تجارة قذرة رأسمالها تريليون دولار سنوياً
القاهرة/14أكتوبر/ وكالة الصحافة العربيةأكدت دراسة حديثة أن أكثر من %70 من حجم الأموال المغسولة يأتي من تجارة المخدرات، والباقي يأتي من أنشطة مجرمة دولياً مثل تجارة السلاح والرقيق الأبيض وتزييف العملات وأن الولايات المتحدة تأتي على رأس قائمة الدول التي تغسل فيها الأموال حيث يتم غسيل ما يقرب من 283 مليار دولار سنوياً، ثم تليها إيطاليا بما يوازي 50 ملياراً سنوياً وألمانيا واليابان وكندا وبعض دول البحر الكاريبي ودول أمريكا اللاتينية لارتباطها بتجارة المخدرات ثم الدول الآسيوية المنتجة للمخدرات ثم الاتحاد السوفيتي السابق خاصة مع انتشار منظمات الدعارة الدولية بالإضافة إلى اسرائيل التي تدعم الجريمة وتساعد على غسيل الأموال.وكشفت الدراسة التي أعدها د.حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي المصري عن أن الاقتصاد العالمي يتعرض لخسائر كبيرة بسبب النشاط الإجرامي وما ارتبطت به من عمليات غسيل الأموال وأن حجم الأموال المتداولة في عمليات غسيل الأموال يفوق الخيال، إذ يبلغ من 2 إلي %5 من الإنتاج المحلي الإجمالي العالمي، وأن التقديرات الحديثة الصادرة عن الأمم المتحدة تشيرإلى أن مجموع الدخول العالمية السنوية للمنظمات الإجرامية يصل إلي 1000 مليار دولار سنوياً.وأوضحت أن تقارير منظمة الشفافية العالمية قدرث حجم الأموال المغسولة سنوياً بحوالي %15 من الناتج الإجمالي العالمي، وأن الأموال المغسولة في الولايات المتحدة تقدر بحوالي %8,5 من إجمالي الناتج القومي في حين وصلت هذه النسبة في الهند إلي %16 وترتفع هذه النسبة لتصل إلي %50 من الناتج القومي الإجمالي في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق.[c1]تدهور القيمة الشرائية[/c]وعن مخاطر عمليات غسيل العمليات من الناحية الاقتصادية، خلص د.عبدالعظيم في دراسته إلي أنها تؤدي إلى تلويث المناخ الاستثماري من خلال سيطرة الشركات، التي يتم تأسيسها بأموال مغسولة على الاقتصاد الأمر الذي يضر بمصداقية الأسس الاقتصادية المتعارف عليها ومنها مبدأ المنافسة المتكافئة وتضخم الأسعار وتدهور القوة الشرائية للنقود نتيجة إقبال الجهات التي تقوم بعملية غسيل الأموال على شراء الأصول والأشياء ذات القيمة المالية مما يؤدي إلى رفع قيمتها عن المستوي المعتاد الذي يتناسب مع الزيادة الطبيعية في إنتاج السلع والخدمات، فضلاً عن اضطراب أسعار الصرف وزيادة الطلب على العملات الأجنبية نتيجة دخول الأموال المغسولة دفعة واحدة أو خروجها دفعة واحدة.وشددت الدراسة على أن غسيل الأموال جريمة تهدد النظام المالي والمصرفي بالكامل، كما أنها تلقي بتأثيراتها على الاقتصاديات الوطنية لاسيما أن محاربة الجريمة المنظمة يكلف ميزانيات ومصارف ضخمة، وأيضاً تحول الجهاز الإداري العام من جهاز يخدم المصلحة العامة إلي جهاز مشارك في الفساد والتدمير، بالإضافة إلى أن عمليات غسيل الأموال تؤدي إلى ارهاق الاقتصاد الوطني المشروع بسبب حرمان الدولة المحمول منها المال الذي يجري تبيضه إلى دولة أخرى الأمر الذي يؤدي إلى افلاس المشاريع الاقتصادية القومية الضخمة مما يترتب عليه إفلاس الدولة بكاملها واسسلامها للمديونية الخارجية، إضافة إلى عدم استقرار أسواق الأسهم والسندات مما يؤدي إلى زعزعة الثقة في القطاع المصري وانتشار الفساد.وعلى الصعيد الاجتماعي، أظهرت الدراسة أن ظاهرة غسيل الأموال تضر بمنظومة القيم الاجتماعية التي تحرص المجتمعات على الشريف والإنتماء للوطن وتكافؤ الفرص والكسب المشروع وتؤثر من الناحية السياسية على الاستقرار والأمن الداخلي وتؤدي إلى سيطرة من يملكون ولا يستحقون على مقاليد الأمور.. الأمر الذي يمكنهم من ذلك سطوتهم المالية لتكون النتيجة سيطرة رأس المال القذر والمتعاملين به علي كافة أجهزة ومؤسسات الدولة.[c1]ممارسات إجرامية[/c]د. يوسف إبراهيم أستاذ الاقتصاد يرى أن جميع الدول تتحوط وتأخذ حذرها من عمليات غسيل الأموال، نظراً لخطورتها الشديدة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وبالرغم من ذلك يحدث اختراق وتسرب لبعض الممارسات الإجرامية غير المشروعة والخوف يأتي عندما تزداد نسبة هذه الممارسات إلي الحد الذي يضرب أوضاع الدول.وقال: علينا أن ننتبه لنوع آخر من عمليات غسيل الأموال ونتائجه الخطيرة وهو خاص بغسيل الأموال الداخلي فهناك نشاط اقتصادي ملحوظ يلفت الانتباه يحدث عندما نجد استثمارات ضخمة يقوم بها البعض ورغم ذلك لا يكون هناك مكسب حقيقي يقابل هذه الأموال، وهذا معناه أن هذه الاستثمارات تعتمد على نشاط آخر خفي يمول هذا النشاط، ولا نعلم عنه شيئاً والحقيقة أن دول العالم الثالث مكان مناسب لعمليات غسيل الأموال، والسبب ضعف الرقابة وتفشي الفساد الإداري والمالي، ولكن الدول المتقدمة تتفوق في حجم الأموال، التي يتم التعامل فيها حيث تصل إلى المليارات ومصر أقل الدول في غسيل الأموال، والدولة تبذل جهداً في محاربة أنصار هذا الموضوع.وأضاف: الأمر المهم في هذا الموضوع أن الأموال التي تدخل الدولة نتيجة عمليات غسيل الأموال تستخدم في البذخ والترف والأمور المظهرية ولا تستخدم في الاستثمار الانتاجي وهذا يؤدي إلى التضخم وهناك دول في العالم يعتمد أكثر من %70 من اقتصادها على الأموال غير المشروعة وليس لها مصدر معروف وانتشار هذه العمليات يتوقف بالدرجة الأولي على وجود اجراءات رقابية قانونية وتشريعية وشرعية واقتصادية واجتماعية ودرجة تنفيذها وتفعيلها.[c1]كسب غير مشروع[/c]وعن حكم الشرع في عمليات غسيل الأموال، يقول المستشار توفيق وهبة مدير المركز العربي للدراسات والبحوث : الكسب غير المشروع مرفوض في ميزان الشريعة الإسلامية، يقول الله تعالى: «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتالوا بها إلي الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون» ـ البقرة 188 ـ فلا يجوز الحصول والكسب بالطرق الغير مباحة كالرشوة والسرقة. والمولى يقول: «يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم» ـ النساء 29 ـ فلا يقبل أن يتم تداول الأموال المتحصلة من المخدرات أو بطريق غير مشروع أو بالتحايل على أموال الناس بالظلم والنصب. وعمليات غسيل الأموال ليست تجارة لأنها متحصلة من أموال غير مشروعة وهدف القائمين عليها تبرير وجود الأموال وإضفاء المشروعية بالانتحار زورا صفة التجارة والمعاملات القانونية.أضاف: هدف الاقتصاد المشروع هو تنمية المال لسد احتياجات الناس وبناء مجتمعات قوية وهذا هدف تحض عليه الشريعة الإسلامية ومعلوم أن عمليات غسيل الأموال تأتي بمضار كثيرة خطيرة تضر بالاقتصاد وتهدد استقرار المجتمعات وتفتح أبواب الكسب الحرام والباطل وتضرب بكل القيم الأخلاقية السامية، والرسول الكريم صلي الله عليه وسله حذرنا من هذا عندما قال: >يأتي علي الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال بحلال أم حرام< فهذه الأموال تعاون على الأثم والعدوان وتحرض على المعصية وانتشار الجريمة وتفتح أبواب الفساد وتعلم الناس التحايل والتكاسل علي العمل الجاد وأكل المال الحرام ولا يمكن بحال الاعتراف بهذه الأموال أو بشرعيتها بل هي منكرة وجريمة شرعية ولا يجوز التعامل بهذه الأموال طالما أن العلم بمصدرها واضح والقاعدة الشرعية تقول: «ما يبني على باطل فهو باطل» ومن غير المقبول شرعاً تبرير الاستفادة بهذا المال على أي نحو حتي ولو كان يفيد الاقتصاد ويحقق فوائد اقتصادية واستثمارية لأنه على المدى الطويل سوف يقود إلى مهالك ومخاطر تضر الأمة.
غسيل الاموال