العيش في بيئة خالية من التلوث مسؤولية المواطن العراقي ووزارة البيئة
علاء الكاشف لا يختلف اثنان على كون النظافة سمة ملازمة للإنسان المتحضر ومقياساً لرقيه ودرجة وعيه، ولا نجد أي مبالغة عندما يحكم أحدنا على شعب ما بأنه على درجة من التطور والرقي عندما يتجول في شوارعها النظيفة التي تسر الناظرين.معضلة النظافة في العراق باتت المشكلة المزمنة التي يتطلب حلها معجزة حقيقية , فالحروب والاستغلال غير المنتظم وغير العقلاني للموارد الطبيعية وتخريب الأهوار و الحروب الداخلية والحروب الدولية الثلاث انعكست على بيئة العراق التي تلوثت بالمواد الكيمياوية والمواد الأخرى ما تسبب في انتشار العديد من الأمراض غير المعروفة وغير المسجلة سابقا في البلد وانهيار البنية التحتية وقلة الخبرة وضعف التخطيط .ان اعادة البيئة العراقية الى سابق عهدها والاستعمال العقلاني لثروات البلد وحماية البيئة من التلوث ورفاهية الشعب العراقي والعيش في بيئة نظيفة وخالية من أي تلوث لا يقع على عاتق وزارة البيئة وامانة بغداد فقط وانما بالتنسيق مع المواطنين .من هنا كان لا بد من التساؤل أيهما أولا القانون الذي يجب أن يحمي البيئية ويعاقب على التجاوزات أم هي التربية الواجب الاعتماد عليها في زرع أفكار تدعم الاهتمام بالبيئة التي تبدأ من البيت من تربية الأب والأم إلى المدرسة لتعنى المناهج في كل مراحلها بمتابعة المشاكل البيئية وأهمية العيش في بيئة نظيفة؟.بالنسبة للقانون البيئي في جوهره يقوم بتأمين حماية قانونية لعناصر البيئة الثلاثة من ماء وهواء وتربة بما يحقق الهدف من التنمية البيئية المتمثل بالمحافظة عليها وصيانتها من مخاطر التلوث أولاً وتطويرها بما يكفل إغناء مكوناتها ثانياً , فيجب أن توجد تلك القوانين البيئية المانعة والرادعة على أن تكون فاعلة وليست حبرا على ورق، ويمكن للمشرع البيئي الاعتماد على عدة نقاط أهمها(الجزاء يقابل الضرر)وأن يصل الجزاء إلى الحد الذي يجبر الضرر بحيث يزيل أي أثر سلبي لحق بعناصر البيئة واعتماد مبدأ التدرج في الجزاء، وبالمقابل مبدأ المكافأة. ونحن في هذا لا نريد ان نصل الى مستوى المشرع الفرنسي السباق بالاهتمام بقوانين البيئة حيث عَدَّ بعض الجرائم الخاصة بالبيئة من ضمن الإرهاب كتلويث الفضاء وأعماق الأرض.إذا القوانين التي تحمي البيئة موجودة لكن هل استطاعت حقا أن تكرس تكريسا صحيحاً الوعي والثقافة البيئية لابناء الشعب ؟هذا ما لم نجده في مجتمعاتنا بشكل خاص وبالعالم كله عامة فبالرغم من أن التربية الدينية والمنزلية شددت على الاهتمام بالنظافة لكنه لم يتعد باب المنزل فهذه المرأة التي تصر على نظافة بيتها ترمي أكياس القمامة وسط الشارع أمام أعين اطفالنا الذين اعتادوا رؤية ذلك فألفوا المشهد ليصبح طبيعياً وأسلوباً عادياً في حياتهم كلها.. وها هو الرجل الذي يعد البصاق في الشارع أمرا طبيعيا لن ينتبه إلى أنه يلوث الطريق والجو وسيعلم الأطفال بعلمه أو دون علمه إتباع سلوكه ليصبح ذلك مألوفاً عليهم. وهنا احب ان اذكر احد الاخبار التي نعدها نحن طريفة والآخرون يعدونها تقدماً وتحضراً انه في احدى دول شرق اسيا تغرم الدولة كل شخص يبصق على الارض سبعة دولارات ونحن نرمي النفايات والعلب الفارغة اثناء تجولنا في الشارع والحدائق العامة غير آبهين للذوق العام ونظافة المكان .السيد ( محمد عادل ) احد مسؤولي الحديقة العامة في منطقة العطيفية يقول ان المجتمع يحتاج الى ثقافة ولا يحتاج الى قوانين ان القانون هو اخر ما ينفذ في هذا البلد خصوصا في النظافة ويضيف لقد وضعنا لافتات وصوراً تدعو الى النظافة ولكن دون فائدة وانا لا ألوم الأطفال وانما ألوم الاهالي الذين من المفروض ان يكونوا قدوة لهم فأنهم يرمون العلب الفارغة والباقي من الطعام وسط الحديقة التي يجلسون فيها لذا نحن بصدد منع ادخال الطعام الى الحديقة واقتصارها على اللعب ( احمد عباس ) احد سكنة منطقة الصدرية يشير الى ان مشكلة الازبال تحتاج الى جهود متواصلة تبذل من قبل المسؤولين في دوائر أمانة بغداد والمواطنين ايضاً ، وغالبا ما نجد ان الاتهامات تتبادل بين الطرفين لوجود تقصير في عملية نقل النفايات المكدسة في عموم مناطق متباعدة فيشرع الى رمي الزبالة في اقرب مكان مفتوح او اقرب ساحة عامة وهذا امر غير صحيح , وتوجد بعض العوائل التي تقوم برمي النفايات دون ان تضعها داخل الأكياس وتقوم الرياح بنقلها وبعثرتها باتجاهات عشوائية في الشارع وامام المنازل.اما المواطن (حسن ازهر) من سكنة حي العامل فيقول : (عندما تأتي سيارة نقل النفايات كل اسبوعين او ثلاثة ماذا يفعل المواطن ؟ أكيد سيتجه الي رمي القمامة في اماكن غير مخصصة لها , وهناك عوائل لا ترمي النفايات في الحاويات رغم انها قريبة من بيوتها وتفضل رميها داخل الجزر الوسطية في الشارع او في احد اركان البيوت , والمتعهدون في هذه المنطقة لا يؤدون واجباتهم بشكل صحيح ولا يتعاملون مع النفايات بموجب تعليمات العقد المبرم مع البلدية. ويقول احد موظفي أمانة بغداد فضّلَ عدم ذكر اسمه: (ان المتعهدين هم من يقوم بعملية التنظيف في مدينة بغداد ويقوم كل متعهد بتعيين عدد من المشرفين حيث يتولى كل منهم مسؤولية الاشراف علي مجموعة من العمال الذين قد لا ينجزون اعمالهم بشكل جيد في بعض الاحيان وكذلك تعاني الدوائر البلدية من نقص في عدد الآليات حيث تعرض الكثير من معامل الصيانة والدوائر التابعة لامانة بغداد لاعمال السلب والنهب بعد سقوط النظام , الامر الذي ادى الي حصول خلل واضح انعكس سلبا على واقع الخدمات في عموم المحافظة ولابد ان نذكر ان هناك عدم تعاون من المواطنين مع دوائر البلدية في كثير من المناطق حيث يرمون القمامة في الساحات المفتوحة ويتركون الحاويات المتحركة .في كل خطوة وسلوك يجب تكريس مفهوم الثقافة البيئية ودور الدولة في ذلك لا يقف عند حدود القوانين بل يجب أن يرافق ذلك التوعية بالإعلانات على الطرق وعبر وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمقروءة والمرئية مع تفعيل المؤيدات من عقوبات وجوائز واعتماد خطط وسياسات منهجية تدخل في صلب الحياة اليومية.مع تنظيم المهرجانات والمسابقات التي تصل إلى كيفية استخدام الموارد بشكل أمثل والاهتمام بعلم الجمال في كل ركن من بلادنا ليبرز بصورته الحسنة وليصبح تدريجيا سلوكا اجتماعيا وثقافة تضمن بقاء البشر كي يكون ذلك حقا من حقوقهم وواجبا من واجباتهم فعلى الجميع العمل لأجله.