(الديجا فو) أحداث شوهدت من قبل !
إعداد / هبة الصوفي : يحدث أحيانا أن يشعر المرء بأنه قد مر بالموقف نفسه أو عاش اللحظات نفسها في بعض المواقف والتجارب ، وهذا الإحساس يحدث فعلا عند الكثيرين فما سبب هذا الإحساس ؟سؤال فسره العلم بأنه يعود إلى ظاهرة ( déjà vu ) بالعربية ديجافو وهي كلمة فرنسية تعني شوهد من قبل، أطلق عليها هذا الاسم العالم إميل بويرك وهي ظاهرة تحدث لكثير من الناس ، حيث يشعرون وكأنهم عاشوا الأحداث من قبل وأنها ليست تحدث لأول مرة ، ولهذه الظاهرة عدة تفسيرات لسبب حدوثها ، وقد اختلف كثير في تفسير ظاهرة الديجافو وسبب حدوثها ، ما جعل الباحث الإنجليزي فريدريك دبليو يقول : إن الظاهرة ترجع إلى أن العقل اللاشعوري ـ أو الباطن ـ يسجل معلومات في فترة قريبة مع العقل الواعي؛ لذا يتوهم الشخص أنه مر بالتجربة. ويقول العالم الشهير تشارلز ديكنز كلنا مررنا بهذا الشعور.. حيث نشعر أن ما نقوله أو نفعله قد تم قوله أو فعله سابقاً.. بنفس الوجوه حولنا.. بنفس ترتيب الأحداث.. بنفس كل التفاصيل حتى أننا نستطيع تذكر ما سيقال بعد لحظات!. وقالت طبيبة نفسية أمريكية إن ظاهرة مشاهدة الأحداث والاعتقاد أن مشاهديها عاشوها من قبل ( ديجا فو ) مرتبطة بالذاكرة وبقدرتها على الإدراك. وجاء في تقرير نشرته مجلة كارنت دايركشنز إين سايكولوجيكال ساينس للاختصاصية آن كليري من جامعة كولورادو، أن ظاهرة ( ديجا فو) تحدث عندما تتشابه أوجه حادثة حالية بمظاهر أحداث سابقة، مشيرة إلى أنه كلما تشابكت عناصر الحدثين ازداد الشعور بالألفة. ولفتت كليري إلى وجود أوجه شبه كثيرة بين التفسيرات التي أعطيت للظاهرة ونظريات الذاكرة والحس الإدراكي فيها، معتبرة أن نظريات المعرفة بالاستناد إلى الألفة بالإضافة إلى الأبحاث المخبرية، قد تفضي إلى توضيح المسارات الكامنة وراء الظاهرة. وأظهرت دراسات لكليري استخدمت فيها أسماء مشاهير وصورهم، أنه حتى لو لم يتعرف المشاركون على الصورة، فإن اسم الشخصيات بدا أليفا بالنسبة إليهم على الرغم من أنه لم يلفظ أمامهم في وقت سابق. وحصل الأمر ذاته في اختبار استخدمت فيه أسماء مناطق معروفة. وأجرت كليري اختبارات أظهرت أن بعض المواقف أو العناصر قد تؤدي إلى شعور بالألفة، فسماع كلمة بسيطة تشبه عبارة أو رؤية جزء من مشهد شوهد من قبل، قد تثير مشاعر بالألفة. أنواع (الديجا فو)- ( Deja vecu ) و تعني « تم رؤيته سابقاً » و بالأنجليزية «Already seen » وهي أكثر الحالات شيوعاً ، فمعظم البشر مروا بها خصوصاً خلال السن ما بين 15 إلى 25 سنة لأن هذا السن يكون العقل لا يزال قادراً على ملاحظة التغييرات البسيطة في البيئة من حوله و عادة ما يكون الحدث الذي مر بنا حدثا غير مهم إطلاقاً.. ربما يكون حدثا يتكرر يومياً لكننا نقف عنده بأحد المرات كونه مختلفا فيها.. يوجد شعور داخلي أنه يتكرر بصورة كاملة كما أننا عندما نمر بهذه الحالة نتذكر الحدث جيداً بعد ذلك بالرغم من كونه حادثا طبيعيا . ــ ( Deja senti ) و تعني « تم الشعور به سابقاً » أو «Already felt « : و بهذا النوع لا تكون هناك أحداث حولنا نشعر أنها تتكرر فقط بل نفكر ببعض الأفكار أو نحس بشيء ما ونشعر أننا فكرنا بتلك الأفكار أو أحسسنا هذا الشيء سابقا ًفمثلاً تبدأ الحالة بصوت شخص ما حولك أو بجملة قرأتها في كتاب أو حتى أفكار .. و هنا تستدعي شيئا ما حول تلك الجملة أو هذا الصوت أو الأفكار.. ثم تشعر أنك فكرت بها سابقاً أو أن تلك الأفكار مرت بعقلك سابقاً و لكن بعد دقيقة لا تستطيع تذكر السبب الذي بدأت به تلك الأفكار ، وقد سجلت الكثير من الحالات المشابهة التي شعر بها مرضى الصرع بشكل خاص . ( Deja visite ) و تلك أغرب الأنواع و تعني «تم زيارته سابقاً « أو »Already visited » وهي أقل الأنواع انتشارا كما أنه نوع غريب جداً حيث يستطيع المرء معرفة طريقه خلال مدينة يزورها لأول مرة مع معرفته أن هذا مستحيل!! لكنه يعرفها و يعرف شوارعها و طرقها !! و هناك أنواع أخرى من ظاهرة تدعى ( Jamais vu ) و هي ببساطة أن تكون بمكان تعرفه جيداً و دون مقدمات تشعر أنك غريب على هذا المكان .و أشهر مثال لتلك الحالة هو ما حدث لـ « ناسينال هوثهورن» « فقد استطاع أن يحصل على قطعة ورق كانت موجودة بداخل قلعة بأنجلترا كتبها ألكسندر بوب قبل 200 عام من هذا الحدث . سؤال بلا جواب ما السبب ؟! لقد خضعت تلك الظاهرة في السنين الأخيرة للكثير من البحث عن سبب لها وقدمت العديد من التفسيرات لشرحها.. بالرغم من أن جميعها لا يقدم شرحاً كاملاً ومقنعاً لها ولكننا سنذكرها هنا فقد يعجبك أحدها وتتخذه تفسيراً مرضياً : فقد قال البعض إن سبب الظاهرة هو تأخر وصول الدم من الفص الأيمن للمخ إلى الفص الأيسر بعد أن يصبح الحدث ذكرى للفص الأيسر.. والبعض الآخر ربطها باضطرابات كهربية بالمخ لأن الظاهرة تتكرر بشكل أكثر لدى المصابين بحالات الصرع والانفصام والقلق .. كما أن هناك عدة تفسيرات تدخل بمجال الغرائب.. كقول البعض إن هذا نوع من التنبؤ بالمستقبل وقول آخرين إن تلك المشاهد مرت بنا في حياة سابقة لحياتنا وهناك من يقول إن الأحلام هي السبب.. فتلك الأحداث قد نكون شاهدناها بحلم ما وعند حدوثها شعرنا أنها حدثت سابقاً ولكن ببعض التفكير البسيط كل الأسباب سنكتشف أنه لا يوجد أي منها يقدم تفسيرا واقعيا وكاملا . فالتفسيرات العلمية لا تفسر كيف نتوقع ما سيحدث باللحظات القادمة.. وتفسيرات كالتنبؤ لا تأتي بأي أساس علمي.. وفكرة حياة سابقة لا تعني أي شيء فكيف يتكرر مشهد بكل أشخاصه بينما من المفترض أن بين كل حياة وأخرى ما لا يقل عن 80 سنة فلابد من أن هناك الكثير من التغيير حدث للأماكن وتطورت مختلف الأشياء.. وحتى الأشخاص من المستحيل أن يكونوا متشابهين وحتى فكرة الأحلام لا تأتي بشيء جديد.. فأي حلم هذا الذي يمنحنا دقة تفاصيل كبيرة كتلك التي نلاحظها عند حدوث « الديجا فلو » علماً بأننا عندما نحلم يهتم عقلنا بالتفاصيل الأساسية بينما يهمل تماماً بناء بقية التفاصيل الدقيقة .. يوجد بعض التفسيرات الأخرى الناتجة عن تفكير بعض الأشخاص كل منهم بمفرده.. ولكنها هي الأخرى لا تقدم تفسيراً مقنعاً أو حتى شبه مقنع .