شخصيات خالدة
إنه الإمام محمد بن جرير الطبري صاحب أكبر كتابين في التفسير والتاريخ، ولد أبو جعفر محمد بن جرير الطّبري في آمل، عاصمة إقليم طبرستان، سنة839 م ، و بدأ بطلب العلم وأكثر الترحال ولقي نبلاء الرجال فتنقّل متعلمًا في آمل وغيرها من مدن طبرستان ثم في الري ثم في البصرة ثم في واسط والكوفة وبغداد وبيروت ومصر.. وهو في تنقّله في طلب العلم، انصرف إلى العمل كاتبًا ومؤلفًا حيث أخرج كتاب التاريخ الكبير والتفسير المشهور وكتبًا في الفقه.والطبري من أهل القرن الثالث للهجرة والتاسع للميلاد، وهو القرن الذي اتصل فيه العرب والمسلمون بينابيع الفكر المختلفة في الشرق والغرب والقديم والحديث. لكن الطبري لم يتجه نحو العلوم الفلسفية أو العلوم الطبيعية، ولكن ما أثّر فيه هو الحديث، روايةً وإسناداً وضبطاً.، قرأ القرآن ببيروت على العباس بن الوليد ثم ارتحل منها إلى المدينة المنورة ثم الري وخراسان، واستقر في أواخر أمره ببغداد.وسمع الطبري من العديدين من مشايخ عصره وله رحلات إلى العديد من عواصم العالم الإسلامي التي ازدهرت بعلمائها وعلومها كان أسلوبه أسلوب مصطلح الحديث، فهو يروي الروايات المختلفة بإسنادها الدقيق المتسلسل. وكتابه في التاريخ «مَعْلَم في طريق الكتابة التاريخية العربية الإسلامية» يعتبر كنزاً من كنوز المعرفة التاريخية الهامّة. وهو أول كتاب في التاريخ العام، كان تتمة لما سبقه ومصدرًا لما جاء بعده. وقد جمع الكثير من أخبار العرب في الجاهلية، وبذلك حُفِظَت من الضياع. ولعلّ تاريخ الفُرس في الأزمنة السّابقة للإسلام متوفر في كتابه ولا يوجد له مصدر سواه. وتاريخ الطّبري غني بالنّصوص الأدبية، فيها الشّعر والخطب والمحاورات. وقد نقل عنه لاحقوه كمسكويه وابن الأثير وأبي الفداء وابن خلدون.درس الطبري المذاهب كلها، ومع أنه سار مع المذهب الشافعي بعض الوقت، فإنه لم يلبث أن استقلّ بمذهبٍ اختاره لنفسه. وقد أوضح موقفه مع ذلك في كتابه المُسمّى «لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام». وقد كان له تلاميذ في مذهبه يدافعون عنه، لكن ذلك انقطع بعد القرن الرابع. ومن سوء الحظ أن كتب الفقه التي ألّفها الطبري في مذهبه فُقِدَت ولم يُسلّم منها إلا كتاب «اختلاف الفقهاء». وبَيْنَ اختلاف الفقهاء وكل من التاريخ والتفسير فرق، وهو أنّ الطّبري لم يورد الإسناد في الاختلاف. بل اكتفى بوضع الرواية أو الرأي. والمهمّ أن الطبري يبدو في هذا الكتاب صاحب معرفة بالفقه، كما بدا من قبل مؤرخًا ومفسرًا.ويعد الطبري قمّة من قمم الفكر العربي الإسلامي الشوامخ؛ فهو مؤسّس علم التاريخ وواضع الكتاب الرئيسي في التفسير.توفي ابن جرير الطبري في يوم الاثنين في وقت صلاة الظهر طلب ماءً ليجدد وضوءه فقيل له تؤخر الظهر تجمع بينها وبين العصر فأبى وصلى الظهر مفردة والعصر في وقتها أتم صلاة وأحسنها، ثم توفي وكان ذلك سنة 923 م.