أقواس
في كتابه الموسوم بـ(كلمات) والمطبوع في طبعته الأولى عام 1967م ، يشير عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في أحد مواضيع الكتاب إلى (مشكلة في الجامعة) جامعة القاهرة التي ضمت حينذاك (700-600) طالب في السنة الثالثة في كليات مختلفة غير أنهم رسبوا ولم ينجحوا وهو ما دفع بهم إلى الشارع .. لكن الطلاب تظاهروا مطالبين بإعادة إمتحانهم وتمكينهم من مواصلة دراستهم ما جعل الجامعة تتخذ مواقف مختلفة من قبل رئيس الجامعة ، ورئيس مجلس الجامعات .. وهنا ننقل فقرة جميلة وبليغة وفيها من التصوير البديع رجل عجزنا عن فهم ما يكتب بسهولة ، في حين هو فاقد النظر (البصر) لكنه كان البصيرة كلها:يقول طه حسين :((.. وقد ألحوا على بعض مديري الجامعات ، فنصح لهم بان يلغوا من أعمارهم ما أنفقوا من أعوام في الدراسة الجامعية ويرجعوا أدراجهم وينتسبوا إلى كليات غير كلياتهم كأنهم لم يخرجوا من الدراسة الثانوية إلا في الصيف الماضي .. وقد بحث أصواتهم من الدعاء والاستغاثة والاستعطاف . ولكن أصواتهم وقد بحت لا تبلغ إلا آذانهم ، وقد كلمت في شأنهم بعض وزرائنا فأظهر الرقة عليهم وأنبأني أنه تحدث في شانهم إلى مديري الجامعات فرقت لهم قلوبهم وعطفت عليهم نفوسهم ، ولكنهم لم يملكوا إلا الرقة والعطف لأن نص القانون صريح محتوم فهم لا يستطيعون تغييره ولا يجدون منه مخرجاً..))هكذا نقرأ طه حسين وجمال ورصانة أسلوبه واختيار عباراته وكلماته المعبرة عن رقي وسمو في الأسلوب واللغة لمعالجة قضية طلاب رسبوا في إمتحاناتهم الجامعية ، وصاروا إلى الشارع .. ولكن ذلك دفع عميد الأدب العربي الى أعطائهم من وقته الثمين شيئاً ليتحدث عن قضيتهم مطالبا أن تعاد إمتحاناتهم أو توظيفهم بحسب التخصصات التي لدى كل واحد منهم ...وهو أمر نعيده هنا للاستفادة والدلالة على ما يجري في جامعة عدن اليوم وبالذات كلية الطب التي عانى بعض طلابها رسوباً في الفصل الأول ، ولم ينتبه لهم أحداً أوجهه ، عدا صحيفة (14اكتوبر) التي تناولت ذلك في لقطة توضيحية تطالب فيها بحل مشكلة الطلاب .. وهو ما ذكرني وأنا أتصفح كتاب طه حسين الآنف الذكر ، فاستوقفني تلك العبارات الصادرة عن رجل كبير وعظيم الإرث والدور ، حيث كان وزيراً للمعارف ربما قيل أو يعد هذا الحدث ، لكنه كرس وقتاً لتناول قضية هامة تخص الجيل ودوره في بلاده ، والأهمية التي ينبغي ، وفقاً للقانون ، القيام بمعالجة فاعلة ومن مبدأ عدم الأضرار بمستقبل الأجيال ، ومرونة القوانين التي قد تكون نصوصها حرفياً معرقلة ولا تقدم حلولاً مرنة إطلاقاً.رحم الله طه حسين ، وحسبنا أن نسلك بعضاً من سيرته الحكيمة العطرة هنا في عدن .. وخاصة في جامعتها العريقة وكلياتها المختلفة.. ان شاء الله !