مع الأحداث
تجربة تزويج أول ولد أو بنت ليست عادية.. سأتوكل على الله وأقول كلاما قد يوديني في داهية: قطعا، وبدون شك، وبالتأكيد، فقد كنت سعيدا بزواج ولدي، أكثر من سعادتي بزواجي بأمه التي هي زوجتي الأولى (حتى الآن)، ولأن هناك قارئات نمامات ويعشقن الوشاية، وكثيرا ما نقلت صديقات زوجتي السودانيات اللواتي يقرأن مقالاتي فحوى بعض تطاولاتي عليها (أخبئ أي صحيفة أذكرها فيها بما قد يغضبها)، فلا بد من التوضيح بأنني لم أقصد أنني كنت متكدرا لزواجي بها.. لكنني بالتأكيد كنت متوترا طوال مراسيم.. كنت أعرف أنه وبانتهاء طقوس الزواج سأكون على الحديدة، أي أن جيبي سيكون خاليا حتى من مبلغ يكفي لشراء ثلاث وجبات.. تلك لم تكن مشكلة تسبب هما وأرقا في تلك الأيام، فقد كانت متطلبات الحياة بسيطة وكنت إذا اتصلت بقريب أو صديق وقلت له: هات معك كيلو لحمة.. يأتيك بخروف كامل حي.. ولكن الهم الأكبر كان احساسي بأنني لست أهلا لمسؤولية بيت مستقل، لم أكن اتصور أنني سأصبح سيد البيت وأعود من عملي متأبطا بضع صحف ومعها بطيخة، وفي يدي الأخرى كيس خبز وآخر للسَلَطة.. وكنت أعرف ان البنات حلوات وممتلئات حيوية وصحة خلال فترة الخطوبة.. وبعد الزواج يبقين في غرف العيادات فترات أطول من فترات بقائهن في غرف الزوجية (وكنت على حق، فمنذ ان تزوجت وأنا طالع ونازل مع زوجتي لعرضها على الأطباء لإصلاح بلاوي كانت عندها منذ ما قبل الزواج.. باستثناء التهاب المرارة الذي قاد الى استئصالها وربما كنت أنا من فقع مرارتها تلك).. كنت أتلقى التهاني ممن حولي الذين ملأوا كروشهم بأطايب الطعام (على حسابي) وأقول في سري: أضاعوني وأي فتى أضاعوا.. ما دائم إلا الله يا أبو الجعافر.. هذا جنيته على نفسك وما جناه عليك أحد.. فعلا كنت من جنى على نفسه، فقد اخترت زوجة من خارج محيط العائلة.. وفي السودان تشكل عائلة الخطيب أو العريس المرتقب وفدا لمخاطبة أهل البنت في أمر الزواج، لكنني وقبل ان يعرف أي فرد من عائلتي بنواياي، زرت والد عروس المستقبل وخاطبته في أمر زواجي منها فقال ما معناه: خير.. ولكن حسب العادة أعطنا فرصة لنسأل عنك ثم بعدها تأتي بأهلك لخطبتها رسميا.. قلت له ـ والله على ما أقول شهيد ـ بنتك ما حتلقى عريس أحسن مني.. ولو سألت عني كثيرا فقد يخطفني بعض من تسألهم عريسا لبناتهم عندما يعرفون أنني اعتزم الزواج.. ضحك الرجل ـ وما زال يضحك كلما تذكر ذلك الموقف ـ وقال: يا زول تعجبني ثقتك بنفسك، وأنا شخصيا موافق بس أديني فرصة أشاور بقية أفراد العائلة، فقلت له إن “بقية أفراد عائلته” يعلمون سلفا بمخططي الزواجي، وأنه كان آخر من يعلم فضحك مرة أخرى وشرعنا في بحث التفاصيل ولحسن حظي كان رجلا مستنيرا وقال لي: دعك من تفاصيل وطقوس الزواج السخيفة.. أكتب الكتاب واتكل على الله.. الغريب هو أن أهلي هم من أصر على الطقوس الطويلة المرهقة*عن/صحيفة «عكاظ » السعودية