يعاني من غيبوبة بسبب القلب حيث سارعت أهله به إلى مستشفى السبعين الأقرب لهم.. وفي الطوارئ قال لي الطبيب:»( يا ولد اعمل له عملية إنعاش قلبي (C.P.R) وتركني وذهب”)، وآنا مازلت طالب وليس تخصصي، ولكني من حسن الحظ كنت قد تعاملت مع الإسعاف الأولي فقمت بعملية الإنعاش، ثم فتشت عن الأوكسجين في الطوارئ لأعطي المريض فلم أجده، فمات الرجل بين يدي بعد(15) دقيقة ولم استطع أن أقدم له شيء. وذهب الطبيب بدم بارد.
د. عصام السماوي
[c1]طبيب يعاني من خطأ طبي [/c]أما عن اغرب حكايات الأخطاء الطبية التي تم استكشفاها على مدى شهرين في إجراء هذا التحقيق هي حكاية طبيب يعاني من خطأ طبي سببه له زميله في المهنة عندما قام بإجراء عملية جراحية له غير محسوبة الأبعاد والعواقب.هذا هو الدكتور طه محمد المغربي نائب مدير الشئون الفنية بمستشفى ضلاع والذي لخص تجربته ورحلته مع خطأ طبي حصل له بمرارة ويقول” كنت أعاني من الم في ضرس العقل فاستشرت احد الزملاء في المستشفى فأشار علي بزيارةالدكتور ( أ.ط) لان ضرسي يحتاج إلى جراحة وفعلا ذهبت إلى الدكتور وعملت الأشعة، وقرر لي موعد العملية في مستشفى حكومي واخبروني المختصين هناك بان العملية بسيطة ولا تخوف، وأثناء العملية فوجئت بان الدكتور خدرني بسرعة ولم ينتظر بعض الوقت. وكان يحاول خلع الضرس كاملاً وهو علميا وطبياً لا يخلع الضرس في مثل حالتي كاملاً وإنما يتم تكسيره على أجزاء لأنه مقبور تحت اللثة تفادياً لأي كسر أو مضاعفات وكنت اسمعه يقول”(البيم) الذي يحفروا به لا يعمل، ورايته يذهب إلى خلف الدولاب يبحث عن بيم جديد ويقول أين البيمات الجديدة التي لم يتم استخدامها، فانا كنت مربوط والدم يملئ حلقي ولم استطيع الكلام، وكنت أثق به ولكنه كان مستعجل ومتهور، والنتيجة استخدم قوة شديدة مع عدم وجود البيم المناسب لخلع الضرس فكسر الفك السفلي وقال العظمة رقيقة، والى اليوم وآنا أعاني منذ ما يقارب خمسة أشهر من هذا الخطأ، ولتصحيح الوضع قمت بإجراء عملية أخرى في مستشفى استثماري كبير بمائة وثمانون ألف ريال ففوجئت باني دفعت أربعة مائة ألف ريال بعد انتهاء العملية، وكنت أتمنى نجاحها، ولكني فوجئت بالمصيبة الأخرى بعد العملية وهي أن المسافة بين الفكين بعيده وأصبح فمي اعوج، وأكد لي فني الأشعة إني تعرضت لخطأ طبي ثاني”.يواصل الدكتور المغربي حديثه وفي عيناه الهم قائلا “ذهبت إلى الدكتور فقال لي تمرن ويرجع فمك إلى الوضع الطبيعي فتدربت وكسرت الصفيحة التي أجريت العملية من اجلها فعدت إلى المستشفى وتنصل من الموضوع ، واخبروني بأن أدفع فلوس أخرى كي يصلحوا لي الوضع”. يجاهر الدكتور المغربي بقول الحقيقة واللوم على أصحاب مهنته بقوله”هذا وآنا زميل المهنة فكيف يعاملون الناس الآخرين؟!”..