صباح الخير
تنفست الأرض الصعداء فكانت عدن.. أول مدينة للأرض وآخر دهشة ستغادر زمان الأمكنة وذاكرة الكون..تحيلك عدن إلى مجرد كاتب ابتدائي يتهجي أبجدية الذهول على سطور التأمل.. من أين جاءت هذه المدينة الزاخرة بأشياء الغيب ولمعات الأسرار المخبوءة في قوقعة الأبد..يالعدن تاسر وتدهش.. تمنحك غيبوبة لذيذة على الساحل، والبحر يمخر والأمواج تجيش.. من أين جاءت عدن.. هذه الطيبة الخلوقة وهذا الشجن الأزلي المفعم بالجمال الذي كان .. البهجة الأولى والشجن البكر الذي مضى عن كل المدن وظل هنا لا يبرح عدن حتى يأذن له الله ولا اظنة يأذن..يقال إن المدن أنثى، لكن عدن شيء لا يسمى، أخرى وتختلف .. حسناء وأسمى من خيال الشعر او مدى الكتابة وافق الكلمات.. ومن دهشاتها أبناؤها.. انسانها العدني الذي تحتفي روحه بل كلك.. تنصع ابتسامته الودودة ونظراته المشرقة في أعماقك حتى قبل عربون الصداقة وبطاقة التعارف..أرى عدناً فإنسى كل شيء.. حتى « أنا» المركون على زاوية في ساحل أبين الآن.. أخبرتهم جميعاً عبر الهاتف « أنا في عدن» ولهذه العبارة سطوتها على مسامع الأحبة والأصدقاء في غير عدن.. من لا يتمنى ان يكون هنا.. وعدن تمنح زائريها أغلى مالديها وكل الدهشات.منها ارتفع علم الوحدة اليمنية المباركة ومازال بها يرفرف يرفرف بأنسامها العاقبة واحياناً بتأوهاتها الصاعدة من أصابع الروتي وعجين الخبز.. امنحوها بهجة القمح على ثغر اليمن الباسم رغم العناء والمشاق..ومن دهشاتها السلوك الحضاري الذي يميز أبناء المدينة عما عداها من مدن ربما على صعيد العالم.. بإمكانك في عدن ان تكتسب عشرة أصدقاء أوفياء يومياً على الأقل.. هذا هو عمار زين.. يقيل بجانبنا أنا والزميل سيف الوشلي.. فرَّغ زين سيارته الخصوصي لنا قبل ان يحفظ أسماءنا الرباعية جيداً، شاب ناضج بالنبل والحيوية وفيه شهامة وفائض كرم، الحال لدية لا يعني شيئاً ولذلك فقد ضحى من جيبه لننجز مهامنا حين نفد الزاد وافتقدنا الراحلة .. ومن دهشات عدن هذه النسخة المصورة من مقال على لوحة جداريه داخل مؤسسة(14 أكتوبر) المقال ينتقد رئيس مجلس الإدارة ورئيس تحرير صحيفة (14 أكتوبر) بشىء من الحدة والقسوة أيضاً.. سألت الزميل عادل خدشي مندهشاً كيف تعلق مقالة ناقدة لرئيس المؤسسة الصحفية على جدرانها الداخلية فرد بدهشة مماثلة: بأمر رئيس مجلس الإدارة علقت!.. ديمقراطية رائعة وسلوك حضاري فائق هذا الذي يتجسد واقعاً في مؤسسة صحفية رائدة تعيش الآن ذروة القها الإعلامي والصحفي بمهنية عالية وأبداع رائع ومتجدد وتختزن حالياً كثيراً من الدهشات كالأستاذ احمد الحبيشي مثلاً..