القاهرة / 14اكتوبر / أيمن رفعت :عن الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية ضمن سلسلة " إصدارات خاصة " كتاب "إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط " من تأليف كل من : د . فوزي حماد ، د . عادل محمد أحمد .ود. فوزي حامد ، حاصل على بكالوريوس الهندسة الكيمائية جامعة الإسكندرية 1957 ثم ماجستير العلوم في هندسة الفلزات - الهندسة النووية ، جامعة كارولينا الشمالية بالولايات المتحدة الأمريكية ، ثم نال علي الدكتوراه من جامعة نوتنجهام ببريطانيا 1971 .وللمؤلف مدرسة علمية كبيرة في المجالات المختلفة للطاقة الذرية والعديد من الكتب والأبحاث والمقالات ، شارك وأشرف على تنظيم العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية. أما د. عادل محمد أحمد ، حصل علي بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ، ثم ماجستير العلوم السياسية ( العلاقات الدولية - منع الانتشار النووي ونزع السلاح ) ،وأنهى حديثا دراسة الدكتوراه في العلوم السياسية لمنع الانتشار النووي ، وهو يشغل حالياً درجة مدرس مساعد بقسم القانون النووي بالمركز القومي للأمان النووي والرقابة الإشعاعية بهيئة الطاقة الذرية المصرية .يحكي الكتاب عن أنواع متعددة من الأسلحة النووية ، التي عرفتها لجنة الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية في عام 1948 أسلحة الدمار الشامل بأنها الأسلحة التفجيرية النووية ، وأسلحة المواد الإشعاعية والأسلحة الكيماوية والبيولوجية وأي أسلحة يتم تطويرها في المستقبل لها نفس الآثار بالمقارنة التدميرية للقنبلة الذرية أو الأسلحة الأخرى المشار إليها .[c1]أسلحة اسرائيلية [/c]يعرض الكتاب قدرات أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط ، فنري أن قدرات أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية هي القدرات الأقدم والأهم والأخطر في منطقة الشرق الأوسط ، وهي قدرات تنفرد بها إسرائيل ولا مثيل لها في المنطقة وقد تم ذلك في إطار سياسة لا بديل، والتي تتكون من شقين : الأول لابديل أي لابديل عن القنبلة النووية لضمان بقاء إسرائيل ،والشق الثاني تدميرأية قدرات حتي ولو كانت سلمية مثل تدمير المفاعل العراقي أوزيراك ، والخاضع لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في يونيو 1981 ،ويمكن أن يمتد هذا التدمير إلي أية قدرات صناعية أو عسكرية تهدد أمن إسرائيل .ويشير الكتاب إلى أن إسرائيل كانت أول دولة في المنطقة تنشيء لجنة للطاقة الذرية ، وتشغل مفاعلاً نووياً هو ناحل سوريك ، وتملك أكبرمفاعل "ديمونة"من حيث القدرة ، كما تنفرد بنوعية المفاعل حيث إنه مفاعل ماء ثقيل لإنتاج البلوتونيوم .بالإضافة إلي انفرادها بدورة وقود نووي كاملة تتضمن الطرف الخلفي لدورة الوقود مثل مصنع إعادة المعالجة للوقود النووي المحترق ، وإنتاج وتصنيع القنبلة النووية .[c1]القدرات النووية الإيرانية[/c]وفي المقابل نري إيران قد عملت علي الاستفادة من الاستخدامات السليمة للطاقة النووية منذ السبعينات ، فقد اهتم الشاه رضا بهلوي في تلك الفترة بإنشاء البنية الأساسية للبرنامج ، الذي يمكن إيجازه فيما يلي :تم إنشاء منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في عام 1974 ،وتم التخطيط لبرنامج نووي كبير يتضمن مفاعلات لتوليد الكهرباء ودورة الوقود النووي ، وتم التعاقد علي بست محطات كهرونووية من ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية .إلا أن العمل توقف في بناء المحطات النووية بعد الثورة الإسلامية في1979 وقيام الحرب العراقية الإيرانية بعد ذلك ، وبانتهاء الحرب العراقية الإيرانية في1988 بدأت الجهود تركز علي ضرورة إحياء البرنامج النووي الإيراني باعتباره جزءاً من إعادة البناء بصفة عامة، وفسر البعض ذلك بحدوث تحولات جذرية في لتفكير الاستراتيجي الإيراني ، والتي أرجعها البعض إلي ما تردد عن استخدام العراق للأسلحة الكيماوية في أثناء الحرب العراقية الإيرانية .وأعادت إيران إحياء برنامجها النووي ، باعتزامها بناء عشر محطات نووية في خلال العشرين عاماً القادمة ، وذلك بالتعاون مع روسيا الاتحادية والصين ، بهدف الحصول علي 20 % من احتياجاتها من الكهرباد من الطاقة النووية ، وقد استفادت إيران من التعاون مع بعض علماء الذرة الروس ، وأعلن مدير البرنامج النووي الإيراني أن حوالي 150 خبيراً روسياً يعملون بالفعل في المشروع النووي الإيراني .ويتضح من عرض تطور البرنامج النووي الإيراني ، الهجوم الأمريكي الذي يستند إلي أن إيران دولةغنية بالبترول ولا تحتاج إلي محطات نووية للحصول على الطاقة.ولذلك فالولايات المتحدة تبني موقفها علي أنها لابد أن يكون هناك شيء من وراء هذه لمفاعلات .. وفي المقابل نري موقف روسيا من الصفقة وكانت الرؤية الروسية لذلك هو أن إيران التي تقرر ما إذا كانت تحتاج إلي مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء أم لا .يتناول الكتاب فيه ذا الفصل الجهود العربية والإقليمية والدولية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية ، والذي من شأنه أن يسهم إسهاماً فعالاً في تحقيق الأهداف العلنية في الإعلان الخاص باعتبار أفريقيا لا نووية.[c1]مواقف عربية وإيرانية [/c]كان قرار مجلس جامعة الدول العربية في سبتمبر 1974 الذي اقترح فيه إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط ، وتبني إيران ومصر لمشروع القرار وتقديمه إلي الأمم المتحدة .كما أن الدول العربية وإيران وقعت علي معاهدة منع الانتشار النووي وقد صادقت كل الدول العربية الآن علي المعاهدة .أما عن الموقف الإسرائيلي ، فقد امتنعت إسرائيل عن التصويت على قرار الجمعية العامة المشار إليه ، وكانت بذلك الدولة الوحيدة في المنطقة بل والعالم التي تحفظت علي الاقتراح ، وأوضحت أن التقدم بشأن إنشاء هذه المنطقة يمكن تحقيقه بعقد مشاورات بين دول المنطقة بصورة مباشرة ، ويعقد في نهاية مؤتمر إقليمي بقصد التوصل إلي مثل هذه المعاهدة ، وعلي ذلك فقد اعتبرت أن الدعوة الإيرانية المصرية لإجراء مشاورات بين الأمين العام والأمم المتحدة ، ودول المنطقة كدعوة غير عملية .وتجدر الإشارة إلى الموقف الإسرائيلي من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ، قد مر بمرحلتين ، في المرحلةالأولى رحبت بالمعاهدة ، وفي المرحلة الثانية رفضت إسرائيل توقيعها وبرر مندوبها ذلك بعدة أسباب منها الصراع العربي الإسرائيلي ، وأن إسرائيل نفسها الدولة الوحيدة بالمنطقة المعرضة لتهديدات صريحة من عدة دول في المنطقة مثل: إيران والعراق وليبيا ، وبالتالي لابد أن تعتمد علي سلاحها النووي ، كمايقول بيريز رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق ، ما جدوى مناقشة موضوع الأسلحة بينما يوجد تهديد سياسي وأن السياسة هي التي تعرض السلام للخطر وليس السلاح .[c1]المبادرة المصرية [/c]يركز الكتاب علي مبادرة الرئيس المصري مبارك لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط ، وكان الدافع لهذه المبادرة ، هو التصريح الذي أصدره الرئيس العراقي السابق صدام حسين في الأول من أبريل 1990 بأن العراق سوف يحرق نصف إسرائيل بالأسلحة الإستراتيجية إذا قامت إسرائيل بالهجوم علي المنشآت النووية العراقية ، ودعت المبادرة إلي :ضرورة تحريم جميع أسلحة الدمار الشامل بدون استثناء في منطقة الشرق الأوسط ، ضرورة وضع إجراءات وأساليب من أجل ضمان التزام جميع دول المنطقة دون استثناء بالنطاق الكامل للتحريم .وناقش مؤتمر القمة العربية غير العادي في بغداد في مايو 1990 المبادرة ، وأيدها ، وجاء البيان الختامي للقمة "إن التركيز علي نوع واحد من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط يعني في جوهرة تبني منهج انتقائي للمنطقة".ونري الجهود التي بذلتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية سواء من جانب المحافظين أو من جانب المؤتمر العام ، للعمل علي تطبيق الضمانات النووية على كافة الدول في الشرق الأوسط كخطوة نحو إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط .كما أن هناك جهوداً بذلت من جانب المدير العام للوكالة تمثلت في القيام بعدة زيارات لبعض دول المنطقة لاستطلاع آرائها بشأن إنشاء المنطقة أوضحت أن هناك اختلافاً في المواقف بشأن إنشاء المنطقة فاسرائيل تريد إنشاء المنطقة بعد التوصل إلى سلام مع دول المنطقة .بينما ترى الدول العربية أنه لا يمكن أن يكتمل تحقيق السلام إلا بإنشاء نظام أمني إقليمي يتضمن إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من كافة أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط .[c1]قانوني دولي [/c]من عناصر إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل ، أن تكون هناك آليات قانونية دولية مثل المعاهدات المرتبطة بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل ، وتأتي علي رأسها معاهدة مع الانتشار النووي ونظام الضمانات النووية الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية والبروتوكول الإضافي لنظام الضمانات إضافة إلي معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية ، معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية ، ومعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، إضافة إلى الإستفادة من خبرة المعاهدات المتعلقة بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية ويمكن الاسترشاد بمبادئ منها ، وكذلك الاتفاقية البرازيلية - الأرجنتينية لمحاسبة ومراقبة المواد النووية والمعروفة اختصاراً باسم اباك والاتفاقية الرباعية بين الأرجنتين ، والبرازيل والوكالة الدولية والجماعات الأوروبية للطاقة الذرية " اليورانيوم " . [c1]منطقة خالية [/c]عند تحليل القضايا السياسية والقضايا الأمنية والعسكرية المرتبطة بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخري ، وبالنسبة للصعوبات السياسية يعتبر الموقف الإسرائيلي أول هذه الصعوبات السياسية ، فرغم إبدائها الاستعداد المبدئي لقبول فكرة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخري إلا أنها تضع شروطاً أخري تتمثل في أن يشمل ذلك كل أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة التقليدية ، الأمر الذي يتطلب ضرورة توافر العديد من الإجراءات السياسية حتي يمكن أن تبدأ إجراءات للحد من التسلح في المنطقة.وتتمثل تلك القضايا الأمنية في صعوبة الاتفاق حول التوجهات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط والتي ظهرت في المفاوضات المتعددة الأطراف بضبط التسلح والأمن الإقليمي .وفي خاتمة الكتاب ، خلص المولفان على أن المنطقة يجب أن تتحرك نحو مستقبل جديد في منظومة متكاملة في إطار جهد دولي وإقليمي نحو بناء السلام إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في إطار نظام أمن إقليمي ،وتنميةاقتصادية ومحاربة الإرهاب وبخاص الإرهاب بأسلحة الدمار الشامل ، وإصلاح متعدد المحاور سياسياً واقتصادياً واجتماعياً .وفي إطار أهمية الجهود الدولية للتحرك نحو المستقبل ، هناك حاجة إلي دور أوروبي أكثر فاعلية في ذلك ، حيث أن من مصلحة أوروبا الموحدة أن تهتم بالأمن في الشرق الأوسط، الذي من المؤكد أن أمن أوروبا يرتبط به ، وأن تهديد أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط يشكل أيضاً تهديداً للأمن الأوروبي ، وخاصة الدول جنوب أوروبا التي تقع على البحر المتوسط .وأخيرآً فعلى دول المنطقة التحرك علي المستوي الدولي من خلال عقد مؤتمر للأمم المتحدة لإخلاء منطقة الشرق الوسط بما فيها إسرائيل من كافة أسلحة الدمار الشامل ، كذلك عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب ليزيل عوامل التوتروانعدام الثقة.
أخبار متعلقة