- لا أعلم أن زعيم حزب معارض في اليمن جلس يوصي الصحفيين أن يرأفوا بوطنهم وشعبهم وأن يكفوا عن توتير الأوضاع وشحن النفوس بالغضب.. وللإنصاف حدث ذلك هذا الأسبوع من قبل عبدالرحمن الجفري رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) والسياسي المثقف والمفكر المجتهد! فيوم الاثنين الماضي كان لحزب الرابطة مؤتمر صحفي لإعلان مبادرة وطنية ابتدأه الجفري بتلك الوصية التي ذكرتها، وقد عبر عنها الرجل بعبارات مؤثرة وبليغة، أكد فيها أن الوضع العام في البلاد لا يحتمل مزيداً من الحرائق.. وقلت في نفسي - وأنا أصغي للجفري - ليت أن قيادات سائر أحزاب المعارضة تتمتع بمثل هذا الرشد، وعلى الأقل في هذه الجزئية.- المبادرة الوطنية لحزب رابطة أبناء اليمن (رأي) لإخراج اليمن من أزمتها الراهنة اقترحت على جميع الأطراف في السلطة والمعارضة والمجتمع المدني أن تضع نصب عيونها هدفاً أساسياً هو تحقيق مفهوم المواطنة السوية من خلال التوزيع العادل للسلطة والثروة وإحداث تنمية شاملة مستدامة، ونظام ديمقراطي يضمن التوازن والشراكة في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية، على أن تدخل في هذه الشراكة كل فئات الوطن ومناطقه.. ويرى حزب الرابطة أن هذا الهدف يمكن الوصول إليه أو تحقيقه عن طريق نظام لا مركزي يمنح الناس في مجتمعاتهم المحلية حق إدارة شؤونهم، واستحداث سلطة تشريعية مكونة من مجلسين منتخبين، واستحداث نظام انتخابي أساسه القائمة النسبية، وسلطة قضاء محلية يعلوها قضاء اتحادي أو مركزي، ومثل هذا يتم في مجال الأمن وقطاع الخدمة المدنية، وخصخصة الإعلام، وتطوير المؤسسة الدفاعية واحترام استقلاليتها وحيادها... الخ.- من وجهة نظري يتعين أن تحظى هذه المبادرة باهتمام الآخرين في السلطة والمعارضة والمجتمع المدني، ففيها ما يؤخذ وفيها ما يرد وفيها ما هو قابل للتطوير.. وليس من باب التلفيق لو قلت إنها احتوت جماع آراء ومبادرات صدرت من قبل عن الرئيس والمؤتمر والمشترك ومنظمات غير حكومية وشخصيات عامة..وبالنسبة لي أرى أن الآليات التي اقترحها حزب الرابطة لنقل المبادرة من مجال التنظير إلى الفضاء الاجتماعي العام هي آلية تضعف المبادرة، فعلى سبيل المثال لا يمكن للمشايخ وعلماء الشريعة أن يكونوا حملة لمثل هذا المشروع.. فهؤلاء هم مصادر أساسية للأزمة القائمة فكيف يطلب منهم أن يكونوا طرفاً في «الخروج» منها، ولاحظوا كيف أن ملتقى السلفيين في صنعاء زاد الوضع في الجنوب احتقاناً.- على أن مبادرة حزب (رأي) ليست «فيدراليتها» بدعاً من القول «الجنوبي»، فأكثر دعاة الفيدرالية في الفترة القليلة الماضية وحتى اليوم هم من الشمال بما في ذلك القياديون في الحزب الاشتراكي، وليس آخرهم يحيى منصور أبو أصبع الذي كرر القول هذا الأسبوع بأن الفيدرالية هي أنسب وأبقى ضمانة للحفاظ على اليمن بلداً موحداً.
عن مبادرة “رأي” وأشياء أخرى!
أخبار متعلقة