تقول مراجع المؤرخين إن زياد بن ابيه ـ وكان عامل معاوية على العراق ـ هو أول من بنى المآذن ، وكانت تسمى المنائر بدء الأمر !حيث بني الجامع البصرة عام 47 هـ من الحجر !وقبل أيام أدلى 5و57 % من الشعب السويسري بأصواتهم لصالح حظر بناء منائر أو مآذن جديدة في سويسرا وذلك في استفتاء شعبي جسد طريقة الغرب وتعاطيه مع أي خلاف جذري أو جوهري في أمر ما من الأمور! .. ردة فعل العالم العربي والإسلامي صبت جام غضبها على هذا التصويت وشتمت الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان "!" التي تدعيها الحكومة السويسرية خاصة، والغرب عامة (!) مع أن مسألة حظر المآذن (رغم انها تمت باستفتاء عام) قد تكون هي الوحيدة أو ضمن اختلالات قليلة في مسائل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والتي تشهد جملة وتفصيلا انتهاكاً شاملاً كاملاً مكملاً في البلاد العربية والإسلامية بحكم شمولية الحكم والسلطات المسنودة من رجال الدين المشرعين لوجوب طاعة الحاكم ولو ( خربط وعربد ) (!) ولو لعب بمال الأمة وأكل بأموال الزكاة المجبية لحوم الكلاب كما يقول بذلك ابن تيمية وابن القيم والجوزجاني والبربهاري وكافة الأئمة وعلماء من يسمون أنفسهم بأهل السنة والجماعة !!وهدم المآذن ورفضها ليس بدعاً من السويسريين فقد دعا إلى هدمها الوهابيون منذ انطلاق دعوتهم في مطلع القرن الحادي عشر الهجري باعتبارها بدعة ما أنزل الله بها من سلطان! ولم يشرع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بناءها، ولا عملها الخلفاء الراشدون! ومثلها قباب الأولياء وأضرحتهم ، فهدموا منها معالم تاريخية كبرى قدروا عليها ، وأخرى لم يقدروا عليها ، وآثاراً نفيسة كثيرة ذكرتها مصادر التاريخ المعاصر ، بل منعوا بناء المحاريب في المساجد الجديدة بحجة بدعيتها وأزالوا بعضها من المساجد بل ويمنعون ارتفاع المنابر ويهدمونها ويعيدون بناءها على الطريقة التي نصت عليها الرواية وهي ثلاث درج فقط ؟!وهذا منتشر وموجود على قدم وساق في محافظة عدن والتي يريدون تحويلها إلى ( عدنستان ) ( ! ) وغيرها من مدن اليمن !!وعلى أثر هذا الحدث السويسري رأينا استنكار عدد غير قليل من رجال الدين المسلمين كشيوخ الأزهر والاخوان وجمعيات دينية إسلامية متأثرة لقرار سويسرا ، بينما لم تتحرك شفة لشيوخ الوهابية في عقر دارها ومختلف ديارها للاستنكار أو التنديد ،والسبب ان الوهابية أو السلفية ترى في هذه المآذن بدعة ضلالة .. وفي هدمها إقامة للسنة وإحياء لها "!" .. وكأن الله تعالى على عرفهم قد أقام السنة على أيدي رجال لايدينون الإسلام في سويسرا !!إن هذه الرؤى السلفية ومناهجها الممجوجة كانت سبباً في التدهور القيمي والاخلاقي والعلمي في العالم الاسلامي وكانت ارضية خصبة لإنبات الإرهاب بكل صنوفه وسبق ان كتبت وقلت أن الارهابيين كلهم وهابيون سلفيون وليس كل السلفيين ارهابيين وان الارهاب بتعريفه الدولي والعالمي لم يصدر حتى الآن من غير هذا المنبع الذي يرى وجوب قتال الناس اجمعين حتى يدينوا بالاسلام (!) مالم فإن دماءهم وأموالهم وازواجهم وغلمانهم في حل من المسلمين (!) .. كما تبث رؤاهم افكاراً مسمومة تقضي ببث الكراهية وتحرض المسلمين على مخالفيهم بالقتل والضرب والسلب والسبي (!) .. وقبل أيام كنت أسمع للشيخ/ محمد صالح المنجد وهو أحد كبار دعاتهم محاضرة في قناة (الساحة الوهابية) وهو يقول ساخراً : هناك دعوات مشبوهة تدعي أن الناس كلهم ( أخوة ) مسيحيين ويهود ومسلمين ووثنية وان دعاة حوار الاديان إنما يريدون القضاء على أصل الولاء والبراء في الإسلام (!).لاننا اذا قبلنا هؤلاء الكافرين وسميناهم اخواننا لم يعد هناك ولاء ولابراء!! هذه هي عقيدتهم وهذا هو مشروعهم الظلامي المميت الذي يبشرون به مريديهم بالغواية والاسفاف وهم انما يصنعون الموت ، ويراكمون الدمار ، ويقتلون المستقبل ، ثم يزعمون أن الانتحاريين وأتباعهم إلى الجنة ونعم المصير (!!!).ان المشروع الإسلامي هو أكبر من قضية مآذن أو هدمها !! إنه مشروع تربوي صاف يصقل الفطرة وينخلها حتى تفوز بالهداية والحق والعدل والعلم والايمان وهي قيم اصيلة في الاسلام لايمكن طمسها بكل سهولة لصفراء المشاريع المشبوهة ولايمكن دفنها بين اللحى الكثيفة أو تحت العمائم المكبوسة أو خلف صرخات الجهاد من أجل القضاء على البشر والأرض والحياة (!) وهو يحسبون انهم يحسنون صنعاً!!وصوت الاسلام انما ينبغي ان يسمعه غير ابنائه من خلال القيم النظيفة والمثل العفيفة والنفوس العزيزة والتطلع إلى المستقبل بكل ثقة بالله وبالاسلام وبكل قيم العدل والمساواة والحب والخير للجميع والعمارة للأرض !! ليست سويسرا ولا غيرها هي فقط من تجرأت على المسلمين وإنما سبقها في ذلك للأسف مسلمون من جلدتنا ، يتكلمون بألسنتنا ! .. سواء من خلال أعمال غير مشروعة كتلك التي يقوم بها أولياء الإرهاب ( ! ) .. أو من خلال فتاوى تدميرية ضد بعضهم البعض كتلك الفتاوى الصادرة بتفسيق وتكفير وتبديع بعضهم البعض ( سنة وشيعة ) من أئمة دعاة الوهابيين وغلاة الشيعة ! وصدق الله القائل : (( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين )) ! .. وقد يصح فيهم قول القائل : على نفسها جنت براقش !!!
المآذن .. بين السلفية وسويسرا .. ؟!
أخبار متعلقة