الإسلام وقضايا المرأة
المسجد هو المؤسسة الأولى في المجتمع المسلم فهو مركز القيادة أولاً ومركز العلم ثانياً ، ومركز النشاط الاجتماعي والسياسي ثالثاً ، ثم هو قاعة الاجتماعات الهامة وساحة الرياضة عند الحاجة ، لهذه العوامل مجتمعة كان يفسح المجال للمرأة في العهد النبوي لتدخل المسجد كلما تيسر لها ذلك وكان ترددها على المسجد بين حين وآخر يجعلها ترتبط مباشرة بحياة المسلمين العامة ، فضلاً عن مشاركتها في العبادة وسماع القرآن يتلى في الصلاة فإنها تستمع لدروس العلم وكلمات التوجيه وتعرف شيئاً من أخبار المسلمين الاجتماعية والسياسية ، وهذا يعني أن المسجد كان على عهد النبي صلى اللَّه عليه وسلم مركز أشعاع عبادي وثقافي واجتماعي للرجل والمرأة على السواء .وقد حرمت المرأة بعد العصر النبوي والخلافة الراشدة من حضور المسجد وكان ذلك بداية لحرمانها من التعليم والمشاركة الاجتماعية والسياسية في شؤون المجتمع .وبالرغم من أن دور المسجد اليوم لم يعد كما كان في العصر النبوي أو العصور الإسلامية التي تلته بعد أن قلصت المؤسسات التثقيفية والتعليمية من (مدارس ، ومعاهد وما إليها) في عصر الدولة الحديثة هذا الدور ، إلاّ أن المسجد لا تزال له رسالته وله دوره في تعليم وثقافة المجتمع المسلم ، ولم ولن تكون المؤسسات التعليمية الأخرى جديلاً عنه فلكل واحد منها رسالته ، وستبقى رسالة المسجد التي تنفذ إلى القلوب والعقول معاً ، وتجعل الايمان حياً متحركاً ومع تطور الحياة المعاصرة وظهور قضايا واشكاليات متعددة في حياة المسلم ، ومنها قضايا السكان وتنظيم النسل وغيرها فإن حاجة الناس تزداد لمعرفة الجانب الشرعي في هذه القضايا ويظل نجاحها مرهوناً بإيصال المفهوم الشرعي لها إلى جمهور الأمة لكي يتم التعامل معها من خلال نظرة شرعية تطمئن إليها النفس وتبرأ بها الذمة ، ويظل المسجد هو أهم قناة لايصال هذه المفاهيم الشرعية إلى الناس ، ليس فقط لانه المكان الذي يتردد عليه الناس يومياً إو على الأقل أسبوعياً وبامكانهم الاستماع إلى ما يلقى عليهم في خطبة الجمعة بيسر وسهولة وإنما أيضاً لأن الداخل إلى المسجد غالباً ما يكون مستعداً أو مهيأً نفسياً لقبول ما يلقى إليه خاصة إذا كان القائل متزوداً بثقافة إسلامية أصيلة وعلم شرعي غزير يستطيع أن يدعم رسالته التي يريد إيصالها للناس بالدليل الشرعي من القرآن والسنة وإلى ما قرره العلماء المعتبرون ولاسيما في المسائل الاجتهادية الجديدة التي لم تكن مثارة في السابق ، وهكذا تتأكد أهمية ودور المسجد في التغيير الاجتماعي وتصحيح مفاهيم الناس حول كثير من القضايا وقد أدرك الكثير من المفكرين والقادة حتى من غير المسلمين أهمية وقيمة منابر المساجد في التأثير على الناس ، ويقال أن أحد قادة الشيوعيين قال يوماً للعلامة الدكتور / مصطفى السباعي رحمه اللَّه (لو كانت هذه المنابر بين أيدينا لغيرنا المجتمع خلال سنة أو سنتين) كما نقلت مجلة (الكاتب) التي كانت تصدر في الخمسينيات في مصر كلمة لقطب شيوعي إيطالي أتى إلى مصر وكان يسير في جولة سياحية مع بعض أصدقائه من السياديينأو الماركسيين في أحياء القاهرة التقليدية أو الأحياء التاريخية ، وكان ذلك يوم الجمعة وشهد الإيطالي جماهير المصلين تخرج من مسجد الأزهر أو من مسجد الحسين أو كليهما معاً في تلك المنطقة فقال لرفقائه من المصريين : لو كنت في بلد كم لما تراءت منابر هذه المساجد فلابد أن نستغلها في التوجيه إلى ما نريد !!وفي هذا ما يدل على أهمية دور المساجد في التغيير والتأثيرعلى الجماهير فإلى أي مدى يمكن أن تلعب المساجد دوراً في زيادة وعي الناس وتصحيح الكثير من المفاهيم المتعلقة بالمرأة وبقضايا الصحة الإنجابية وتنظيم النسل .