زوبعة الفرس
عبدالرحمن أنيسعندما وقعت بين يدي صحيفة »المستقلة« كان أول مقال قرأته هو مقال العلامة »عدنان الجنيد« وقد أذهلني جداً ما قرأته، ليس استنكاراًَ لما كتبه حول تنقية الإسلام من الأحاديث الدخيلة عليه ولكن أذهلني جرأة وشجاعة الرجل في طرق مثل هذه المواضيع الحساسة في بلد لايخلو من أغلبية سلفية تشكل تهديداً على كل من حاول طرق مثل هذه المواضيع.والعنوان الذي في الأعلى هو عنوان إحدى الكتب الشهيرة لشيخنا العلامة »محمد بن سالم البيحاني« ولكني ارتأيت أن أجعله عنوان مقالي، ربما لأن العبارة تحمل في طياتها المعنى المراد والضجة التي أثارتها انتقادات »عدنان الجنيد« لتراثنا الإسلامي التي تشوبه الكثير من الشوائب، إلا أنني لم اتفاجأ حينما عرفت أن هناك من قام بتكفير العلامة الجنيد من فوق منابر الجمعة في مساجد تعز والضالع وكذلك رسائل التهديد التي تلقتها صحيفة »المستقلة« لأن الوجود السلفي لايمكن تجاهله إذا أصبح صخرة صلبة أمام كل دعوات النهوض والتجدد من خلال عصا التكفير وصولجان الفتوى التي يشنونها على كل مخالف في الرأي والمنهج والاعتقاد ، فأوضحوا للجميع بأن الفكر الإسلامي هو الفكر الوحيد الذي لايمكن تطويره وأن كل من يحاول تطويره فهو زنديق ضال مبتدع جهمي.. إلخ ، بالرغم من أن الجنيد جاء بكلام خاطب فيه العقل والضمير قبل أي شيء فجاء بالأدلة العقلية من خلال انتقاده العدد الكبير الذي رواه »أبو هريرة« من الأحاديث رغم أنه أسلم قبل وفاة النبي بثلاث سنوات فقط وكذلك أبطال كثير من الأحاديث التي تشوه صورة الإسلام وقصة »الغرانيق« وغيرها.. رغم أنه ليس الأول ولن يكون الأخير من الذين طرقوا هذا الباب الحساس ولم ينجُ هو كحال من قبله من دعاوى التكفير والزندقة، ولكن ماذا لو أن واحداً من مشائخ السلفيين بدلاً من أن يطلق للسانه العنان من فوق منبر الجمعة للتكفير والزندقة رغم أن الهدف من المنبر هو تهذيب الباطن وليس استخدامه كسلاح ضد المخالف، ماذا لو أنهم أمسكوا بأقلامهم وكتبوا مقالاً فندوا فيه إدعاءات العلامة »الجنيد« وأوضحوا ما يصفونه بأنه خطأ، لماذا يعتقد السلفيون أن العنف هو الحل للقضاء على المخالف ، لماذا لم نسمع من أكثر مشائح السلفيين تعقلاً بأنه بادر إلى الحوار لحل مثل هذه المسائل الفرعية بدلاً من التكفير والتبديع.لايصح أن يفهم أحد أنني مؤيد للجنيد في ما قاله ولكن لا يختلف إثنان على أن الأحاديث المنسوبة الى النبي صلى اللّه عليه وسلم لاتخلو من الشوائب، أمثال أحاديث »الأئمة من قريش« التي سببت الكثير من الأزمات والخلافات في العالم الإسلامي، إلا أن كل عاقل يرفض رفضاً باتاً الطريقة التي جوبهت بها تلك الانتقادات من العلامة الجنيد، لأن مواجهة المخالف بالتكفير والتهديد بالقتل يمثل أسوا أساليب التخلف والتحجر وصغر العقل وترسم صورة سيئة للمسلمين في نفوس من يتربص بهم.نعم إنها صدمة للدين والعقل والمنطق أن يتحول المخالف الى شيطان رجيم يجب تصفيته بأي طريقة رغم أن الخلاف موجود في الأمة الإسلامية منذ الأزل ، وما وجود المذاهب الأربعة الإ دليل كبير على وجود الخلاف في المبدأ والافتاء والرأي، وليس في ذلك أي شر على المجتمع أليس النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول : »خلاف أمتي رحمة«.إن التفكير السلفي يواجهنا كل يوم بصدمة تلو صدمة، رغم كل الطوام التي يحتويها هذا المنهج، اليس الفكر السلفي يأمر بهجر الآباء والأمهات والإخوان والخلان لأجل بعض المسائل الفرعية ، أليس الفكر السلفي يعارض كل تقدم في العلم وينكر دوران الأرض وصعود الإنسان الى القمر حتى أن أحد كبار مشائخ السلفيين ألف كتاباً ينكر فيه صعود الإنسان إلى القمر وكانت النتيجة أن ألف بعض الأقباط في مصر رداً على هذا الكتاب أسموه: » سفر البرهان في تناقض آيات القرآن« أليس يعتبر حلق اللحى أو تقصيرها فسقاً ولا حول ولا قوة إلا باللّّه.لماذا هذا العجز عن الحوار، لماذا لا يتم التخاطب بلغة العقل والضمير بدلاً من لغة القتل والتكفير، لماذا لايريد أن يقتنع هؤلاء أن منهجهم يحتوي الكثير من المغالطات التي يستدعي من الجميع مواجهتها، إلا أن المناهج الأخرى التي يتهمها السلفيون بالزندقة والبدعة تتصرف بعقلانية أكثر من خلال الرد بالكتابات والمقالات والحوار في الوقت الذي تتعرض فيه للكثير من التعنت من قبل مشايخ الفكر السلفي.محمد الإمام ، يحيى الحجوري هما أكثر من ملأ اليمن جهلاً وتكفيراً وفتاوى ما أنزل اللّه بها من سلطان فهذا يحيى الحجوري يتهم الداعية عمرو خالد بأنه داعية إلى الزنا والغنا والإختلاط والفساد وما ذلك إلا حقداً وحسداً على النجاح الذي حققه الداعية الكبير / عمرو خالد/ وهذا محمد الإمام سمعت له شريطاً حول تعليم الفتاة لايكفي المقام هنا لاذكر مضحكات ومبكيات هذه المحاضرة.ولكن مكتبات اتباعهم موجودة في كل مكان وبالإمكان الرجوع إليها وما أفكارهم إلا تدعيم لخط ورؤية مشائخهم، ومن أراد التعرف على الفكر السلفي أكثر فليقرا كتاب »قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد« وكتاب »غارة الأشرطة على الجهل والسفسطة« وهما كتابان لمحدث اليمن الراحل الشيخ/ مقبل الوادعي- رحمه اللّه وعفا عنه- وهما يحتويان على حقيقة الفكر السلفي بكل طوامه.إن المخالف هو موجود في كل الشرائح والأديان، ولكن ينبغي التعامل مع المخالفين بكل احترام فهذا شيخ اليمن وشريفها/ أحمد زبارة حين أنكر دخول الجني في الإنسي تطاول عليه بعض مشايخ السلفيين ووصفوه بـ »أحمد زبالة« ولا حول ولاقوة إلا باللّه.الحديث قد يكون طويلاً جداً إذا ما أردنا تفنيد الأزمة التي أثارها السلفيون ضد العلامة الجنيد ولكن المثير للعجب هو غياب بعض الكتاب الذين أعتادوا على مساندة الأفكار السلفية عن الساحة ، فأين »ناصر يحيى« و»عبدالفتاح البتول« و»زيد الشامي« و»عبدالرحمن الخميسي« ولماذا لم يدلوا بدلوهم في هذه القصة، وهل سنجد من بين السلفيين من ينتقد طريقتهم ويصرح بالحق دون خوف..إننا نأمل .. وسنظل نأمل.. طالب في ثانوية »البيحاني« النموذجية