المرأة .. بين التعليم الأكاديمي والمهني
نادراً ما يكون للمرأة حضور مميز في التعليم المهني خاصة والنظرة التقليدية مازالت هي الركيزة الأساسية في النظرة للمرأة بعين الحرص.وكثيراً ما تترد هذه الأيام على مسامعنا مصطلحات عن المرأة ودورها الغائب من المشاركة السياسية (الكوتا) ومع ذلكظلت المرأة بين جذب التعليم وشد المجتمع ومازالت قضية المرأة في رأي كثير من المجتمعات المتقدمة والمتأخرة ومنذ أحقاب بعيدة مصدر استمرار هذا الصرع بين مؤيد لتعليم المرأة وخروجها وبين معارض متذرعا بأن المرأة كائن ضعيف لا يمكنها ممارسة أعمال شاقة فظلت هذه المخلوقة ينظر لها بنظرة التسلط والدونية على مستوى كافة الشرائح الاجتماعية ولكن مع التغيرات الثقافية والاجتماعية وانتشار التعليم ومشاركة المرأة في كثير من الفعاليات السياسية والعلمية وبروزها في كثير من المنتديات فقد تخطت عقبة التعليم العام والأكاديمي ثم انطلقت مع أبناء جنسها لوضع الحجر الأولى في البناء التنموي مبتدئة بالتعلم لتنطلق منه إلى كل مرافق الإنتاج المختلفة وكسر طوق العزلة وبرغم ذلك ظلت هذه المشاركة محدودة غير فعالة وأسيرة الظروف الحضارية الكارزمية (التاريخية) وظل الرجل هو المفتاح والمحرك الرئيسي لكل ما تريده المرأة إلى أن بدأت تستوعب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المحيطة بها والواقع الذي فرض عليها الخروج ونحن هنا ليس بصدد المناداة بتحرير المرأة كما عمل (قاسم أمين ) ولكلننا نريد التبصير لما لهذه العناصر من طاقة كبيرة تفوق كثيراً من التوقعات لما تمثله من تعدد يفوق تصف المجتمع وما لهذه الطاقة من أهمية يجب أن تستثمر خاصة وعامتنا يتثبت بالمنتاقضات الاجتماعية والثقافية التي تطوق عنق المرأة فمن هذه العوائق ما تخلقه هي نتيجة تخلفها وجهلها ومنها ما يفرضه الواقع الاجتماعي.فإذا ما فكرنا وأمعنا النظر في مشاركة المرأة فتعالوا معنا إلى اقرب ريف فنشاهد المرأة تقوم بكثير من الأعمال (فهي تزرع وتحصد وتروي الزرع وتربي الحيوانات وتجني الثمار وتجلب الحطب وتشارك الرجل كثيراً في تحمل أعباء الحياة والعمل اليومي كما أنها بفطرتها التي فطرت عليها تقوم بالإنجاب والرضاعة ورعاية الأطفال والتخطيط للاقتصاد المنزلي.هذا ما تقوم به المرأة دون تخطيط له من أي جهة رسمية أو شبه رسمية ولا يدخل ضمن حسابات الدخل القومي.وفي كثير من المحاولات الجادة حاولت الدولة تخفيف العبء عن هذا الكائن الجميل خاصة بعد أن فتحت لها أبواب التعليم الأساسي والثانوي واقتحمت معاقل الجامعات والتخصصات المختلفة أتاح هذا للمرأة واقعا متقدما وملموساً في الجانب الأكاديمي لكن ماذا في الجانب المهني الإنتاجي خاصة والوضع الاقتصادي يتدهور كل يوم فمكانه المرأة في النظام الاقتصادي والعمل الإنتاجي ليس مميز وذلك لطبيعة الأعمال المناط بها والتي غالبا ليس بمستوى النشاط الاقتصادي المؤثر والمتناسب مع حاجات المجتمع.. بل يوحي إلى نوع من الرمزية بأن المرأة موجودة في كل مرافق ومجالات الإنتاج فهي فعلا موجودة ولكن في وظائف ناعمة (سكرتيرة - ممرضة - مضيفة) أي في وظائف هامشية تخدع بها المرأة مع بعض الإنصاف في الفترة الأخيرة حيث تم تشجيعها في مهنتي التعليم والطب والأمن لذا ظلت المرأة تنتظر انجلاء الغيوم الملبدة عنها والنظر إليها بنظر الكائن الفعال وليس بنظرة الوصاية.. خاصة ونحن في عصر المهنة والتكنولوجيا.برغم ذلك لا تزال نصف قوة المجتمع معطلة عن الإنتاج أو محشورة في إنتاج غير ذي جدوى اقتصادية والمعروف أن التنمية الاجتماعية الشاملة تفرض العمل الجماعي والفردي للاستفادة من الطاقة النسوية المهدورة والمهملة.لا نريد امرأة تشغل مكانة ثانوية في حماية سلطة الرجل أو بما يطرحه الواقع الاجتماعي أو العناية بها وتصويرها بأنها كائن حلو جميل هش يحتاج إلى مزيد من التدليل فقط بل يجب إطلاق قدرات المرأة لأجل البناء والتخلص من شذوذ الأوضاع التي فرضت على المرأة وحرمتها من فرص العمل الحقيقة والمطلوبة في سوق العمل.فإذا نظرنا إلى المرأة كنسبة في سوق العمل سنجدها متدنية مقارنة بتعدادها الحقيقي والفعلي في الساحة الاجتماعية والانتخابية ففي الحياة الأسرية منحت النساء جزء من الحقوق ولكن في كثير من أمور الحياة العامة لا يحترم حق المرأة في اختيار المهنة المناسبة لها برغم في كفالة الدستور حق التعليم للجميع لكنا تشاهدها تسلط عليها العادات والتقاليد وتحجب كثير من حقوقها المشروعة والمكفولة دستورياً وشرعياً تمكنت المرأة واقتحمت كثير من التخصصات المهنية في جنوب الوطن ولكن تراجعت ونريد دراسة تبين لنا لماذا هذا التراجع أما في المناطق الشمالية فقد استمر وجود المرأة في القوانين والتشريعات وغاب وجودها في الواقع الاجتماعي ولكن ذلك القصور يرجع لبعض الممارسات للإدارة التعليمية مع بعض الشذرات هنا وهناك والتي من خلالها لم تكن توجد بوادر من قبل السلطات التعليمية لفتح معاهد فنية متخصصة ومهتمة بتطوير وتدريب الفتاة في الجانب المهني فعدد الإناث الملتحقات بالتعليم الفني والتدريب المهني للعام 2005-2006 م حوالي (1988) فتاة مقابل حوالي (19115) ذكراً. أذاً فكيف يمكن تحقيق تنمية بشرية بيد مبتورة غير متكافئة مؤهلة تقنياً فمعظم النساء يعانين من أمية تعليمية مرتفعة وكل النساء يعيش أمية كاملة في الجانب الفني والتقني ماذا دار على فكرنا ولماذا لا تدخل هذه الجيوش من النساء سوق العمل وتبحث وتنافس في فرص العلم التي تناسب طموحها وقدرتها العملية والعلمية والسؤال الذي يشغل الذهن لمن يعود هذا القصور لسوء التخطيط أو إلى تجميل هذه الشريحة العريضة والتي يمكنها أن تساهم في كثير من المشروعات اذا ما دربت تدريباً يؤهلها دخول معترك الحياة المعاصرة أوالى آلية النظام المختلف لذا يجب الإسراع في فتح مراكز ومعاهد خاصة أو مشاركة الفتاة في المراكز والمعاهد القائمة.نريد فعلاً امرأة تدخل العملية الإنتاجية مدربة على كل مرافق الإنتاج المهنية والتي تتيح لها ممارسة الكثير من الحرف اليدوية والاشتراك في العملية الإنتاجية الحديثة والمساهمة في بناء الاقتصاد الوطني الحقيقي.[c1]* مستشار وزارة التعليم الفني والتدريب المهني[/c]