تعاني الكثير من دول العالم العديد من مشكلات البناء التنموي والبطالة والفقر والعنف والإرهاب والفساد الذي استشرى وطال مختلف جوانب الحياة في المجتمعات الفقيرة والغنية على حد سواء خصوصاً مع بروز الأزمات والاختلالات في الأنظمة السياسية والاقتصادية القائمة والمعتمدة في الغالب على قواعد النظام الاقتصادي الرأسمالي والذي شهد في الآونة الأخيرة أزمة حادة وخانقة كادت أن تؤدي إلى انهيار النظام الرأسمالي العالمي برمته.واليمن واحدة من تلك الدول التي تواجه تحديات العصر والعولمة ومنها تفشي الفساد والبطالة والفقر وزاد الطين بلة ظهور أعمال عنف وإرهاب من قبل بعض العناصر المارقة والخارجة على النظام والقانون مثلت الكوابح المعطلة والمعوقات في طريق البناء التنموي الشامل والتحول الديمقراطي المأمول منه أن يقدم الحلول والمعالجات لمواجهة هذه التحديات.إن الجهود التي تبذلها السلطة في هذا الاتجاه تواجهها بعض الأعمال العبثية التي تسعى إلى عرقلة وتعطيل تنفيذ الخطط والبرامج التي تعدها السلطة لتحقيق المهام والواجبات الملقاة على عاتقها من بعض الشركاء في العملية السياسية الذين يفترض أن يكونوا فاعلين ومساهمين في عملية التنفيذ الذي من شأنه تحقيق التطور والنماء وتحسين المستوى المعيشي لأبناء الشعب.وفي حقيقة الأمر أن الدولة اليمنية الحديثة شهدت تطوراً وتغييراً في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث ظهرت التعددية السياسية والفكرية والانفتاح على سياسة اقتصاد السوق الحر وقيام منظمات المجتمع المدني وتحولات ديمقراطية متعددة متمثلة في التداول السلمي للسلطة من خلال العمليات الانتخابية الحرة المباشرة وحرية التعبير وإبداء الرأي والإصدارات الصحفية والالكترونية .. الخ، وهو تغيير وتطور واضح لم يكن موجوداً من سابق في فترة الأنظمة الشمولية قبل قيام الوحدة في 22 مايو 1990م وهو ما يترتب عليه مواكبة هذه المرحلة الجديد من مسيرة الوحدة وبسبب ذلك ظهر عجز وفشل البعض في إثبات القدرة على التفاعل الإيجابي مع ذلك التحول ما انعكس سلباً على العملية السياسية بإصابة قنواتهم الفكرية بالانسداد من العقم وظهرت عليهم ملامح الإفلاس السياسي والفكري وعاد بهم الحنين للنضال البلشفي الاستاليني المعتمد على العنف والإرهاب المنسجم مع النهج الإرهابي لعناصر القاعدة الذي شكل تقارباً معه في الوسائل والأهداف فقاموا بأعمال الشغب وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطرق وقتل الأبرياء.وأصبح بعض المعارضين ممن فقدوا مصالحهم الخاصة في الوحدة أصحاب الأصوات النشاز المطالبين بالانفصال ممن لفظهم الشعب في ملحمة الدفاع عن الوحدة في حرب صيف 1994م يتعللون بأن ما يعتمل في بعض مناطق مديريات المحافظات الجنوبية هو نتاج وإفرازات لما بعد حرب 1994م وهي ذريعة واهية تدحضها الاتفاقات الموقعة بشأن الحوار الوطني حتى ما بعد ظهور الفعاليات المطالبة بالحقوق المنتهكة في المحافظات الجنوبية والتي تم تشكيل لجان خاصة لحلها وتسوية أوضاع جميع المتضررين وفقاً للنظام والقانون.إن تعامل السلطة بنفس ديمقراطي واسع شجع بعض العناصر الانفصالية المرتبطة بالأجندات الخارجية على الاستغلال الجائر لنهج الدولة الديمقراطية للقيام برفع الشعارات والمطالبة بالانفصال وهو ما يعد خروجاً على النظم والقوانين كونه يشكل تهديداً لأمن واستقرار الوطن ووحدة وسلامة أراضيه وتهديداً مباشراً للوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي في الوطن.ومن جانب آخر بدأت تلوح في الأفق السياسات المعلنة والواضحة التي تشكل تهديداً للأمن القومي العربي من خلال التدخل الإيراني السافر في الكثير من القضايا المتعلقة بالشأن العربي الداخلي عموماً أو منفرداً وأخيراً وليس بآخر الدعم الإيراني للعناصر الحوثية لزعزعة الأمن والاستقرار اليمني وتجاوز ذلك إلى فتح جبهة صراع عسكرية مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية من خلال العدوان الحوثي على الأراضي السعودية ما شكل تهديداً مباشراً لأمن السعودية وسلامة أراضيها ومواطنيها ورغم الإعلان الحوثي الإعلامي عن تقدم عناصرهم داخل الأراضي السعودية والسيطرة على بعض المواقع والاستيلاء على معدات وأسلحة عسكرية وقتل وجرح عسكريين سعوديين على الرغم من ذلك نجد التصريحات الإيرانية الرسمية تستنكر التدخل السعودي في الشأن اليمني، وتجعل من المملكة العربية السعودية وكأنها معتدية على العناصر الحوثية الإرهابية في الأراضي اليمنية وهي محاولة بائسة لقلب الحقائق عما هي عليه في الواقع والتي أصبحت واضحة ومعلومة للجميع.وأمام كل هذه الأعمال العبثية الإرهابية التي يشكلها المحور الثلاثي الشيطاني يتطلب من الدولة أن تقوم بواجباتها الدستورية والقانونية بتفعيل القوانين النافذة وضبط الخارجين على النظام والقانون والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار الوطن بأي شكل من الأشكال وألا تكتفي السلطة بإظهار العين الحمراء لهؤلاء المارقين بل عليها أن تجعل عيونهم حمراء من شدة الندم والحسرة على ما اقترفوه ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر هذا إذا أرادت السلطة البقاء كون السلطة التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها لا تستحق البقاء وكفى تهاوناً حفاظاً على المصلحة العليا للوطن.
كفى تهاوناً مع المارقين
أخبار متعلقة