14 أكتوبر / القاهرة : نهال قاسم / من : وكالة الصحافة العربيةعقد نادي القصة بالقاهرة ندوة لمناقشة المجموعة القصصية "كلمات حب في الدفتر" للكاتب حسني سيد لبيب الصادرة عن منشورات أصوات معاصرة عام 2005. وأكد الكاتب فؤاد مرسي أن قصص المجموعة التي تدور حول منظومة قضية الفن والواقع المعاش وصراعات الإنسان التواق إلى الحرية والعدل الاجتماعي، تمثل الوجه الآخر في رحلة الكاتب التي تركز على ثلاثة خيوط أساسية، أولاً الخيط الدقيق الذي يملك به الكاتب محبة كل من عرفهم أو التقي بهم في زحمة الحياة ومشاغلها، وثانيها العاطفة الجياشة التي تفيض بها قصص المجموعة والشخصيات التي تحرك الأحداث في الموظف والصحفي والجزار والفلاح والعمدة وغيرهم، وقد التقطها الكاتب في براعة وحنكة ضارباً بذلك المثل الأعلى للإنسان المؤمن المكافح لا الإنسان المتواكل الذي يعيش عالة على غيره ولا تستفيد أمته منه بشيء.وأشار إلى أن الخيط الثالث في المجموعة يبدو في أن المجموعة تعكس مدى نضج الكاتب وإحساسه المرهف وتمكنه من أدواته الفنية وقدرته علىتصوير الحياة الدقيقة الصادقة، كما يراها في الحارة والقرية المصرية جامعاً بين السرد والحوار، عبر مجموعته التي تمثل شرائح متنوعة التقطها من واقعة ومجتمعه الذي عاش همومه وآلامه ومعاناته ومشكلاته ووعي آماله وطموحه، فانطلق يجسد ذلك كله عبر أحداث أقاصيصه، على ألسنة شخوصها محاولاً جهده وضع حلول مناسبة لمشكلاتهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية.[c1]مجتمع واقعي [/c]
وأكد الكاتب الصحفي محمد مطر أن المجموعة التي تتكون من إثنا عشر قصة تعالج كل منها حدثاً خاصاً ومشكلة معينة ولكنها تلتقي جميعها في النهاية لتمثل المجتمع المصري البسيط المتواضع، حيث تبدأ المجموعة بفقرة استخدم فيها الكاتب بوعي وذكاء شديد أسلوب من أساليب القصة الحديثة المسمي بتيار الوعي وهو "ارتعشت يده، غار قلبه، أحب أن يعيش بحاجيات عفاف، ماذا يحوي هذا المكتب الصغير".وعلى المستوى الاجتماعي كما يرىمطر يجد القارئ في قصة "اقتفاء الأثر" تجسيدن للمشكلات الأسرية التي لا يخلو منها بيت ولكنها هنا لا تراعي العشرة الطويلة وتسقطها من حسابها في سبيل تحقيق وهم الحب من قبل الزوجة ومحاولة الزوج البحث عن الاستقرار النفسي والأسري مع أم إيناس، وكذلك في قصة "الطفل والعربة الصفراء" تصوير لطرد الزوج من البيت الضيق المكون من غرفة واحدة تحت إصرار الزوجة الانتقال إلى منزل أكثر رحابة لا يقل عن غرفتين.وعن قصة "ماسح الأحذية" أكد أنها تعد بمثابة محاولة جادة لتحقيق الذات المنسحقة ولكنها بكل واقعيتها تنتهي بتكريس حقيقة التمايز الطبقي، وأن كل ما يبدو ليس أكثر من تمثيل في تمثيل كما تركت الأوضاع الاقتصادية المتردية بصماتها على العديد من قصص المجموعة، أما قصة " الصندوق" التي تنطلق أحداثها من مشكلة السكن التي يعاني منها الشباب المقبلون على الاستقرار الاجتماعي والرغبة في الحصول علي سكن مناسب، فضلاً عن الضيقات المادية التي تكاد أن تعصف بالأسرة والتي كان الصندوق يجسد الأمل في الخلاص منها.[c1]ورقة ضائعة[/c]وقصة "الورقة الضائعة" يحاول الكاتب من خلالها تجسيد مشكلة الفقر لدى الطبقة الدنيا من المجتمع ومشكلة الجمعيات الاستهلاكية التعاونية والموظف أنور الذي يعجز مرتبة عن تحقيق التوازن ما بين الواردات "الدخل" والنفقات، وفي قصة "حكاية ورقة نقدية" التي ترصد الممارسات الأخلاقية المنحرفة وتعالج مشكلات الطبقة الفقيرة من خلال شخوصها "المومس والراقصة" والمستوى الرأسمالي للجزار المعلم حسب الله والعجوز الثري المتعالي الباحث عن المتعة المحرمة، والذين ترددت بينهم الورقة النقدية لتكون النهاية المفجعة بحرقها لإشعال لفافة تبغ ما بين شفتي الغانية اللعوب وهي ممارسة أخلاقية كانت شائعة فيما مضي.وأكد مطر على قدرة الكاتب على تجسيد قضايا مجتمعة الواقعية والمشكلات التي كانت تشكل بالنسبة له هاجساً خاصاً وهما اجتماعياً مما صرفه عن الهم السياسي المصري فيماعدا قصة واحدة "الرداء الأحمر" التي تجد شهوة الحكم والتشبث به وما قد يفضي إليه من سفك للدماء.وأشار مطر ببراعة المؤلف في اختيار الشخوص المتنوعة المحورية والرئيسية منها والثانوية والهامشية ودقة رسمها وتحليل أبعادها وملامحها الواقعية والرمزية، وكذلك الأحداث المؤثرة والدقة في البناء والحبكة المتقنة وانسيابية السرد وشيوع الحوار وطواعية اللغة وجمال العبارة وتنامي الأحداث وتطور الصراع دون، افتعال مما جعل النتائج والحلول تأتي طبيعية ومتوازنة وأن شابها في بعض الأحيان بعض التفاصيل والإطناب تحت اإلحاح رغبة في التوضيح وهو المخالف لطبيعة القصة القصيرة.[c1]وشائج فكرية [/c]وأشار الناقد السيد رشاد إلى أن الوشائج الفكرية التي تجمع ما بين الكاتب فتحي غانم ومسيرة الكاتب صلاح عبدالسيد حيث إن كلاهما يقترب من الإنسان ويقتحم أغوار حياته وينحاز إليه، وكذلك الأمر مع الكاتب حسني لبيب وأن الراصد لقصصه سوف يرى فيها البيئة والزمان المختلف، وتلك التحولات التي واجهت "الأنا" و "الآخر" الرابض بأقنعته وتجاوزاته كما يرى فيها الواقع المصري بكل ملابساته وأنه في هذه الناحية ينحي نحو الكاتب محمد تيمور الذي مات في فجر شبابه 1921- 1892م، ولكنه مع ذلك أمكن له أن يرصد جملة التحولات السياسية والفكرية في وطنه وباعتقاده أن كلاهما نجح في نقل الواقع في أمانة وصدق ومتعة فنية، وانتصر على المعوقات واليأس.وقال : إن الكاتب استطاع بما يمتكله من رؤية أيديولوجية في بعض أقاصيصة مثل قصة " الصندوق"، "الرداء الأحمر" أن يعكس واقع الحياة الشعبية في مصر، ولذلك فإنه يتوقف عن قضايا الطبقات المحرومة أو يطرح آراءه الفكرية في بعض الأحداث، ويضيف الجديد ويعطي التفسيرات في محاولة لاستشراف المستقبل من خلال ذلك التغيير الجذري في قيم المجتمع ومثله.وأضاف تعد بحق مجموعة "كلمات حب في الدفتر" من فن القصة الراقي الذي نرى فيه الزمن والحلم والشكل والجوهر والتفسيرات والنظائر والمزاج والتحليلات النفسية، وحتي خفايا القلب الإنساني الغامض الذي تعاطف معه الكاتب وكان تصور الحقائق عارية، وكأنه ينادي بأدب واقعي بدلا من أدب وجداني ليحقق من خلاله المغايرة المنشودة ولحظة النصر.