الكاتب المصري رمسيس عوض في مراجعة لقضايا تاريخية:
القاهرة/14اكتوبر/ رويترز:يقدم الكاتب المصري رمسيس عوض مراجعة لقضايا تاريخية منها استهداف اليهود وحدهم بالإبادة في ألمانيا النازية ومدى التواطؤ النازي الصهيوني الذي أثمر إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين إضافة إلى الدور الاقتصادي-الإنتاجي لمعسكرات الإبادة النازية.ويقول إن اليهود الذين نجوا من الإبادة النازية ألحوا على إنشاء وطن ليهود الشتات وان تلك المعسكرات لم تهدف في البداية إلى التخلص من اليهود الذين كانوا يمثلون عشرة بالمائة فقط من النزلاء أما النسبة المتبقية فكانت تضم شيوعيين واشتراكيين وديمقراطيين.ويضيف في كتابه (معسكر الاعتقال النازي برجن بلسن الذي ساهم في إنشاء دولة إسرائيل) أن عام 1938 شهد ترحيل عشرة آلاف يهودي إلى ثلاثة معسكرات للضغط علىهم كي يغادروا البلاد وأطلق سراح معظمهم بعد أسابيع قليلة "بمجرد موافقتهم على الهجرة من ألمانيا."ويتوقف المؤلف أمام معسكر برجن بلسن الذي "لم يستخدم غرف الغاز في إبادة نزلائه" وهو معسكر حررته القوات البريطانية في ابريل 1945 قبيل انتهاء حرب ذهب ضحيتها عشرات الملايين من أجل القضاء على حكم النازي.ويرجح الكتاب أن يكون البريطانيون مارسوا بعض التمييز تجاه الضحايا وفقا لجنسياتهم.فيسجل شهادة أنيتا فيفيوركا وهي من الناجين من معسكرات الإبادة حيث تقول إن "البريطانيين أولوا سجناء الحرب الروس في معسكر بلسن وبعض المعسكرات القريبة منه عظيم رعايتهم وان اهتمامهم بالسجناء الفرنسيين كان بدرجة أقل... السجناء الفرنسيون لم يألوا جهدا في سرقة الطعام والملابس لتوفيرها لبني جلدتهم من سجناء بلسن" الذي ضم ضحايا من جنسيات مختلفة.ويضيف أنه في هذا المعسكر آمن كثير من السجناء اليهود "بالمذهب الصهيوني... عقدوا العزم على تحقيق الحلم الصهيوني" وبدؤوا يحلمون بوطن لهم في فلسطين ورأوا أن تحرير البريطانيين للمعسكر ليس كافيا ورفضوا العودة إلى بلادهم الأصلية وألحوا على إنشاء وطن ليهود الشتات.وينفي عوض في كتابه الجديد- الكتاب يقع في 255 صفحة متوسطة القطع وصدر في القاهرة عن ( مكتبة الانجلو المصرية)- أن يكون الزعيم النازي أدولف هتلر الذي حكم البلاد بقبضة حديدية منذ عام 1933 قد استهدف اليهود وحدهم مشيرا إلى أنه منذ وقت مبكر وقبل أن يتولى الحكم صرح أمام نادي هامبورج القومي يوم 28 فبراير 1926 قائلا "إننا (النازيين) إذا انتصرنا فسوف نقوم بإبادة الماركسيين" وبعد صعود النازي بدأت تصفية المعارضين وإلغاء كافة الحريات المدنية والحقوق السياسية.ويرصد معسكرات الاعتقال التي بدأ إنشاؤها عام 1933 تحت إشراف وحدة الشرطة الخاصة المعروفة باسم حركي هو (جهاز اس اس) وتولي رئاستها هنريش هملر الذي أصبح خلال عام واحد يسيطر على سبعة معسكرات تضم بين سبعة إلى تسعة آلاف سجين.ويشدد عوض على أن نسبة السجناء اليهود في معسكرات الاعتقال في السنوات الأولى لم تزد على عشرة بالمائة من مجموع السجناء في حين كان 9 بالمائة منهم "مجموعة منسجمة ومتناغمة من الشيوعيين والاشتراكيين والديمقراطيين ونشطاء الحركات النقابية غير أن هذه التركيبة المتناسقة من السجناء ما لبثت أن تغيرت تغييرا جذريا" خلال عامي 1937 و 1938اذ أمر هملر باعتقال نحو 51 ألف من الخطرين والمجرمين.ويضيف أن معسكرات الاعتقال حققت للنازيين أكثر من هدف فعن طريقها يتم التخلص من المعارضين. وبعد إلحاق المعسكرات بالإدارة الاقتصادية الرئيسية في بداية عام 1942 تم استغلال عمالة السجناء الرخيصة في تحقيق مكاسب إنتاجية حيث كانوا يتعمدون "استنزاف طاقة السجناء في مواقع الإنتاج حتى تفيض أرواحهم. ويقدر عدد السجناء الذين ماتوا في معسكرات الاعتقال من الإرهاق والأمراض وحدهما بنحو نصف مليون شخص."ويشير إلى أن النازي "مارس ضغوطا هائلا على اليهود للنزوح من ألمانيا" وحين احتلت بولندا عام 1939 وكان يعيش فيها أكثر من مليوني يهودي لم يتمكنوا من الهجرة أجبرتهم سلطات الاحتلال النازي على ممارسة العمل الشاق والعيش في الجيتو.. مضيفا أن أسلوب القتل بالغازات السامة "نفس الطريقة التي سبق للنازيين استخدامها في الفترة من عام 1939 حتى عام 1941 في قتل المواطنين الألمان غير الصالحين للحياة والمعتوهين في مؤسسات القتل الرحيم."ويقول عوض إن معسكر برجن بلسن لم يكن في البداية معسكر إبادة حيث أنشئ عام 1943 كمعسكر يحتجز فيه المحظوظون "اليهود الذين لا يجوز تكليفهم بأداء أعمال شاقة" وكان الهدف منه الحفاظ على حياة آلاف اليهود الأوروبيين للمساومة علىهم ومقايضتهم بالأسرى الألمان لدى الحلفاء خاصة الموجودون في فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني.ويضيف أن الخارجية الألمانية كانت تنتقي للمقايضة الرهائن اليهود الذين تربطهم بدول الحلفاء علاقات أسرية أو سياسية أو تجارية.ويشير إلى أن الانتماء الديني لم يكن السبب فيما تعرض له اليهود على يد النازي ففي عام 1944 تمت إبادة ألوف اليهود في معسكر أوشفيتز واستثني مئات اليهود الذين يحملون الجنسية الإسبانية "في هذا المعسكر من الإبادة بسبب انتمائهم إلى دولة محايدة. وبعد مفاوضات طويلة بين وزارة الخارجية الألمانية والحكومة الإسبانية سمح النازيون لليهود الأسبان بالمغادرة... انتهى بهم المطاف إلى الاستقرار في فلسطين."ويقول إن أكثر قطاعات معسكر برجن بلسن امتلأ بالمعتقلين حتى نهاية عام 1944 هو "معسكر النجمة" الذي حمل هذا الاسم لأن نزلاءه كانوا يضعون نجمة داود على ملابسهم المدنية.لكن عام 1945 شهد إدماج معسكر برجن بلسن في بقية المعسكرات النازية إذ عجز عن استقبال مزيد من النزلاء وأدى سوء الحالة الصحية والجوع وانتشار الأوبئة إلى وفاة عشرات الألوف كما ظل يستقبل العاجزين عن العمل والمنهكين القادمين من المعسكرات الأخرى والمرضى ومنهم فوج ضم ألف شخص مصابين بالسل لم يجدوا الرعاية الكافية ولم يبق منهم على قيد الحياة سوى 75 شخصا قدر لهم أن يشهدوا نهاية الحرب العالمية الثانية.الكاتب المصري رمسيس عوض يعمل عوض أستاذا للأدب الانجليزي بجامعة عين شمس وله نحو 80 كتابا منها 52 باللغة العربية أولها (برتراند راسل الإنسان) عام 1961 وتلته كتب عن بعض الرموز في الإبداع والفكر الإنساني منها (موقف ماركس وانجلز من الآداب العالمية) و(شكسبير في مصر) و (جورج أورويل.. حياته وأدبه) و(من ستالين إلى جورباتشوف).لكنه في السنوات الأخيرة ركز جهوده على ما يخص اليهود منذ أصدر عام 1995 كتابه (شكسبير واليهود) وأتبعه بكتب منها (اليهود والأدب الأمريكي المعاصر) و(اليهود والأدب الأمريكي المعاصر في أربعة قرون) و( اليهود في الأدب الروسي) و(الهولوكوست في الأدب الأمريكي) و(الهولوكوست في الأدب الفرنسي) إضافة إلى كتب توثق بعض معسكرات الاعتقال في عهد النازي.