في واحد من المواقف الرائعة والنادرة وقف رجل شهم ونبيل حين دخل عليه أحد المعلمين إلى مكتبه .. وهذا الرجل الوفي الطيب يعمل مديراً لإحدى الشركات الحكومية في عدن.. ووقف تلقائياً مردداً القول المأثور (قم للمعلّم وفّه التبيجلاً ) وطلب من جلسائه في المكتب الوقوف أيضاً .. ثم حياً المعلم وطلب منه الجلوس قبلة وهو يقول (كاد المعلم أن يكون رسولاً) :(أجلس يامن تصنع الأجيال).إن هذا الاستقبال الرائع أسعد المعلم ، وأشوه بمكانته الرفيعة ، ولكن عندما يزور المعلم أحد مكاتب التربية لايجد من يقف له أو حتى يحييه بطيبة خاطر!! لقد شهد العديد من الزعماء والأدباء والشعراء بالمكانة الرفيعة للمعلم وبرسالته التربوية السامية عبر المراحل التاريخية للبشرية .. ففي القديم كان المعلم الحكم الحكيم والموجة الرشيد. إذن .. متى يقف رؤساء مكتب تربية وإدارات تربية عدن للمعلم قبل غيرهم فهم مدينون له كمرب للأجيال .. وإن حاولوا سداد هذا الدين فلن يقدوا؟!لأن هذا الدين من النوع الخاص والمحفور في السلوك والعقول وأبجديات الحياة.. وللمعلم أيضاً دين في قلوبنا وعقولنا وضمائرنا في تربية أطفالنا.أقول واكرر قولي متى يقف رؤساء تربية عدن للمعلم قبل غيرهم وبعد فقد المعلم الأمل بأي اهتمام أو تقدير عندما يتنقل من مكتب تربية إلى آخر يبحث حلولاً لمعاناته وهمومه ومشاكله ؟!! ومتى يحظى المعلم بالاحترام والتقدير من قبل رؤسائه عندما يغادر بيته التربوي في مرحلة التقاعد ولو بكلمة الشكر والتقدير؟!ومتى يتوقف رؤساؤه عن رمي كرات الأخطاء والمشكلات إلى ملعبه مع أنه يؤدي دورة على أكمل وجه بالرغم من الصعوبات والعراقيل التي – هي – وليس هو المسؤول عنها؟! ثم متى يتوقف رؤساؤه عن إقلاق حياته المحترمة كالشموع لتضيء طريق الآخرين ولايجد هذا المعلم من يمن عليه حتى بفتيل شمعة يضيء بها حياته ويواصل تتوير البقية في خريف عمره؟! من المؤسف جداً أن ليس للمعلم ما يميزه عن الآخرين سوى نكران دوره الحقيقي وراء الطباشير الذي يعمله معه في حياته العملية وتقاعده وموته وكأنما قدر له أن لا يرى من الحياة غير سوادها رغم أنه يصنع جواهرها الناصعة ، التي يتفاخر الجميع ببهائها ورونقها الآخاذ!! ثم .. ثم .. متى يدرك الرؤساء في تربية عدن إن الوقوف للمعلم واجب تربوي والاعتراف بجمائله وفضائله وفاء عظيم .. والجميع متفق على أن المعلم يستحق كل الحب والاحترام والشكر والتقدير؟.ولكن .. للأسف .. لن يحظى المعلم بهذه الامتيازات المستحقة الا عندما يقتنع الرؤساء في تربية عدن أدبياً وأخلاقياً إن مهنة المعلم ليست وظيفة وإنما هي رسالة إنسانية سامية.
|
اتجاهات
المعلم ورؤساؤه
أخبار متعلقة