أحمد درعانلقد كان وجود المطربة (أمل كعدل) بين الحضور بسيطاً كما كان حديثها، وقد وجهت حديثها إلى عدد لابأس به من الحضور، شعراء، فنانين، موسيقيين، وملحنين.. بمختلف تخصصاتهم والوانهم.. إلا ان الفنان المسرحي (عمر مكرم عنتر) قد استعرض جانباً من حياة المطربة (امل كعدل) وكيف أثرت الحركة الفنية، وأثرت في عصرها الذهبي وخاصة في الأغنية العاطفية. كما تحدث الاستاذ الفاضل عازف الكمان المخضرم نديم محمد عوض، والفنان أحمد علي باقتادة، حيث أثنيا على دورها الطيب وكيف حافظت على مكانتها الفنية حتى اليوم..وفي الحقيقة ان الفن شيء.. والعلم شيء آخر، وفي حياة كل شاعر مجموعة من المبدعين.. ولهذا إن ما قدمته المطربة (كعدل) للعديد من الشعراء والملحنين كان ثمرة جهودهم التي أخرجته للناس بصوتها كلمةً ونغماً.. وهنا نرى اكتمال العمل الفني بثلاثة عوامل رئيسية وهي المستوى التعبيري والحسي، والموسيقي، إلا ان عدم استخدام مقامات جديدة لها جعلها تحقق نجاحاً تقليدياً بعيداً عن مقامات موسيقية أخرى، ولو استخدمت لها (أي الأخيرة) لأحرزت نجاحات كثيرة مختلفة عن ماجاءت به.فمثلاً الموسيقار أحمد بن غودل استخدم لها المقامات الشرقية (الحجاز) (الراست) (البيات) اضافة إلى مقام (النهاوند) متنقلاً بعوارض موسيقية كثيرة، حتى راوحت المطربة (كعدل) بين هذه المقامات، مع أن لديها القدرة على إجادة مقامات أخرى مثل مقام (DO-magor) (دو ماجور).. والدليل أنها عندما قدمت أغنية (مرايا الشوق) للقرشي عبدالرحيم سلام (رحمه الله) عمد الاستاذ أحمد بن غودل إلى التنويع الموسيقي واللحني في صياغته لهذه الأغنية، وتحديداً في مقطع (تعال ياوعد أيامي).. فنجد عند الاستماع لهذه العبارة أنها وضعت من مقامين موسيقين مقام (راست يلخ الدو) ومقام (DO-magor) (دو ماجور), والأخير مقام موسيقي غربي، بما يؤكد أن المجال لايزال مفتوحاً امام المطربة (أمل) في تقديم الكثير من الأعمال الغنائية الموضوعة بأسس علمية صحيحة. وقد مر زمن لم تعط الفرصة لبعضنا كي يسهم أو يقدم وجهة نظره حول مثل هذه الأعمال التي قدمت.اما بالنسبة للموسيقار الراحل أحمد بن أحمد قاسم (رحمه الله) الذي كنت مشاغباً له فقد حاول أن يتعرف بخبرته الطويلة في مجال الموسيقى والغناء على الطبقات الصوتية للمطربة (أمل) حتى يستقر على ماهو أفضل، فوجد أنه لابد من الخوض في عمل موسيقي لتجربة.. فقط، فقام بإشراكها معه في الأنشودة الوطنية (الوحدة اليمنية) حتى كان النجاح واضحاً ولو سألنا عن أسباب هذا النجاح لوجدنا (الفرق) كان سبباً ودون ان نسأل.. فالموسيقار أحمد قاسم يحمل لواء التجديد في الأغنية اليمنية.. والملاحظ أيضاً أن هذه الأنشودة هي من مقام (البيات) في الاستهلال الأول، ثم ينتقل ببراعة ليقتل الرتابة عند المستمع إلى مقام (راست على الدو) وخاصة في مقطع (بسمانا بسمانا) ثم يعود إلى (البيات) وتنتهي بالمقام (عينه) أيضاً لاحظنا الشدة والثبات في صوت (امل كعدل) لدرجة أن نكهة صوت الموسيقار أحمد قاسم في هذه الأغنية الوطنية انتقلت إلى حنجرة (كعدل) وهنا تكمن عظمة الفكر الموسيقي الذي يمتلكه الراحل أحمد قاسم ولأن أحمد قاسم (رحمه الله) استخدم في موسيقاه وأعماله الغنائية الأبعاد الموسيقية الملونة (كرماتيك)، إضافة إلى ذلك التقنية الموسيقية التي يجيدها ببراعة.اما الفنان محمد مرشد ناجي الذي كان هو الآخر من دفع بالمواهب الشابة إلى عالم الفن والطرب، قد حقق نجاحاً آخر ايضاً، مستخدماً الألحان الشرقية سريعة الايقاع التي أخذت الجانب العاطفي، وكان دفعه لها بعيداً عن الناحية النظرية مستخدماً العامل الحسي لها ومستفيداً من ألوان الغناء اليمني، واكتفى بتقديم كتابه (من أغانينا الشعبية) الذي يعد مرجعاً هاماً للأغنية اليمنية، محاولاً اختصار المرحلة وهذا شيء عظيم يضاف إلى مجموعة أعماله الغنائية والوطنية التي كللت بالنجاح.. وهنا وبعد هذه المرحلة الذهبية التي تعد أيضاً ثروة لاتعوض اليوم، وفي مثل هذه المجالات الخصبة لا ينبغي علينا إلا الحفاظ عليها ولو دعت الحاجة إلى إعادة النظر فيها.. فليكن، ولكن دون اخراجها من جنسيتها التي جأت وولدت منها.وفي هذه الاحتفالية التكريمية التي أقيمت في منتدى باهيصمي الثقافي الفني أود أن يتكرم الأخوة في مكتب الثقافة عدن ممثلاً بوزارة الثقافة والسياحة وكل الأطر الثقافية والابداعية الاهتمام بمسيرة الفنانة (أمل كعدل) وسبق لي أن قدمت مقترحاً بإصدار كتاب غنائي بعنوان (غنائيات أمل) على أن يتضمن الجزء الأول منه السيرة الذاتية لها، ويتضمن الجزء الثاني كل الأعمال الغنائية التي قدمتها في مشوار حياتها الفني لشعراء وملحنين .
|
ثقافة
قراءة فنية في حضور المشهد الغنائي للفنــانة أمــل كعدل
أخبار متعلقة