إن الثورات والحركات التحررية لاتصح مصادفة ولا تأتي لتكريس الواقع المتخلف والأوضاع المزرية التي يعيشها المجتمع، بل هناك ظروف موضوعية واخرى ذاتية تعتمل في المجتمع فتنشأ على اثرها جماعة أو تنظيمات تقود هذه الثورة لكسر حدة الطغيان، وتسعى للتغيير نحو الأفضل وفتح آفاق رحبة للمجتمع يطلّ من خلالها على العالم لاكتساب العلوم والمعارف وتطبيقها لتحقيق المكتسبات والمنجزات التي تؤكد الأهداف والمبادئ التي قامت من أجلها الثورة.فثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م زلزلت عرش النظام الإمامي الكهنوتي في الشطر الشمالي من اليمن، وأرست هذه الثورة مداميك ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م في الشطر الجنوبي من اليمن الذي كان يرزح تحت نير النظام الاستعماري البريطاني، فهبت رياح الثورة من الريف إلى المدينة، وساندتها الجماهير الغفيرة، بمختلف شرائحها مكونة خلايا الكفاح المسلح والجماعات الفدائية، بالتآزر مع النشاط السياسي لقادة الثورة، وتأجيج المسيرات والانتفاضات والمظاهرات الشعبية والعالمية، والتي توجت بالاستقلال الناجز في الثلاثين من نوفمبر 1967م.لقد كان للشباب، ذكوراً وإناثاً، دور طيب في مسار الثورة اليمنية، فشهدت الأندية الرياضية والمعاهد التربوية والمدارس والمنظمات المدنية والثكنات العسكرية مداً ثورياً وتململاً وانقلابات ضد النظام الامامي في الشطر الشمالي من الوطن، وانتفاضات وتحديات ضد السياسة الاستعمارية في الشطر الجنوبي من الوطن.ففي عام 1959م عندما فتحت منظمة الصحة العالمية معهد تمريض في صنعاء لتدريب الفتيات أسس وأبجديات التمريض. كانت الممرضات اليمنيات يتعاطين السياسة إلى جانب التمريض، ففي عام 1960م طالبن الإمام بفتح مدرسة لتعليم الفتيات وإنشاء جمعية نسائية لخروج المرأة اليمنية من عزلتها فجنّ جنون الإمام أحمد فشعر ببداية التمرد مما دعاه إلى إغلاق المعهد في وجه الممرضات اليمنيات وترحيل الأجنبيات.واستمرت الحركة النسائية تطالب بحقها في التعليم والعمل ومهدن لطلاب المدارس في صنعاء وتعز للخروج بمظاهرة صاخبة ضد سياسة الإمام أحمد التعسفية وطالبوا بتحديث نظام التعليم.وفي مدينة عدن كانت أول مدرسة للبنات بنتها السلطات الاستعمارية في عام 1942م وكان الانتساب إليها مقصوراً على الطالبات المولودات في عدن.فأنشأ الأهالي مدرسة أهلية لكافة اليمنيات، وكانت بمثابة تحدي للسياسة الاستعمارية و الرامية إلى إيجاد فرقة بين بنات الوطن الواحد.وبعد الحرب العالمية الثانية، ومع تعزيز نشاط الحركات التحررية في العالم انشئت في عدن أول جمعية نسائية عام 1945م هدفت لنشر الوعي والتوعية بمساوئ الاحتلال الاستعماري والدعوة إلى التحرر ومناهضة الاستعمار. وفي عام 1956م نشطت فتيات عدن من الجمعية النسائية معلنات فجر الحرية والثورة على التخلف، وساهمن في إذكاء حماس شرائح المجتمع للثورة على الاستعمار وبعد ثورة الرابع عشر من أكتوبر كنّ من اوائل من وزّع المنشورات، ونقل المتفجرات والموأن الغذائية للفدائيين.كما لعبت الأندية الرياضية دوراً رائداً ومنقطع النظير في الثورة اليمنية، وقد كان عدد الشباب المنخرطين في الألعاب الرياضية في ازدياد، وكان إلى جانب لعبة كرة القدم اللعبة الشعبية المحبوبة، العاب القوى والهوكي، والتنس الأرضي وتنس الطاولة، وقد استقطبت هذه الألعاب آلاف الشباب، وكانت اهتماماتهم بالأخبار الرياضية المحلية والعالمية تستدعي الاهتمام بالاخبار السياسية، بل أنه في الخامس من نوفمبر 1962م انتزع الشباب اليمني في عدن قيادة الجمعيات الرياضية بإبعاد العناصر الأجنبية وتحمل اليمنيون كافة المناصب الدنيا والعليا في الأندية والجمعيات الرياضية.وفي الستينيات من القرن الفارط كانت الجمعية الرياضية العدنية تستجلب الفرق الرياضية العربية للعب في ملاعب مدينة عدن، وكان هذا التلاقح يبلور الاهتمامات السياسية للشباب إلى جانب الاهتمامات الرياضية، لاسيما إن فترة الستينات تزامنت مع قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ومع ظهور الحركات السياسية والنقابية المناهضة للاستعمار البريطاني، فأوشكت الرياضة أن تكوّن مع السياسة وجهين لعملةٍ واحدة.إذ في عام 1965م بلغ عدد الأندية في مدينة عدن 62 فريقاً، وفي عام 1966م انضمت عدن إلى عائلة الاتحاد الدولي "الفيفا" ومن منّا يستطيع أن ينسى الشهيد محمد علي الحبيشي اللاعب الرياضي البارز والتي خلدت ثورة الجنوب ملعب الحبيشي باسمه؟!لقد كان الشباب والفتيات وقود الثورة وقد رصوّا صفوفهم دفاعاً في دعم الثورة ودعم الجمهورية ومنجزاتها..وهاهي اليوم القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح تبني الإنسان اليمني منذ نعومة اظافره صحياً وعلمياً وبدنياً وذهنياً ورياضياً .. وتهتم بالمنشآت التعليمية والصحية والمرافق الرياضية في عموم محافظات الجمهورية .. فهناك ما يقارب "25" صالة مغلقة في مختلف مدن الجمهورية لألعاب كرة الطائرة، وكرة السلة وتنس الطاولة والعديد من الألعاب المختلفة من كاراتيه وتايكواندو ولعبة الشطرنج، ويوجد ايضاً استادان رياضيان وبيوت الشباب، كل هذا وغيره لدعم الشباب مادياً ومعنوياً حتى يتمكنوا من رفع علم الوطن في المحافل الدولية.
دور المدارس والأندية الرياضية قبل الثورة وفي عهدها
أخبار متعلقة