بعض من الالات الموسيقية اليمنية القديمة
صنعاء / سبأ:تأخذك الدهشة لدى زيارة المركز الصحي الثقافي لخصوصية الوظيفة والمهام التي يؤديها، ولعل ما يدهشك في هذا المركز، هي تلك الحجرة التي خصصها مدير المركز دكتور نزار غانم لتوثيق وعرض الآلات الموسيقية القديمة، ما يجعل هذه الحجرة بما تحتويه أشبه بمتحف صغير، تتجلى فيه خصوصية علاقة مدير المركز بالموسيقى، وهو الباحث والمحقق والعازف، وقبل هذا هو الطبيب والأديب ابن الأديب.في هذه الحجرة يجمع الدكتور نزار غانم عددا من الآلات الموسيقية المستخدمة منذ القدم.. يوضح رئيس قسم الموسيقى في المركز علي غازي أن المتحف يضم نحو عشر آلات موسيقية أبرزها آلة الطربي (القنبوس) وهو العود اليمني القديم, وقد استخدمه اليمنيون حتى ظهور العود الحديث في الأربعينيات,ويتكون الطربي من أربعة أوتار كافية لإعطاء أي لحن عربي ويمني ومن مميزاته أنه صناعة محلية.وتتكون آلة القنبوس أو الطربي من قاعدة خشبية مقسمة ومنحوتة من الخشب ومكسوة بجلد حيواني، وكذا أربعة أوتار وأربعة مفاتيح خشبية خاصة بالتحكم في شد الأوتار وإحكامها وفق التقاسيم المطلوبة.”إضافة إلى آلة القنبوس توجد آلة (الربابة) وهي حسب علي غازي آلة موسيقية استخدمتها العرب في الجزيرة العربية منذ القدم وتأصل عشقها لدى بادية العرب و الشام وعزف بها اليمنيون في البادية في مناطق مأرب وقيل إنها ذهبت مع العرب أثناء فتوحات الأندلس ومن ثم انتقلت إلى أوروبا فتطورت وصنعوا منها الكمان الأول, والكمان الثاني وحتى أصبحت منظومة من آلات موسيقية.أما الآلة الثالثة فهي (السمسمية) التي استخدمت في حوض البحر الأحمر واستخدمها البحارة اليمنيون في الحديدة وعزفوا عليها الكثير من الأغاني الخاصة بالبحر و الصيد وكثير من الألوان الغنائية التي ما زالت تستخدم السمسمية. وتتكون السمسمية حسب علي غازي من ستة أوتار وتجويف خشبي يغطي بجلد الحيواني تثبت بطرف قاعدة خشبية تأخذ شكل المثلث وهناك سمسميات بأربعة أوتار.إلى جانب تلك الآلات هناك آلة (الطار) التي يقول علي غازي أنها استخدمت في الكثير من البلدان العربية واستخدمت في اليمن بشكل كبير خاصة في تقديم مديح النبي صلى الله عليه وسلم “ وفي قديم الزمان كان المداح جوالاً يقوم بنقل الأخبار السياسية والثقافية والدينية وغالباً ما يكون متجولاً وحافظاً مستخدماً الطرب .”إلى ذلك توجد آلة (المراويس) التي تستخدم في حضرموت ضمن مجموعة إيقاعات منها الغليظ ومنها الدقيق (والذي يعني الصوت الحاد) مكونة من قطعة خشبية مغلفة بالجلد ولها موازين تتيح للعازف التحكم في نغماتها دون أحداث أي أصواتناشزة.كما استخدمت بجانب المراويس (المراقيص الخشبية) كبديل عن تصفيقات اليد وتقوم بتقوية صوت التصفيق وقد استخدمها الحضارم في الدان الحضرمي وانتقلت إلى الخليج، بالإضافة إلى تلك الآلات يوجد في المتحف آلة ( الدربك) وهي تؤدي دور المراقيص لكن بصوت أغلظ وقد استخدمت في حضرموت حيث يشكل الدربك مع المراويس أكثر من نغمة إيقاعية.كما تتوافر في المتحف آلة (الهاجر) والتي استخدمت في الكثير من المناطق اليمنية وفي صنعاء بشكل كبير حيث يستخدم برفقة المزمار.هنا يتحدث الدكتور نزار غانم مدير المركز قائلا: تقسم الآلات الموسيقية في المتحف إلى أربعة أنواع : الآلات الوترية والآلات النفخية والآلات الإيقاعية مثل الدفوف وغيرها والآلات الخشبية، فاليمن لها نصيبها من كل هذه الآلات وقد وجدت في النقوش السبئية القديمة و شواهد القبور وكثير من النقوش الأثرية في مأرب تضمنت وجود صور لآلات السمسمية وصور لصوتيات، وهي ما تؤكد استخدام الآلات الموسيقية في اليمن القديم.أما بالنسبة للطربي فهو من عائلة العود و لكنه يتميز بانه مكون من أربعة أوتار وبوقة مغشاة بالجلد وليس بالخشب وفيه أيضاً مراية لكي يرى الإنسان القادم إليه من العسس وغيرهم.الطربي (القنبوس) مركب من جزئين ليسهل على العازف قديما إخفاؤه من الذين كانوا يحرمون الغناء والموسيقى حينها وعرف في جنوب اليمن سابقا بالقنبوس وعرف في شمال اليمن بالطربي.وأشار غانم إلى “إن الباحث الفرنسي المقيم في اليمن / جان لامبير / أكد أن آلة القنبوس تعد أقدم آلة موسيقية موجودة في الجزيرة العربية من هذا النمط “.. وكذا السمسمية آلة موسيقية وجدت صورتها في النقوش اليمنية القديمة وهي معروفة بـ “الطنبور” وهي آلة محدودة قد تكون فلكلورية خاصة تؤدي وظيفتها بجانب أغاني البحارة.وتأتي أهمية توثيق هذه الآلات لدى المركز الصحي الثقافي من حيث عدم وجود قسم خاص بهذه الآلات من الموروث الشعبي لدى أي جهة أخرى، ما يعزز الخوف من أن تطغى الآلات الجديدة على تلك الآلات القديمة، وهذا الإلغاء ليس في صالح التراث الثقافي حسب الدكتور نزار غانم الذي يقول “انطلاقاً من هذا قمت بمحاولة جمع وحفظ بعض هذه الآلات كجزء من اهتمامات المركز الذي يعتني بالتراث والثقافة.