بروكسل / وكالات :عقد المجلس الخليجي- الأوروبي دورته الثامنة عشرة في 26 مايو 2008 بمدينة بروكسل (بلجيكا) وأصدر الطرفان، على غرار الاجتماعات السابقة، بياناً مشتركاً سلط الضوء على الكثير من الموضوعات المتصلة بعملية السلام في الشرق الأوسط والملف الإيراني، والمشهد العراقي، واليمني وقضايا الإرهاب...وانتشار الأسلحة وحقوق الإنسان والحوار بين الثقافات . وأكد البيان وجود مساحة كبيرة من الاتفاق بين الطرفين حول هذه القضايا . وفيما يتعلق بتعزيز الأمن والاستقرار على صعيد منطقة الشرق الأوسط، جاءت مصالح الطرفين متماثلة إلى حد كبير وظهر تطابق في وجهات النظر حول البنود والأحكام التي يجب أن تتضمنها السياسات والخطط الرامية إلى تحقيق هذا الهدف .وركز البيان على مفاوضات التجارة الحرة التي بدأت عام 1990 ولكنها لم تأخذ مساراً جدياً سوى عام ،2002 وجاءت نتائج اجتماعات المجلس الوزاري في السنوات السابقة دون التوقعات . أما الاجتماع الأخير، فقد تناول بالبحث والتدقيق سبل توطيد التعاون بين الطرفين وذلك من خلال رؤية واقعية . واتفق الطرفان في البيان المشترك على موعد محدد من شهر يوليو/تموز 2008 للانتهاء من صياغة النص المشترك لاتفاقية التجارة الحرة، الأمر الذي يعتبر مؤشراً جيداً ويبرهن على اقتراب الطرفين من حل هذه القضية المعقدة . وتكتسب مفاوضات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي أهمية خاصة نظراً لأنها تسهم في تعزيز العلاقات الأوروبية- الخليجية وتساعد على تقوية التضامن بين دول المجلس وتمثل في الوقت ذاته أولى مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة التي تجري على مستوى المناطق وليس الدول . وسيكون إبرام اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين بمثابة إشارة واضحة تدلل على تأييد الاتحاد الأوروبي للجهود التي تبذلها دول المجلس على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.كما أشار البيان إلى أهمية “تطبيق اتفاقية التعاون التي أبرمها الطرفان عام 1988 في كافة جوانبها” . وبالرغم من تكرار هذه العبارة في الاجتماعات السابقة، إلا أنها وردت هذه المرة في سياق الإشارة إلى خطوات وإجراءات قابلة للتنفيذ مثل مشروع الدبلوماسية العامة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الذي أطلقته مفوضية الاتحاد الأوروبي ومحادثات التعاون في مجال الطاقة وقضايا البيئة والأنشطة البحثية والتنموية وإقامة يوم تثقيفي في بروكسل، وعقد الجولة الثانية من الحوارالاقتصادي المشترك بين الطرفين . ولا ريب أن هذه الفعاليات والمقترحات قد تلعب دوراً حيوياً في الارتقاء بالعلاقات الأوروبية- الخليجية . ويحدونا الأمل في أن تسهم الإرادة السياسية للطرفين في تحويل هذه المقترحات إلى حقيقة ملموسة على أرض الواقع .وفي ضوء الأهمية الاستراتيجية التي تحظى بها دول المجلس، سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل، ومستجدات الأوضاع في المنطقة إلى جانب الفوائد التي تعود على الاتحاد الأوروبي جراء تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد آن الأوان للارتقاء بمستوى العلاقات الأوروبية الخليجية كي تتجاوز ما ورد في البيان المشترك . ولا شك أن عقد اجتماع وزاري بين الطرفين بصورة سنوية أمر لا بأس فيه، ولكنه لا يكفي لتقوية شراكة تعاني حالياً من الركود بالرغم من فوائدها الهائلة لكلا الجانبين، ومن هنا يجب تعزيز التعاون بين الطرفين في عشرة مجالات تتمثل فيما يلي:1 - الارتقاء بمستوى العلاقات بين الجانبين.2 - الانتهاء من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة.3 - إصدار بيان يوضح سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه مجلس التعاون.4 - عقد محادثات إستراتيجية وسياسية بين الطرفين بصورة منتظمة.5 - تنسيق سياسات الطرفين حول الوضع في أفغانستان وباكستان واليمن.6 - زيادة تمثيل الاتحاد الأوروبي لدى دول المجلس وتعزيز تمثيل مجلس التعاون لدى الاتحاد الأوروبي.7 - تعزيز الشراكة في مجال التعليم والتدريب.8 - تمويل الأنشطة البحثية وعمليات التنمية في مجال عزل وتخزين الكربون.9 - تهدئة حدة المخاوف الأوروبية من الصناديق السيادية.10 - توفير دعم مالي مشترك لأنشطة التوعية في حال توصل الطرفين إلى اتفاق يهدف إلى إقامة برامج مشتركة لتعزيز الأنشطة البحثية والتوعوية، يجب على كل طرف المشاركة في تمويل المشروع بنسبة 50% . وبالفعل أخذ الاتحاد الأوروبي زمام المبادرة في مشروع الدبلوماسية العامة بين الاتحاد الأوروبي ودول المجلس، وهنا يأتي دور مجلس التعاون في الارتقاء بهذا المشروع عبر دعمه مادياً بمبالغ مماثلة، وهذا سيكون أفضل من قيام مجلس التعاون بتنفيذ مشروعات فردية قد تتعارض مع هذا المشروع .ولا شك أن العلاقات الخليجية- الأوروبية بدأت تكتسب مزيداً من الزخم في الآونة الأخيرة وتمضي قدماً نحو مرحلة النضج، وهو الأمر الذي يتطلب دعماً مشتركاً وإرادة قوية من الجانبين لإبرام تعاون وثيق في مختلف المجالات المعنية . ويمكن أن تتحول العلاقات الخليجية- الأوروبية إلى نموذج يحتذى به إذا سارت في الطريق الصحيح .
تعزيز العلاقات الخليجية - الأوروبية
أخبار متعلقة