صباح الخير
قال تعالى في محكم تنزيله: « اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ و ربك الأكرم ، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم» صدق الله العظيم.العلاقة الروحية بين الإنسان والكلمة علاقة قديمة تعود إلى حاجته لوسائل التعبير لما يجول بخاطره وتوصيله لمن حوله وأكتشف الإنسان نعمة الكتابة ومنذ ذلك سعى جاهداً من أجل تطوير هذه العلاقة وصار يتفنن في ابتداع الطرق وابتكار الأساليب حيث بدأ يفكر في شيء يدون به كلمته، فكان القلم أو ربما قبله ريش الطيور والأدوات البدائية ثم الطباشير، قلم حبر أو أي شيء يمكنه بواسطته أن يسجل كلمة أو يدون سطراً إلى أن أهداه ذكاءه إلى اختراع الورق على أنواعه، فبدأت علاقته بالورق فصار يطورها، من مجرد ورقة إلى منشور، إلى كتيب، إلى جريدة و مجلة و كتب و..ألخ وظل يواكب التطور العلمي و يستفيد منه في تطوير سبل إيصال الكلمة إلى القارئ.ففي منتصف التسعينيات الميلادية بدأت الصحافة في مواكبة التطورات التقنية الهائلة في تكنولوجيا الاتصالات وانتشار المعلومات وأصبحت لها أهمية بالغة في حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي جميع نواحي الحياة .لذا ونحن على مشارف العقد الثاني في الألفية الثالثة لا يمكن أن نوقف عجلة التكنولوجيا المتطورة التي اقتحمت حياة الإنسان وفي كافة المجالات ومنها صرح الصحافة وأن نعود إلى الوراء وإستخدام الوسائل القديمة في العمل الصحفي.ما دفعني إلى الحديث عن هذا وجود صحافيين لديهم مؤهلات علمية عالية في المجال الصحفي وخدماتهم العملية كبيرة جداً ولكنهم لا يتحمسون لمواكبة التطورات في مجال الكمبيوتر والإنترنت وغيرها من الابتكارات الموجود والمتاحة لتوصل كلمتهم بسهولة وبسرعة فائقة. فنجده يكتب مواضيعه ويبيض مقالاته الصحفية بخط يديه أو يطلب من غيره إخراج الأخبار والتقارير بالورق ومن ثم يقوم بالتصحيح وهكذا تتكرر العملية مرات لكي يتم بعدها إرسال المادة الصحفية ونجده يفضل إستخدام الفاكس بدلاً من الإنترنت في الوقت الذي نجد صحافيا مبتدئاً يقوم بهذا الماراثون في لحظات ببساطة بالكمبيوتر مباشرة. الفرق بينهما أن الأول يرفض وليسى لديه الرغبة في الإعتراف بـ تكنولوجيا الحاسب الآلي ويتعامل مع المسودات الورقية في تبادل المادة الصحفية مع رؤسائه ومرؤوسيه عبر موظف ينتقل من مكتب إلى آخر والثاني أستفاد من هذه التكنولوجيا وما صاحبها من ثورة معلوماتية إنترنتية في مجال عملة الصحافي وبكل سهولة يتم إعداد مادته الصحفية وتحريره وتبادل الملفات بين الطاقم الصحافي في مرفقه عبر الشبكة في لحظات وزمن قياسي.ومن المفارقة أن الاثنان متفقان على ضرورة الحصول على أحدث أجهزة الكمبيوتر وربط أجهزنهم بإنترنت عالية السرعة فالأول يرى وجود الكمبيوتر وملحقاته في مكتبه جزء من الوجاهة بينما الثاني يستفيد من الكمبيوتر والإنترنت في البحث وتبادل المعلومات التي يحتاجها في عمله عبر الشبكة في المؤسسة أو خارجها.وهنا لابد من التأكيد من أنه لايمكن أن يتطور العمل مالم يتطور العامل، كذلك لايمكن أن يتطور مجتمع مالم تتطور صحافته فهي أحد أهم المتعاملين فالصحافة كما يقال مرآة المجتمع .لذا يتوجب على المسؤولين في المؤسسات الإعلامية والصحفية في بلادنا تطوير مهارات الصحافيين وتدريبهم على التقنيات التكنولوجية وتشجيعهم على المعرفة وإعطائهم دورات في استخدامات الكمبيوتر والاستفادة من كل الوسائل التقنية والتكنولوجيا المتاحة ومواكبة عصر ثورة المعلومات في العمل الصحفي. كما أن على الصحافي بذل كل الجهود من اجل تجاوز الحاجز النفسي الذي يحول بينه وبين الثورة المعلوماتية للاقتحام في هذا العالم الرحب وأن يتحرك ولو بخطوة باتجاه يمكنه من استثمار كل ما امتلك من خبرات في مجال عمله الصحفي فكل الشواهد تقول أن الصحافة تشهد وستشهد طفرات مبهرة خلال الفترة المقبلة وهذه الطفرات تواكب القفزات في تدفق المعلومات بصور متسارعة بفضل الكمبيوتر والشبكة العنكبوتية في تنوع مصادر الأخبار وحتى مع وجود الكفاءات الإعلامية المتحمسة أصبحنا لا نلاحق الكم الهائل من المواقع الإلكترونية جيدة التصميم و المحتوى فى كل المجالات .في الأخير نقول لا يمكننا البقاء على جانبي الطريق نراقب مرور قطارات التقنية وندعها تفوتنا .. دون ان نلحق بركبها ، علينا أن نتعامل بجدية مع لغة العصر وان لا ندع الحاجز الرقمي يفصل بيننا و يزداد ارتفاعا ، والفجوة تزداد اتساعا .