في عصر كهذا، والعالم يتسابق على توظيف المبتكرات الحديثة لرفاهية الإنسان وتسهيل نظام حياته، تتحول في بلادنا معظم تلك المبتكرات والتقنيات إلى أدوات تعقيد لا يوجد لها مثيل في أي بقعة أخرى من بلاد العالم مما يثير الاستغراب والتساؤل عن مبرر وجودها.فمثلاً يتحول جهاز الكمبيوتر في بعض الجهات إلى مبرر لتهرب الموظف من أداء واجباته وتأخير معاملات الناس بحجة (الجهاز معلق/ أو معطل/ أو المختص غائب أو مشغول) وفقا للمثل القائل: ( إن السفينة لا تمشي على اليبس، والجهاز يشتي حقه).هذا كمثال فقط ، ولن يعدم المرء حيلة من ملاحظة بعض تلك التناقضات التي لا تخفى على احد في حياتنا، ليبقى التساؤل الذي طالما تكرر على شفاه الناس ماثلاَ أمام أعيننا كحقيقة لا مناص من نكرانها أو الفرار منها، ومثار تندر يلاحقنا في كل مكان وهو: لماذا حياتنا ومعاملاتنا اليومية تبدو صعبة ومعقدة للغاية؟ لماذا نأخذ الصاع صاعين ونعمل بدل الشوط أربعة أشواط؟ لماذا تأسرنا البيروقراطية بحبها في زمن لا يعترف إلا بالإيقاع السريع للحياة؟ ولا عزاء فيه للمتأخرين، لماذا نغفو سنين كأهل الكهف ثم نفاجئ العالم بقفزنا الفجائي على سلالم التطور؟ في حين تتراجع ثقافة التمدن والتحضر يوميا لصالح ثقافة (الترييف) بحسب علماء الاجتماع. لماذا نركن إلى أمجاد الماضي ونعجز عن تطوير بلادنا وإعمارها اليوم مثل كل بلاد الناس، والمعلوم للجميع أن بسواعد اليمنيين شيدت الكثير من المنجزات العظيمة في الخليج العربي وشرق آسيا وغيرها. مظاهر محزنة كلما تكررت ذكرتنا بأن حياتنا لا تنتمي لهذا العصر، وإنما لحقبة متأخرة من الزمن، نشارع سنوات لسفلتة شوارعنا وبعد التنفيذ نملؤها حفراً ومطبات، ونستخدم أكثر من (600) صنف من السموم الكيماوية في الزراعة ثم نستورد غسولاً مطهراً ومعقماً للفواكه والخضروات وأوراق القات من تلك السموم، نهمل ضبط بيانات السجل المدني ثم نشكو بعدها من اختلال السجل الانتخابي والازدواج الوظيفي وتضارب بيانات التعداد السكاني، وأغرب ما لاحظته عيناي تركيب مصعد كهربائي لأحد المشافي ثم وضع سياج حديدي متحرك لإغلاقه عند نهاية الدوام - على ما يبدو- أوعند تزويغ المختص، وأخيراً إتلاف ممر السياج الحديدي وتقييد حركته بطبقة إسمنتية عند مدخل المصعد، ولم استوعب حتى الآن سر تركيب السياج الحديدي أولاً ثم إتلافه ثانياً والإبقاء عليه مشوهاً لعتبتي المصعد في الأخير.وبسبب هذه الفوضى العجيبة التي تعم حياتنا لا تستغربوا أن يكون ثمن الحياة في المستقبل القريب باهضاً و(مدبلاً) من كل النواحي.
مجرد تساؤل
أخبار متعلقة