أضواء
علي مكيالمتابع لمواقف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعاطيها مع بعض الأحداث الثقافية الأخيرة كاستفسار رئيس هيئة الناصرية هاتفياً من مدير مركز الملك فهد الثقافي قبل يوم من عرض المركز لمسرحية “الإكليل” عن وجود ممثلة في العرض المسرحي؟ وأجابه مدير المركز بالنفي! لكن ذلك لم يمنع مجيء 12 متشدداً إلى مركز الملك فهد في اليوم التالي ومحاولة تخريب العرض وإيقافه كما نشرت هذه الصحيفة يوم الجمعة الماضي، وهو نفس اليوم الذي نشرت “الوطن” تقريراً من محافظة سراة عبيدة عن اتهام الهيئة لبلدية المحافظة بإنشاء مجسم للمدينة يحاكي المعابد الهندوسية!وقبلها موقف هيئة مكة من مقابر أمنا حواء والآثار التاريخية قبل أن تنفي ويوضح رئيسها أنه كان يعبر عن موقفه الشخصي لا عن موقف الهيئة كجهاز! كل هذه المواقف المتشددة إذا أردنا تفسيراً واضحاً لها علينا أن نرجع لما حدث في الغرفة التجارية في جدة قبل أكثر من نصف عام واستبعاد الهيئة لعضوات الغرفة من اجتماع يناقش موضوع الاختلاط! فقد أفصح فضيلة وكيل الرئيس العام للهيئات يومها عن فكر الهيئة عندما قال مبرراً “رغبنا في اقتصار الحضور على الأعضاء الذكور”! لاحظوا أنه يقول “رغبنا” ولم يقل “قررنا”، يعني الموضوع، كما أراه، هوى ورغبات أو قناعات أشخاص يتم فرضها باسم الدين وباسم الدولة معاً!!، كون الهيئة، إضافة إلى أنها تعلن أو تطرح نفسها كتنظيم ديني، تعد جهازاً رسمياً يتبع لأجهزة الدولة!!إقصاء المرأة من اجتماع غرفة جدة وموقف هيئة الناصرية من العروض المسرحية وتشدد هيئة سراة عبيدة تجاه المعالم الجمالية هل يمكن أن نعدّها قرارات أو توجهات رسمية؟ أم أنها مجرد أهواء شخصية معتادة ومعروفة لبست هذه المرة إلى جوار لبوس الدين رداء الدولة كون رغبة استبعاد النساء في حالتي اجتماع الغرفة والعرض المسرحي وما حدث في مكة ويحدث في سراة عبيدة كل ذلك يخرج وينفذ من قبل جهاز رسمي؟.. وإزاء وضع أو حالة كهذه ألا يحق لنا أن نتساءل عن اللائحة التي تنظم عمل الهيئة بحيث لا يتجاوز حدود الجهات الأخرى مهما كانت المبررات والدوافع!! ثم لماذا لا تنشر الهيئة لائحة عملها كي تبصر الناس والجهات المتضررة التي تشارك الهيئة في مرجعيتها لنظام الدولة؟!! إن خطوة الهيئة الأخيرة وسائر خطواتها السابقة في هذا الشأن وغيره، وربما خطواتها اللاحقة أيضاً، كالريبة نحو النساء والاشتباه في أعمال الجهات الأخرى ومطاردة مواطنين مسلمين مثلهم بالظنون والشبهات والتأويل تظل قراراً شخصياً لا دينياً ولا رسمياً، لأن الهيئة اتخذته وتتخذه دائماً حسب أهواء ورغبات بعض منسوبيها أو توجهات فروعها ولا يمكن أن يكون ذلك معبراً عن وجهة نظر الدولة حتى لو كانت الهيئة كجهاز محسوبة على الدولة، فالدولة قامت على الإسلام كدين واضح لا يترفع عن الواقع ولا يقوم على الظنون وولي الأمر بارك الله خطاه لم يحد في خطواته الإصلاحية عن هذا الدين العظيم الذي يوصي بالمرأة خيراً وضرورة اعتبار النساء شقائق الرجال ويحض على الاجتماع ونبذ الفرقة وترك كل مسلم ما لا يعنيه وعدم تشكيك المسلم في نوايا وسلامة معتقدات أخيه المسلم كما هي التوجيهات النبوية الشريفة وسيرة النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم سيرة التعامل الحضاري الراقي القويم مع النساء والرجال. [c1]* صحيفة “الوطن” السعودية[/c]